الجزائر: البرلمان الجديد يباشر جلساته والإسلاميون ينسحبون بسبب «التزوير»

النواب يختارون «عروبيا» رئيسا للمجلس الجديد

TT

عقد البرلمان الجزائري المنبثق عن انتخابات العاشر من مايو (أيار) الحالي، أولى جلساته أمس، وشهد انسحاب النواب الإسلاميين المتمثلين في تكتل «الجزائر الخضراء» وهم يحملون بطاقات كتب عليها «لا للتزوير» في اتهام للسلطات بتزوير هذه الانتخابات.

وبدأت الفترة التشريعية الجديدة (2012 - 2017) أعمالها رسميا، باتباع الإجراءات البروتوكولية المحددة في الدستور والنظام الداخلي لـ«المجلس الشعبي الوطني»، إذ ترأس اجتماع الافتتاح أكبر البرلمانيين سنا (العربي ولد خليفة) بمساعدة أصغر برلمانيين. والثلاثة ينتمون للحزب الفائز بالأغلبية «جبهة التحرير» الذي يرأسه شرفيا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وشهدت الجلسة اختيار ولد خليفة، رئيسا جديدا للمجلس. ويشغل ولد خليفة خارج الإطار الحزبي، مهمة أخرى هي رئاسة «المجلس الأعلى للغة العربية». ورئيس البرلمان الجديد من مواليد بجاية (250 كلم شرق الجزائر) وشارك في الحكومات في الثمانينات وعين سفيرا لبلاده مرات عدة.

وبدا في البداية أن الاجتماع الأول للبرلمان الجديد عادي، لكن سرعان ما عمت الفوضى القاعة بنهوض نواب «تكتل الجزائر الخضراء» الإسلامي، رافعين بطاقات حمراء موجهة رمزيا للسلطة، على سبيل عقابها على ما يعتبرونه «تزويرا مفضوحا» للانتخابات المثيرة للجدل. وكتب على البطاقات «لا للتزوير». وطلب البرلمانيون الغاضبون من رئيس الاجتماع، ولد خليفة، تمكينهم من إلقاء كلمة بالمناسبة لكنه رفض بحجة أن الجلسة بروتوكولية لا تسمح بمناقشة أي موضوع. وعندها انسحب البرلمانيون وغادروا المكان.

يشار إلى أن «تكتل الجزائر الخضراء» يضم 3 أحزاب إسلامية هي: «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» و«حركة الإصلاح الوطني». وفازت بـ49 مقعدا من 462 مقعدا. وصرح قادة هذه الأحزاب أنهم «من أكبر ضحايا التلاعب بأصوات الناخبين»، وأن حصول حزب جبهة التحرير على الأغلبية «لا يعكس تطلع الجزائريين إلى التغيير ويذهب عكس اتجاه نسيم الربيع العربي».

واللافت أن نواب أهم حزبين معارضين رفضا الانخراط في مسعى «التكتل»، هما «جبهة القوى الاشتراكية» (27 مقعدا) و«حزب العمال» (24 مقعدا). الأول قال: إنه راض على النتيجة التي أفضى إليها الاستحقاق، فيما دان الثاني «التزوير المفضوح».

ولاحظ صحافيون حضروا مراسم افتتاح البرلمان، أن البرلماني عمر غول وزير الأشغال العمومية الذي أنهى الرئيس بوتفليقة مهامه الخميس الماضي، رفض الانسحاب من الجلسة عكس زملائه النواب الإسلاميين المعارضين. فقد بقي جالسا بعد مغادرتهم القاعة. ولما سئل عن تصرفه قال: «فسروه كما تشاءون». وفهم من ذلك أنه «شق عصا الطاعة» عن حزبه (حركة مجتمع السلم) الذي قرر الخروج من الحكومة إلى المعارضة الراديكالية.

وانتخب غول على رأس لائحة مرشحي العاصمة بفارق أصوات كبير نسبيا عن لائحة مرشحي جبهة التحرير. وأقال بوتفليقة الوزراء الستة الذين انتخبوا بسبب استحالة الجمع، قانونا، بين وظيفتين. وتقول مصادر سياسية إن غول تلقى وعودا من الرئيس للاحتفاظ به وزيرا في الحكومة الجديدة، التي سيعلن عنها في غضون أيام. بل إن مقربين من غول نفسه، يرجحون بأن الرئيس سيعينه رئيسا للوزراء خلفا لأحمد أو يحيى أمين عام حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، الفائز بـ68 مقعدا.

ووزع نواب «تكتل الجزائر الخضراء» بيانا على الصحافيين يشرحون فيه موقفهم، جاء فيه أنهم «يتبرأون من من إجراءات (تخص الاجتماع) لا تلزم إلا أصحابها والمشاركين فيها». وجددوا احتجاجهم على نتائج الانتخابات والطعن فيما ترتب عنها و«إدانة الذين تسببوا في التلاعب بها». وأعلنوا بالمقابل، احتفاظهم بـ«حقنا في النضال البرلماني ورفض غلق الساحة السياسية، ومصادرة حق الأجيال في الحرية والكرامة والتداول السلمي على السلطة». وحمل البيان «الجهات الضالعة في عملية التزوير تبعات هذا الصنيع».

في غضون ذلك، أنشأ 16 حزبا معارضا، يطعن في نتائج الانتخابات، «برلمانا شعبيا» موازيا للبرلمان المنتخب تعبيرا عن احتجاجهم على «التزوير». وتم تنصيب «البرلمان» بعد ظهر أمس، بمقر حزب «التجمع الوطني الجمهوري» بالضاحية الغربية للعاصمة. وحصلت الأحزاب الـ16 مجتمعة على 28 مقعدا.