طالباني يناشد قادة الكتل تسريع الحوار وقيادي كردي: المعركة تقترب من الحسم

توقع عودته إلى أربيل خلال أيام لمباحثات مع بارزاني

TT

كاشف الرئيس جلال طالباني الشعب العراقي بمخاطر الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، داعيا البرلمان وقادة الكتل السياسية إلى «الإسراع بإطلاق حوار بناء في جو بعيد عن المناكفات الإعلامية والتهديدات المتبادلة، لوضع حلول عقلانية في إطار الدستور والاتفاقات والتفاهمات السابقة تبعد المخاطر عن البلاد».

وقال طالباني في بيان وجهه إلى الشعب العراقي وتلقت «الشرق الأوسط» نصه: «تواجه العملية السياسية في بلادنا إشكالات واستعصاءات معقدة وشائكة تهدد بشل الاقتصاد، وتعطل مرافق ومؤسسات الدولة، وتعرقل تقديم الخدمات التي يطالب بها شعبنا، عن حق، بتحسينها وتطويرها. وهذا يتطلب وقفة تأمل وتفكير والبحث عن مخرج من التأزم الراهن. وكنت اشترطت، حين موافقتي على قبول منصب رئيس الجمهورية، أن أحظى بقبول ودعم جميع الكتل البرلمانية التي تمثل الشعب، وتعهدت بأن أنأى بنفسي عن الانحياز لطرف دون آخر، منطلقا من المبدأ الدستوري الذي يجعل المواطنين كافة متساوين في الحقوق والواجبات. ومن منطلق الحرص على الصالح العام دعوت إلى اجتماع وطني تطرح فيه الأطراف المختلفة مشاكلها ومطالبها ورؤاها، ثم عرضت ورقة البنود الثمانية التي أرى أنها تشكل أرضية صالحة لإطلاق حوار بناء في جو بعيد عن المناكفات الإعلامية والتهديدات المتبادلة، ويضع حلولا عقلانية في إطار الدستور والاتفاقات والتفاهمات السابقة، حلولا تبعد البلاد عن أخطار المجهول الناجم عن التصعيد والمواجهة». وختم طالباني بيانه بالقول: «إنني على يقين راسخ بأن خطورة الظرف الراهن تستدعي الإسراع في الجلوس على طاولة الحوار الأخوي البناء، وأرى أننا إذا لم نوفق في بدء الحوار فإن ذلك قد يؤدي إلى تعاظم التوتر وتفاقم المخاطر والمشكلات القائمة، ولذا فإنني أناشد زملائي من الذين انتخبهم الشعب لقيادة العملية السياسية للاستجابة لندائي هذا خدمة لوطننا وأمنه واستقراره ومن أجل رفعته ورخاء شعبه».

وتعليقا على هذا البيان، أشار مصدر قيادي كردي إلى أن «الرئيس طالباني لم يحدد في بيانه مقصده من دعوة قادة الكتل والبرلمان العراقي، وهل أن الدعوة هي للمشاركة في المؤتمر الوطني المزمع عقده، أم هي دعوة موجهة للبرلمان والكتل السياسية المتمثلة فيه، ففي ما يتعلق بدعوته للحوار، فإن الحوار قائم، ويجري حاليا بين الكثير من قادة الكتل السياسية العراقية، مثل حوارات (التحالف الكردستاني) مع (العراقية)، و(العراقية) مع الكتلة الصدرية، ومع (التحالف الكردستاني)، حتى بين الكتل الشيعية هناك حوارات، وكلها تركز على البحث عن مخرج من الأزمة السياسية الراهنة، والرئيس طالباني لم يحدد مقصده ولم يسم الأطراف التي يدعوها للحوار».

وأشار المصدر القيادي الكردي الذي طلب التكتم على اسمه، في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الرئيس طالباني «سيعود في غضون الأيام القليلة القادمة إلى كردستان، وسيواصل مباحثاته مع القادة الكرد وفي مقدمتهم الرئيس مسعود بارزاني، وأعتقد أن هذه المباحثات ستكون حاسمة لجهة توضيح الموقف النهائي لطالباني من الأزمة الحالية، خصوصا لجوءه إلى استخدام صلاحياته الدستورية بسحب الثقة من حكومة نوري المالكي، خاصة بعد فشل كل الجهود الرامية إلى الخروج من الأزمة عن طريق المؤتمر الوطني الذي بات أمر انعقاده محالا». وتابع المصدر أن «الحديث عن انعقاد المؤتمر الوطني الذي يتمسك به المالكي أصبح في حكم المستحيل، لأن الأهداف باتت واضحة، فالمالكي يريد من خلال هذا المؤتمر حشد الدعم لنفسه وتطييب خواطر القادة السياسيين من أجل البقاء في منصبه، والقائمة العراقية تريد عقد المؤتمر لمحاسبة المالكي والإطاحة به، و(التحالف الكردستاني) يريد تكريس المؤتمر لدعم مطالبه الأساسية في الدستور، ولذلك فإن الأهداف متضادة، وعليه فإن عدم انعقاده أفضل خصوصا في ظل المشاحنات والصراعات السياسية الحالية».

وشبه القيادي الكردي المعركة السياسية الحالية بمباراة كرة قدم «التي لا تحسمها إلا ركلات الترجيح، فليست هناك فرصة للمساومات أو تقديم التنازلات، لأن الأزمة استفحلت ولا بد أن تنتهي بغالب ومغلوب، ولذلك فأنا أعتقد أن عودة الرئيس طالباني والمباحثات التي سيجريها ستكون حاسمة لجهة إنهاء الأزمة بأقل ضرر، وهو استخدام صلاحياته لسحب الثقة من الحكومة، خاصة بعد فشل جهوده بالدعوة للحوار، ووصول جهود الآخرين بعقد المؤتمر الوطني إلى طريق مسدود، فلا سبيل أمام طالباني الذي له القول الفصل دستوريا سوى استخدام صلاحياته الدستورية لسحب الثقة من حكومة المالكي».

وختم القيادي الكردي تصريحه بالقول «إنه لأمر عجيب أن يقبل رئيس وزراء في دولة ديمقراطية يشدد دستورها على التوافقات الوطنية، أن يستمر في حكم البلاد، خاصة أن ثلاثة من أبرز كتلها السياسية تقف ضده وترفض حكمه، ولعل هذا هو السبب في ترجيح كفة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في صراعه الحالي مع المالكي، حيث نجح بارزاني في حشد الدعم من أغلب قادة الكتل السياسية الرافضة لحكم المالكي وتفرده بالسلطة، ونجح حتى في إحداث شرخ في الصف الشيعي بكسب الكتلة الصدرية إلى جانب الداعين للإطاحة بالمالكي، والأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت».

إلى ذلك، أكد رئيس حركة التغيير الكردية المعارضة، نوشيروان مصطفى أن «هناك حاجة لتشكيل هيئة وطنية كردية تأخذ على عاتقها التفاوض مع بغداد حول المطالب القومية والدستورية»، مشيرا إلى أن حركته «تراقب عن كثب تطورات الأزمة السياسية الحالية في العراق، وستتعامل معها وفقا لتداعياتها ومساراتها». وقال مصطفى في كلمة ألقاها، أمس، بأنصار حركته من التجار والحرفيين بمدن الإقليم: «اقترحنا كحركة التغيير أن تتشكل هيئة وطنية كردية تكون وظيفتها الأساسية هي التفاوض مع بغداد، وجعله شأنا وطنيا وليس حزبيا».