صحافة العالم: سيناريو انقسامات وتوتر في جولة الإعادة

نتائج مرسي وشفيق صدمت وسائل الإعلام الاجتماعي

TT

توالت متابعات الصحف الأميركية والبريطانية للانتخابات الرئاسية في مصر، بعد إعلان نتائج الفرز الأولية لصناديق الاقتراع، محذرة من سيناريو يشوبه التوتر في جولة الإعادة بين مرشحي الرئاسة بين الإخوان المسلمين وأنصار النظام المصري السابق، فقالت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية إن الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية مثلت أكبر لحظة استقطاب للمجتمع المصري المنقسم بعد الثورة، إذا لم يعد أمام المصريين سوى الاختيار بين الإسلام السياسي أو عودة الاستقرار مع احتمال عودة ممارسات النظام القديم، وأشار مراسل الصحيفة من القاهرة إلى أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات تركت نشطاء الثورة الليبراليين يتساءلون في حيرة عما أصاب ثورتهم، وقالت الصحيفة إن الفريق أحمد شفيق يظل مرشح الاستقرار والقانون، خاصة لهؤلاء الذين يتخوفون من تزايد نشاط البلطجية والجريمة، ويبدو أنه استفاد أيضا من تخوف الأقباط من صعود الإسلام السياسي.

وفي صحف بريطانيا أمس نقرأ تقارير عن «السيناريو الكابوس» المتمثل بالمواجهة المحتملة في جولة الإعادة بين الإخوان المسلمين وأنصار النظام المصري السابق، أو ما بات يُعرف بـ«الفلول»، ففي صحيفة «غارديان» نطالع تقريرا عن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في مصر التي حظيت اليوم بنصيب واسع من النقد والتحليل والتغطية الإخبارية المعتادة أمس، تقول «غارديان» يقول التحقيق إن ثمة مخاوف من أن تكون مصر مقبلة على أسابيع من التوتر، لا سيما أن كل المؤشرات تقول إن جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد الشهر المقبل ستكون مواجهة حامية الوطيس بين محمد مرسي، مرشح حزب الحرية والعدالة، الذي يمثل الإخوان المسلمين، والفريق أحمد شفيق، آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس السابق، حسني مبارك.

يقول إيان بلاك مراسل «غارديان» من القاهرة: «ما يصفه البعض بالسيناريو الكابوس، يعني أن جولة الإعادة ستكون سمتها الاستقطاب، وربما العنف، بين مرسي، الذي حصد 26 في المائة من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، وشفيق الذي حل ثانيا بنسبة 23 في المائة من أصوات الناخبين بعد فرز 90 في المائة من الأصوات»، وبينما تحرص الصحيفة على تذكيرنا بالشعار الذي تقول إن مرسي كان قد هتف به في أول مهرجان خطابي له إثر ترشيح حزبه له لخوض الانتخابات الرئاسية، حيث قال: «إن القرآن هو دستورنا»، تعيدنا الصحيفة أيضا إلى الوعد الذي كان شفيق قد قطعه على نفسه أمام ناخبيه يوم تعهد لهم بإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد.

وعلى الوتر ذاته، تلعب أيضا صحيفة «فاينانشيال تايمز»، التي تنشر تحقيقا على صفحتها الأولى عن الانتخابات المصرية، جاء بعنوان: «مصر تواجه انقساما خلال جولة الإعادة بين إسلامي وعسكري سابق»، وتركز الصحيفة في تحقيقها على نظرة المعسكرين لبعضهما بعضا، فتقتبس من بيان صادر عن جماعة الإخوان المسلمين تساؤلا عن النتيجة التي حققها شفيق، وإن انضوى على قدر من الحيرة والريبة، إذ تقول: «كيف لـ4 ملايين صوت أن تذهب لشخص كان ضد الثورة وضد الشعب المصري؟».

وقالت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية، في عددها الصادر، أمس، إن «مصر اجتازت أول اختبار ديمقراطي»، في إشارة إلى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في مصر يومي الأربعاء والخميس الماضيين.

ورأت الصحيفة أن هذه الانتخابات كانت «حرة»، كما أنها لم تسجل سوى عدد ضئيل من الانتهاكات.

وأشارت الصحيفة إلى أن التحدي الذي ينتظر المصريين على المدى البعيد سيتمثل في اختيار حكومات مقبلة عبر انتخابات «حرة ونزيهة».

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التناقض بين المرشحين الرئيسيين في الجولة الأولى من الانتخابات، التي أسفرت نتائجها عن صعود مرشحين؛ أحدهما إسلامي والآخر جنرال سابق في حكم مبارك إلى الجولة الثانية، إلا أن هذه الانتخابات منحت المصريين حق التعبير السياسي دون أن تثير انقسامات.

ورأت الصحيفة أن الوضع الحالي في مصر بعد الانتخابات أفضل كثيرا من نظام «القمع العسكري»، الذي تحولت معه المساجد إلى المكان الوحيد للمعارضة، وصاحب ذلك في الوقت نفسه ازدهار روح التطرف الديني هناك، وخصصت صحيفتا «تايمز» و«غارديان» افتتاحيتيهما للتعليق على نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية، فبينما قالت الأولى إن النتائج ليست كارثية على الرغم من أنها شكلت صدمة للنقاد السياسيين في مصر، اعتبرت الثانية إجراءها في أجواء منظمة وسلمية بأنه إنجاز، في حد ذاته، وقالت تايمز إن أول صدمة أن من وصفتهما بالمنافسين المكرسين، وهما عبد المنعم أبو الفتوح القيادي الذي انشق عن «الإخوان»، وعمرو موسى الأمين، العام السابق للجامعة العربية، لم يحققا شيئا في الجولة الأولى، على الرغم من أنهما الوحيدان اللذان أجريا مناظرة تلفزيونية.

