رئيس حكومة كردستان يشن هجوما حادا على المالكي ووزارة النفط العراقية

برلمان كردستان يستدعي وزير الموارد الطبيعية

TT

تقدم 38 عضوا في البرلمان الكردستاني بطلب إلى الهيئة الرئاسية لاستدعاء وزير الموارد الطبيعية (النفط) بحكومة الإقليم لاستجوابه حول السياسة النفطية التي تتبعها وزارته، في حين شن رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني هجوما شديدا على الحكومة العراقية ووزارة النفط لما وصفه بفرض حصار على المشتقات النفطية المرسلة إلى كردستان.

ففي مذكرة رفعها ثلث أعضاء البرلمان من الكتل النيابية المختلفة دعوا فيها إلى استدعاء وزير الموارد الطبيعية لسؤاله عن السياسة النفطية التي وصفوها بغير الواضحة في الإقليم وأشاروا إلى أن «عملية الإنتاج النفطي في الإقليم تتسع يوما بعد يوم، وأن هناك الكثير من الشركات النفطية التي تعمل بمساحات شاسعة في الإقليم، بعضها تعمل في مرحلة الكشف والتنقيب، في حين هناك شركات وصلت إلى مرحلة الإنتاج الفعلي، ولكن ما يستدعي وقفة من أعضاء البرلمان هو عدم وضوح الخطط والسياسات التي تنتهجها حكومة الإقليم في مجال النفط، إلى جانب عدم تنفيذ الكثير من المواد والفقرات الواردة بقانون النفط والغاز الصادر عن البرلمان الكردستاني برقم 22 لسنة 2007، وأن الوزارة تواصل عمليات التصدير من دون علم البرلمان وتحت مراقبته». وأوردت المذكرة عدة نقاط تتعلق بعدم وضوح الرؤية حول العملية النفطية منها «عدم معرفة الكميات المنتجة من النفط في حقول الإقليم، وبأي سعر تباع، وعملية النقل وكيفية مشاركة الشركات بالعقود النفطية، وكذلك عدم إعادة العوائد النفطية إلى المصارف المحلية بالإقليم». وأشارت المذكرة إلى عدم تخصيص عوائد البترودولار للمناطق التي يستخرج منها النفط والغاز، وعدم تنفيذ الفقرات الواردة بقانون النفط والغاز فيما يتعلق بتأسيس الشركات المحلية للتسويق، وشركة كردستان الوطنية للنفط، وصندوق كردستان للعوائد النفطية وغيرها. وأكد البرلمانيون في مذكرتهم أن «عملية الإنتاج النفطي لم تسهم في حل مشكلة الوقود وارتفاع أسعارها في الإقليم، كما أنها لم تسهم في رفع وتائر عمليات التنمية، وهناك تخبط عشوائي في إعطاء التراخيص للمصافي، إلى جانب مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية لاستغلالها بالعمليات النفطية دون تقديم أي تعويضات لأصحابها، وبناء على ما تقدم وبهدف إحاطة البرلمان بجميع تفاصيل العملية النفطية نطالب باستدعاء وزير الموارد الطبيعية إلى البرلمان لسؤاله عنها».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أكد المستشار الإعلامي لرئاسة البرلمان طارق جوهر سارممي، أن «المذكرة ستدرس من قبل رئاسة البرلمان وستتخذ الإجراءات اللازمة بشأنها، حيث من حق أعضاء البرلمان أن يطالبوا باستدعاء الوزراء لسؤالهم عما يحدث في وزاراتهم، والشيء المفرح أن رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني أكد أثناء زيارته قبل أيام إلى البرلمان استعداد حكومته للتنسيق والتعاون مع البرلمان، وأعلن أنه مستعد للمثول أمام البرلمان وكذلك جميع أعضاء حكومته في حال استدعت الضرورة ذلك». وأضاف سارممي «رغم أن وزير الموارد الطبيعية قد حضر أمام البرلمان لأكثر من مرة، ولكني لا أعتقد أن هناك أي موانع لو مثل مرة أخرى أمام أعضاء البرلمان للرد على أسئلتهم ومقترحاتهم».

