رشيد يعيد تسليط الضوء على «مبعدي المهد».. والمبعدون يحملون السلطة المسؤولية

مستشار عرفات السابق تحت النار.. ويصفه وزير أوقاف السلطة بـ«السارق والخائن»

محمد رشيد (إنترنت)
TT

أعاد محمد رشيد المعروف بخالد سلام مستشار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تسليط الضوء على ملف مبعدي كنيسة المهد، إلى الخارج وغزة، بعدما قال في حوار تلفزيوني على قناة «العربية»، إنهم وقعوا على قرار إبعادهم في 2002 لمدة عام واحد. وقال رشيد، في الحوار الذي يبث على حلقات، وجلب له الكثير من المتاعب، إن مبعدي كنيسة المهد قد وافقوا على الإبعاد وقد وقعوا على ذلك. ورد المبعدون مؤكدين أنهم وقعوا على ورقة معلومات حول حياتهم الشخصية ولم تحمل أي إشارة حول الإبعاد.

وقال فهمي كنعان الناطق باسم المبعدين لـ«الشرق الأوسط»: «وقعنا على ورقة معلومات ولم تكن تحمل إشارة حول الإبعاد». وأصر كنعان على موقفه على الرغم من معلومات مؤكدة تفيد بتوقيع المبعدين على هذه الورقة.

ويعتقد أن الـ26 المبعدين إلى غزة لم يوقعوا إذ اعتبروا داخل وطنهم، غير أن الـ13 الذين أبعدوا إلى دول أوروبية وقعوا على الورقة. والمؤكد أنهم جميعا وافقوا على مبدأ الإبعاد قبل تنفيذه. وحمل الاتفاق إلى المبعدين، في ذلك الوقت، المسؤول الأمني العقيد ربحي عرفات، وعماد النتشة المسؤول في الارتباط المدني، وخيرا المبعدين، فوافقوا على القرار.

وردا على ذلك قال كنعان «نعم وافقنا على مبدأ الإبعاد، لكن كان اتفاقا مشروطا بالعودة بعد عام، لأننا كنا نتعرض لضغوط من محاصرين معنا، ولأننا أردنا إنهاء الحصار على 140 ألف مواطن فلسطيني تحت الاجتياح في بيت لحم، ولأننا بصراحة لم نكن نملك القوة للمواصلة أكثر».

وعاش المبعدون في بداية أبريل (نيسان) 2002 وحتى العاشر من مايو (أيار) 40 يوما من دون طعام وشراب وكهربا وماء ودواء، وكانوا يحصلون على غذائهم من مخزون الكنيسة وما تمكن مواطنون من تهريبه لهم.

وكان أكثر من 100 مسلح قد دخلوا إلى الكنيسة بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي لبيت لحم، وترك الجيش آنذاك ثغرة سمح خلالها للمسلحين بالتجمع في الكنيسة في محاولة لاصطيادهم جميعا، غير أن كثيرا من المطلوبين الأهم على الإطلاق لم يدخلوا إلى الكنيسة، واعتقلوا واغتيلوا في أوقات لاحقة في بيت لحم.

وقال كنعان، إنه بغض النظر عما يقوله رشيد، فإن السلطة تتحمل مسؤولية مباشرة. وأضاف «نريد من السلطة وثيقة الاتفاق، نريد أن نطلع عليها، وحتى رشيد قال إنه اتفاق لعام». وأضاف متسائلا «بعد 10 سنوات من الإبعاد، ألا نحصل على الوثيقة؟!». واستطرد قائلا «نطالب السلطة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها في ما يخص القرار، أو التحرك على المستوى القانوني والدولي لإنهاء معاناة المبعدين».

ويحمل المبعدون الآن السلطة المسؤولية لسببين، لأنها صاحبة السيادة والولاية، ولأنهم رفضوا التفاوض مباشرة مع الجيش الإسرائيلي، وطلبوا من السلطة أن تأخذ مسؤوليتها.

وفعلا فاوض وفد محلي كان يرأسه عضو المجلس الثوري في فتح آنذاك اللواء صلاح التعمري، وآخرون من بيت لحم، الإسرائيليين، بأوامر من الرئيس الراحل ياسر عرفات، قبل أن يكتشفوا أن قناة تفاوض سرية ثانية يقودها رشيد تعمل في مكان آخر، وهو ما رد عليه التعمري بتقديم استقالته، ملمحا في ما بعد إلى أن الثمن الذي وقع عليه رشيد كان كبيرا، إذ كان التفاوض يدور حول إبعاد 6 أشخاص، فإذا بهم 39، وهو ما جعل رشيد منذ البداية محط شكوك واتهامات.

واليوم، فإن حديث رشيد لـ«العربية»، فتح عليه النار من جديد، ليس فقط من قبل المبعدين، ولكن قبل ذلك من قبل قيادة السلطة الفلسطينية، بعدما اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بالفساد قائلا إن ثروته تضخمت. وشن وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمود الهباش هجوما لاذعا على رشيد من على منبر الجمعة، بحضور الرئيس عباس، واصفا إياه بالخائن والسارق.

ورشيد الموجود حاليا في بريطانيا مطلوب للقضاء الفلسطيني بشبهات مالية، لكن حديثه التلفزيوني حرك ملفه بشكل سريع وكبير. وعقدت يوم الخميس الماضي محكمة جرائم الفساد الفلسطينية أولى جلساتها لمحاكمته واثنين من معاونيه، بتهم الفساد. وقرر رئيس المحكمة القاضي حسين عبيات، محاكمة كل من رشيد ووليد النجاب وخالد الفرا، غيابيا، بصفتهم فارين من وجه العدالة. ووجهت النيابة تهم «الاختلاس الجنائي» لرشيد، و«الكسب غير المشروع وغسل الأموال والمساس بالأموال العامة» لهم جميعا.

وطلبت النيابة إدانة المتهمين بإيقاع عقوبة الحبس بالحد الأقصى المنصوص عليه قانونا، وغرامة مالية بقيمة الأموال محل الجريمة، كما طالبت بالحكم على جميع المتهمين بالتضامن والتكافل برصد الأموال المتحصلة لهم عن الجرائم المحددة بلائحة الاتهام والبالغ مجموعها 33 مليونا و496 ألفا، و973 دولارا، وعشرين سنتا، وإلزام جميع المتهمين بدفع رسوم المحكمة ونفقاتها، والحكم بمصادرة ما تم حجزه من أموال وممتلكات منقولة وغير منقولة تعود للمتهمين.

وينفي رشيد هذه التهم، ويقول إن فاسدين يحاكمونه، ردا على طلب السلطة له بالمثول أمام محاكمها. وحاولت السلطة جلب رشيد، لكنها فشلت، وقال النائب العام أحمد المغني إن الإنتربول رفض طلب السلطة جلب رشيد الذي يتحرك بعدة جوازات سفر.