انتخاب ميدفيديف رئيسا للحزب الحاكم في روسيا

سيناريوهات عدة لمستقبل العلاقة بين السلطة والمعارضة في البلاد

TT

انتخب رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، أمس، على رأس حزب «روسيا الموحدة» الحاكم، أثناء مؤتمر استثنائي للحزب في موسكو، خلفا لسلفه فلاديمير بوتين الذي عاد إلى الكرملين. وخلال تصويت برفع الأيدي، انتخب ميدفيديف بإجماع مندوبي الحزب المجتمعين في مبنى تاريخي قريب من الكرملين. وكان هذا الانتخاب متوقعا، خصوصا أن بوتين أعلن بعد انتخابه للرئاسة أنه سيتخلى عن رئاسة الحزب لميدفيديف لأنه واجه حركة احتجاج في الأشهر الأخيرة. وجاء هذا في إطار استمرار تبادل الأدوار بين بوتين وميدفيديف.

وفي كلمته أمام مندوبي الحزب، أعلن ميدفيديف أنه يريد أن يجعل من حزب «روسيا الموحدة» حزبا «أكثر ديمقراطية» و«أكثر انفتاحا»، وشدد على أنه سيولي الشباب «الأولوية المطلقة». إلا أن ميدفيديف أقر مع ذلك بأن «عامل الوهن بدأ يؤثر على الحزب» الذي يهيمن على مجلس النواب الروسي منذ إنشائه في 2003.

وجاء هذا بينما عاد مراقبون في موسكو إلى طرح تنبؤاتهم حول احتمالات انفجار «أزمة سياسية واسعة النطاق» يعزونها إلى استمرار التوتر بين السلطة وفصائل المعارضة «غير الممنهجة»، على حد وصف المصادر الرسمية. ويتوقف المراقبون في العاصمة الروسية عند التقرير الذي أعده ألكسي كودرين وزير المالية السابق وأحد أقرب السياسيين إلى بوتين منذ تسعينات القرن الماضي تحت عنوان «المجتمع والسلطة في ظروف الأزمة السياسية» واستند إليه «مركز التنبؤات الاستراتيجية» الذي أعد البرنامج الذي ولج به الرئيس بوتين فترة ولايته الأولى، في استنتاجاته حول وجود أربعة سيناريوهات لتطور الأحداث في روسيا في المدى القريب. ويقضي السيناريو الأول الذي جاء تحت عنوان «التحديث العاجل» بالحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات وبداية الحوار السياسي بين أنصار التحديث من داخل السلطة ومن يتبنى هذه التوجهات من ممثلي المعارضة. وفسر خبراء المركز الذي يعترفون له بصدق ما قدمه من معلومات وتحذيرات حول احتمالات انفجار السخط الاجتماعي والسياسي في روسيا في نهاية العام الماضي، هذا السيناريو بقولهم إن الحوار بين الطرفين سيتناول دائرة محدودة من القضايا السياسية التي يمكن التوصل بشأنها إلى حلول وسط وبما يسمح بانضمام عدد من ممثلي الأوساط المعارضة إلى منظومة السلطة من أجل تشكيل ائتلاف موسع يضم أكثر العناصر نشاطا وتأييدا لمشروع التحديث. غير أن هناك من يعتبر مثل هذا السيناريو الأكثر طوباوية نظرا لأن الخلافات والمواجهة بين الطرفين قطعت شوطا طويلا من التوتر الذي يزيد من حدته ما اتسمت به من طابع شخصي تمثل في الشعارات التي رفعتها مظاهرات واعتصامات المعارضة على غرار «روسيا من دون بوتين» وما أطلقه الرئيس الروسي على معارضيه من أوصاف مهينة. ومن اللافت أن المعارضة «غير الممنهجة» لا تزال عاجزة عن توحيد صفوفها، بينما تفتقد الرموز ذات الشعبية العريضة التي يمكن أن تؤهلها لإدارة الحوار مع السلطة فضلا عن غياب الرؤية الواضحة المدعوة إلى استقطاب أكبر عدد من المعارضين للنظام القائم بعيدا عن الشعارات التي تطالب برحيل بوتين والإفراج عن عدد من ممثلي الطغمة المالية ممن تورطوا في سرقة ثروات الــــــوطن.

أما السيناريوهات الأخرى التي وردت تحت عنوان «التطور اللاإرادي» أو «بالقصور الذاتي»، و«التحول الراديكالي»، و«الاستجابة السياسية»، فقال التقرير إنها الأكثر احتمالا وواقعية من منظور ما يتوقعه الخبراء من خبو جذوة الحركات الاحتجاجية السياسية تدريجيا وبما يسمح بتطور الأحداث بشكل لا إرادي، وإن كان ذلك لن يسفر عن انتهاء الأزمة السياسية بل إلى مجرد إبطاء وتيرتها. ومضى التقرير ليشير إلى أن الأزمة الاقتصادية وكذلك الجمود السياسي سيقللان من احتمالات التطور اللاإرادي ويفتحان الطريق أمام «التحول الراديكالي» وهو ما يعتبره «مركز التنبؤات الاستراتيجية» الأكثر احتمالا.