البرلمان الأفغاني يصادق على الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة

5 نواب فقط اعترضوا.. واتهامات لإيران بالسعي عبثا للتأثير على التصويت

أفغان تظاهروا في منطقة سعيد آباد، قاطعين الطريق السريع الرابط بين كابل وقندهار، احتجاجا على العمليات العسكرية الليلية، أمس (أ.ب)
TT

صادق البرلمان الأفغاني أمس بغالبية ساحقة على الاتفاقية الاستراتيجية بين أفغانستان والولايات المتحدة بعد 2014 عندما تنسحب قوات حلف شمال الأطلسي من هذا البلد. وقال النائب شكري السخيل: «صوتنا بغالبيتنا على الحلف الاستراتيجي»، موضحا أن «5 فقط» من زملائه «صوتوا ضد» الاتفاقية من أصل نحو 190 نائبا حضروا الجلسة. ويضم البرلمان الأفغاني 249 نائبا.

وقام الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال الشهر الجاري بزيارة إلى كابل حيث وقع مع نظيره الأفغاني حميد كرزاي اتفاقا يكرس العلاقات بعد 2014 عندما ينتهي انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من هذا البلد. ويرسخ اتفاق الشراكة الاستراتيجية الذي وقعه أوباما ونظيره الأفغاني حمدي كرزاي في الثاني من مايو (أيار) التزام الولايات المتحدة في أفغانستان للسنوات العشر التي ستلي انسحاب القوات الأميركية المقاتلة نهاية العام 2014. وينص الاتفاق على السماح للأميركيين بالإبقاء على بعض القوات لتدريب الجنود الأفغان وملاحقة فلول تنظيم القاعدة لكنه لا يلزم واشنطن بنشر أي قوات أو أي تمويل.

إلا أن الاتفاقية أثارت استياء إيران، فقد ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست علنا بها. وصرح مهمان باراست في بيان بعد توقيع الاتفاقية أن «المعاهدة لن تحل المشاكل الأمنية لأفغانستان وستزيد من انعدام الأمن والاستقرار في البلاد». وقال: إن المعاهدة تشكل مصدر «قلق» لإيران «لأن وضع القواعد الأميركية في أفغانستان ليس واضحا، كما لا توجد شفافية في المهمات الأمنية للقوات الأميركية». وأكد أحد النواب بختاش ساياواش أمس أن الدبلوماسية الإيرانية حاولت تقويض الاتفاق. وقال: «لا شك أن إيران حاولت التأثير على التصويت لكن الأمر لم ينجح. كانت هناك اتهامات تحدثت عن ملايين الدولارات التي دفعتها إيران لنواب». وأضاف: «لذلك اختار البرلمان التصويت برفع الأيدي وجهود إيران فشلت».

وكان رئيس مجلس النواب عبد الرؤوف إبراهيمي ذكر بعد توقيع الاتفاق أن سفير طهران في كابل دعا بعض أعضاء مجلس الشورى على عدم التصويت لصالح المعاهدة. من جهته، ذكر مسؤول كبير في الحكومة الأفغانية لوكالة الصحافة الفرنسية مؤخرا أن دبلوماسيين أفغان في طهران «تعرضوا لترهيب متواصل» منذ توقيع المعاهدة مع الولايات المتحدة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته «أنهم يتعرضون للمطاردة من قبل قوات الأمن الإيرانية في كل مكان، كما فرضت قيود على تحركاتهم». وقال: إن «كل ذلك مرده المعاهدة الاستراتيجية (بين الولايات المتحدة وأفغانستان). إنهم غير راضين». وأقر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية جنان موسزاي بوجود «مشاكل» يعاني منها طاقم السفارة في طهران، مضيفا أن الوزارة تحقق في المسألة. وقال موسزاي إن «المشكلة لا تشكل أي خطر على طاقم (سفارتنا) هناك»، لكنه رفض إعطاء تفاصيل إضافية. وقال: إن وزارته تجري محادثات مع طهران لحل المسألة. وأجرى البلدان مفاوضات شاقة منذ نحو عامين للوصول إلى هذا الاتفاق الذي أراد الأميركيون توقيعه قبل قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت في شيكاغو في 20 و21 مايو وركز الحلف خلالها على دوره في أفغانستان على المدى الطويل. وقد صادق قادة الحلف في هذه القمة على خطط لتسليم القوات الأفغانية المسؤولية الأمنية في أفغانستان في منتصف عام 2013. على أن يقتصر عندها دور القوات الدولية على الدعم حتى انسحابها الكامل من البلاد بحلول عام 2014. ولم يتم بعد تحديد عدد القوات الأميركية التي ستظل في أفغانستان بعد عام 2014 أو وضعها، لكن ذلك سيتم ضمن معاهدة أمنية منفصلة.

ومن جهة أخرى، تحدث محللون عن مشكلة تواجه تمويل القوات الأفغانية بعد انسحاب قوات الأطلسي في عام 2014. وكان حلف شمال الأطلسي قد أعلن في قمته الأخيرة بشيكاغو عن تخصيص 4.1 مليار دولار لتمويل قوة من 228 ألفا و500 شرطي وجندي أفغاني، بعد انسحاب القوات الأجنبية. لكن عدد القوات الأفغانية سيبلغ بحلول الخريف المقبل 352 ألف رجل، وهو مستوى قريب من العدد الذي ستكون عليه على الأرجح حتى نهاية 2017. وسيكلف مثل هذا العدد سنويا نحو 6 مليارات دولار. ولاحظ مصدر غربي في كابل «حاليا ينقصنا 2 مليار دولار سنويا». غير أن الجنرال كارستن جاكوبسون المتحدث باسم قوة إيساف التابعة للحلف أكد أنه «لن تكون هناك ثغرة مالية. هذه مسألة مصداقية». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها عن مسؤول أفغاني رفيع المستوى طلب عدم كشف هويته قوله: إن «الولايات المتحدة ستدفع الفرق بين 2014 و2017».

ويشكل تمويل الجيش الأفغاني بعد انسحاب القوات الأجنبية معضلة حقيقية لأعضاء التحالف. والتسوية التي تم التوصل إليها في شيكاغو بعد أشهر من المباحثات، لا تلزم فرديا البلدان التي وقعتها. والفرضية «الدنيا» القائمة على 228 ألفا و500 رجل وتمويل من 4.1 مليار دولار، لم يكتمل تمويلها. فالولايات المتحدة ستساهم بـ2.3 مليار دولار وأفغانستان 500 مليون دولار. وأعلنت ألمانيا وبريطانيا وأستراليا أنها ستساهم في التمويل. لكن لا يزال هناك نقص في المال. وهناك دول أخرى مترددة في الانخراط في الأمر على غرار فرنسا التي «لم ترد» حتى الآن على طلب المساهمة المقدمة من الحلف الأطلسي، بحسب الرئيس فرنسوا هولاند.