وكان رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني قد شن هجوما حادا على الحكومة العراقية ووزارة النفط ببغداد لوقفهما تجهيز كردستان بحصتها من المشتقات النفطية، حيث انتقد الحكومة العراقية التي يترأسها نوري المالكي لأسلوب تعاملها مع كردستان فيما يتعلق بتجهيزها بالوقود، واصفا سياسة الحكومة بهذا المجال بأنها «تتطابق مع سياسات النظام الديكتاتوري السابق من خلال فرض العقوبات الاقتصادية على كردستان وتجويع شعبها». ونقل مصدر في المكتب الإعلامي لمجلس الوزراء لـ«الشرق الأوسط» أن بارزاني تحدث خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء عن السياسة غير الدستورية التي تتعامل بها الحكومة العراقية الحالية مع إقليم كردستان في مجال التجهيز بالوقود، مشددا على «ضرورة أن تلتزم الحكومة العراقية ووزارة النفط بمبدأ شراكة شعب كردستان في الثروات والموارد العراقية، وليس العودة إلى سياسات النظام الديكتاتوري السابق الذي كان يفرض الحصار الاقتصادي كورقة ضغط في صراعاته السياسية، فهذه السياسة لا تتماشى مع مبادئ الدستور العراقي الجديد، وتتعارض مع أسس الشراكة الوطنية، وتسهم كذلك في زيادة الكره الشعبي تجاه الحكومة العراقية الاتحادية، إلى جانب كونها تعيق حركة التنمية الاقتصادية وتقدم العملية السياسية». وأكد بارزاني، أن «حكومة كردستان وشعبها يرفضون سياسة توزيع المكرمات»، والتي كان النظام السابق ينتهجها تجاه العراقيين، بل نحن بحاجة إلى تعميق أسس الشراكة والمساواة كما يقره الدستور، فهذا المنطق وهذه الصيغة بالتعامل مع كردستان قد ولى زمنها، وإن إدارة الحكومة بهذه العقلية واستخدام بعض الأساليب المرفوضة في الصراعات السياسية لم تعد مجدية، وستزيد من مشاعر الكره والحقد على الحكومة العراقية، ولا تتناسب مع دولة تعرف بنفسها بأنها دولة ديمقراطية».

وكشف رئيس حكومة الإقليم عن أن «المصافي العراقية في بيجي والدورة تكرر يوميا بحدود 700 ألف برميل من النفط، وأن حصة كردستان من المشتقات النفطية (البنزين والنفط الأبيض والجاز والنفط الأسود) هي 17 في المائة حسب الاتفاق المبرم بيننا وبينهم عام 2011، وهذا يعني تجهيز كردستان يوميا بـ140 ألف برميل من النفط الخام ومشتقاته، ولكن منذ بداية العام الحالي خفضت النسبة إلى 33 ألف برميل، وتم تخفيض هذه الكمية مرة أخرى بقرار من وزارة النفط مؤخرا إلى 15 ألف برميل، وهذه كميات لا تكفي أبدا لتوفير حاجات المواطنين والمعامل ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، أضف إلى ذلك قيام الحكومة العراقية بممارسة ضغطها على إيران لمنع مرور شاحنات النفط التي تتعاقد عليها حكومة الإقليم مع الدول الأخرى عبر أراضيها كشكل من أشكال الضغط الاقتصادي على كردستان، ولكن إيران رفضت ذلك ونحن نشكرها على موقفها بالسماح لمرور تلك الشاحنات التزاما منها بمبادئ حسن الجوار وحماية مصلحة الشعب الكردستاني».

وختم بارزاني حديثه بالقول، إنه «في ظل صدور قرار الحكومة العراقية بقطع تجهيز الإقليم بالمشتقات النفطية منذ يوم 21 من الشهر الحالي، أصبحنا نعتمد لتلبية حاجاتنا المحلية على إنتاج كميات من النفط بآبارنا المحلية، وبكميات أقل مما هو مقرر كحصة لنا وفق الاتفاقات الموقعة مع الحكومة العراقية والبالغة نسبة 17 في المائة، وسنحاول عبر إنتاج تلك الكمية وتوريد كميات أخرى من المشتقات النفطية من الخارج أن نسد احتياجاتنا المحلية، ولكننا إذا اضطررنا وتحت ضغط السياسة الحالية للحكومة العراقية وحصارها على كردستان، سوف لن نتردد عن تصدير النفط الخام من حقولنا إلى الخارج لتأمين حاجاتنا المحلية، ولذلك ندعو الحكومة العراقية إلى التراجع والتعامل مع شعب كردستان وفقا لمبادئ وأسس الدستور، والتخلي عن الضغط الاقتصادي ونبذ سياسة توزيع المكرمات كما كان يفعل النظام السابق».