وتشير الصحيفة إلى أن المنافسة بين الطرفين (مرسي وشفيق) ربما تحدث استقطابا وعنفا سياسيا، وهو ما لا تحتاجه البلاد، ولفتت الانتباه إلى أن نتائج مرسي وشفيق صدمت وسائل الإعلام الاجتماعية، وهذا ليس مفاجئا، ولكنها تقول إن هاتين الشخصيتين؛ سواء قبلت بذلك الطبقات الوسطى أم لا توحيان بأن الإخوان المسلمين قد يكونون محور القوة الوحيد الذي يستطيع أن يبقي النظام القديم خارج الساحة.

من ناحية أخرى، قال موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» على شبكة الإنترنت، أمس، إن القاهرة تعيش الآن في صراع سياسي كبير بين الفريق أحمد شفيق، الذي تطلق عليه وسائل الإعلام الإسرائيلية الآن لقب «الجنرال»، من جهة والإخوان المسلمين من جهة أخرى، وأضاف موقع الصحيفة أن «الجنرال» نجح في استغلال الأزمات السياسية، التي عاشتها مصر في الفترة الانتقالية وقدم وعودا وحلولا لحل هذه الأزمات، الأمر الذي انعكس إيجابيا عليه في النهاية وأهله لخوض جولة الإعادة أمام محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، بحسب ما نشرته صحيفة «الأهرام» المستقلة. وزعم روعي كيس، الكاتب بالصحيفة، أن القاهرة تعيش سياسيا الآن في أزمة كبيرة، حيث إن نجاح الجنرال في جولة الإعادة يعني، من وجهة نظره، تجدد المواجهات واشتعال الثورة بين الشباب الذين سيشعرون بأن الثورة تسرق منهم. في الوقت ذاته، فإن فوز «الإخوان» يعني دخول الجماعة والبرلمان بصورة عامة في خلاف جذري مع الجيش، وهو الخلاف الذي بات واضحا الآن في ظل الاتهامات، التي يكيلها قادة جماعة الإخوان المسلمين ضد المجلس العسكري.

ونادرا ما ظهر محمد مرسي خلال هذه الحملة كما لم يشارك في المناظرات التي قادها عمرو موسى وأبو الفتوح، لكنه ظهر في بعض الإعلانات التلفزيونية وتقف وراءه جماعة الإخوان المسلمين المنظمة التي يبلغ عمرها 84 عاما في الحياة السياسية المصرية. وقال عصام العريان في مؤتمر صحافي لهذه الجماعة عقد في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس: «إن مرشحهم في المقدمة. وبمشيئة الله سيكون محمد مرسي هو الرئيس المصري المقبل».

أما ارنيستو لوندونو وليلي فاضل فقد أوردا في مقالهما بصحيفة «واشنطن بوست» تصريح الإخوان المسلمين بأن محمد مرسي يتقدم بقية المرشحين في أول انتخابات تنافسية مصرية على منصب الرئيس. وأشارت «واشنطن بوست» إلى أنه في حال فوز محمد مرسي فإن الإخوان المسلمين ستكون لهم الهيمنة الكاملة على الحياة السياسية في مصر. لكن احتمال انتصار مرسي في الجولة الثانية من الانتخابات ستعترضه صعوبات كثيرة فيما يقول المحللون لأن منافسيه سيتكتلون في دعوة ناخبيهم كي يصوتوا ضده.

من جهتها، اهتمت الصحف الفرنسية الصادرة أمس بالمؤشرات الأولية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في مصر، التي جرت يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وكتبت صحيفة «ليبراسيون» أنه من المتوقع ووفقا للمؤشرات الأولية التي لم تؤكدها بعد لجنة الانتخابات الرئاسية أن يخوض غمار جولة الإعادة الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة أمام الفريق أحمد شفيق، رئيس ووزراء مصر الأسبق، مشيرة إلى أن على المصريين الاختيار في الجولة الثانية من الانتخابات بين مرشح من الجماعة ورمز من نظام الرئيس السابق حسني مبارك.

من جانبها، أشارت صحيفة «لوبوان» إلى أنه سيخوض الجولة الثانية من الانتخابات الدكتور محمد مرسى الخيار الثاني لجماعة الإخوان بعد عدم أحقية المهندس خيرت الشاطر في خوض الانتخابات، موضحة أن مرسي استفاد من «الماكينة الانتخابية والقاعدة النشطة» للجماعة المحظورة رسميا منذ أكثر من 50 عاما في مصر، التي حاز حزبها على الأكثرية البرلمانية في الانتخابات التشريعية التي انتهت في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وأضافت أن المرشح الآخر الذي من المتوقع أن ينافس مرسي على عرش الرئاسة هو الفريق شفيق الذي ركز حملته على الأمن والاستقرار، لحشد المصريين الذين يطغى عليهم شعور الإحباط بسبب الاضطراب السياسي وتدهور الوضع الاقتصادي منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك في إطار «الربيع العربي»، من ناحيتها، ركزت صحيفة «لو نوفيل اوبزرفاتور» على الدعوة التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين لدعم مرشحهم في جولة الإعادة لـ«إنقاذ الثورة»، مشيرة إلى هزيمة اثنين من أقوى المرشحين، وهما عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق الأمين العام للجامعة العربية السابق، وعبد المنعم أبو الفتوح، الإسلامي المستقل.