رفعت السعيد لـ«الشرق الأوسط»: إذا فاز الإخوان برئاسة مصر فلن يتركوها

رئيس التجمع حذر من تكرار تجربة إيران وحماس في احتكار السلطة باسم الدين

TT

حذر رئيس حزب التجمع اليساري من تكرار تجربة إيران في احتكار السلطة باسم الدين، وذلك بعد يوم من ظهور النتائج المبدئية لأول انتخابات رئاسية بمصر بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الإخوان إذا فازوا برئاسة مصر، فلن يتركوها. وأضاف أن الإخوان ومعهم جماعات من «التيار المدني المتأسلم»، سيعتبرون معارضة الحكم خروجا عن سلطة الإسلام. وقال السعيد: «نحن أمام يمين مدني ويمين متأسلم».

وفيما يتعلق بالوضع الحالي وقراءته للمشهد بعد النتيجة الأخيرة للانتخابات الرئاسية، بانحصار المنافسة بين مرشح الإخوان، الدكتور محمد مرسي، والمرشح المحسوب على النظام السابق، قال السعيد إن النتيجة تعبير عن ضعف التيار الديمقراطي والليبرالي، وإن هذا ناتج عن عدم قدرة هذا التيار على التوحد سواء في الانتخابات البرلمانية (التي حسمت مطلع هذا العام)، أو في انتخابات الرئاسة التي جرت جولتها الأولى الأسبوع الماضي.

وظهرت دعاوى عديدة تحذر من صعود أحزاب التيار الديني التي أخذت تصريحا بالعمل للمرة الأولى منذ سقوط مبارك، وترويج بعض قيادييها ودعاتها شعارات بتحريم العلمانية والديمقراطية، والترويج للحكم باسم الإسلام. وقال السعيد: «نحن حاولنا قدر الإمكان أن نوحد التيار الديمقراطي والليبرالي وأسهمنا في تشكيل الكتلة المصرية المكونة من ثلاثة أحزاب، هي التجمع والمصريين الأحرار والمصري الاجتماعي، ودفعنا ثمنا غاليا من أجل أن تستمر هذه الكتلة، عندما تشبث البعض بمقاعد وبفرص وبإمكانيات، وتنازلنا حتى تستمر هذه الكتلة»، قائلا إن هذه الكتلة «ما زالت مستمرة ويمكنها أن تلعب دورا أساسيا».

وشاركت ائتلافات الشباب في الثورة بشكل أساسي، لكن هذه الائتلافات لم تتمكن من إيجاد قيادة موحدة لها، مما جعل إمكانية التنسيق معها من الأمور المعقدة. وقال الدكتور رفعت السعيد، عن المشهد الحالي: «لا بد أن نلاحظ أن شباب الثورة لم يتوحد ولم يستطع أن يوجد لنا قائدا أو إنتاج كاريزما تكسب القوى السياسية الأخرى».

وأضاف: «فجأة اكتشفنا أن هناك 36 تجمعا كل منها ينتمي إلى الثورة. ورغم كل التضحيات التي قدمها هؤلاء الشباب ورغم الشجاعة التي بذلوها لم يستطيعوا أن يكونوا شجعانا بينهم وبين أنفسهم، وبعضهم البعض، ويبدو أن (صفحات فيس بوك) لعبت الدور في هذا.. أي في حشد الجماهير ومئات الألوف إلى ميدان التحرير».

وأضاف السعيد أن الاعتماد على صفحات «فيس بوك» فقط غير كاف، قائلا إن «(صفحات فيس بوك) آلة عمياء.. أنت لا تعرف من يحدثك، وكذا من يحدثك لا يعرفك، وبالتالي دخل (الألوف إلى) الميدان دون أن يعرف بعضهم بعضا.. حاولوا أن يعملوا قيادة في البداية لكن هذه القيادة لم تكتمل»، مشيرا إلى أن «هذا حال التيار الليبرالي والديمقراطي».

لكن الرجل الذي يعتبر من أكثر منتقدي التيار الإسلامي وفي القلب منه جماعة الإخوان، وهو نفسه الذي أطلق على هذه التيارات لقب «المتأسلمون»، قال أيضا إنه يوجد انتصاران حقيقيان حدثا في الفترة الأخيرة.. «الانتصار الأول أن الليبرالية أصبحت طرفا في المعركة المصرية الآن»، مشيرا إلى أنه منذ عام مضى، كان الناس يسألون عن معنى ليبرالية. وأضاف: «الآن أصبحت الليبرالية طرفا فاعلا وأساسيا وحاكما في المعركة الوطنية».

وتابع السعيد قائلا إن «المكسب الثاني الذي لا يمكن أن ينكره أحد، وينبغي أن يتذكره الجميع، هو أن الإخوان خسروا 50 في المائة من قوتهم الانتخابية»، مضيفا أن جماعة الإخوان «خسرت 50 في المائة من قواها الانتخابية في معركة الرئاسة، وبعد أن كان لديهم 10 ملايين أصبح لديهم الآن 5 ملايين».

وقال رئيس التجمع عن الوضع الحالي: «نحن أمام يمين مدني ويمين متأسلم»، لافتا إلى سرعة اصطفاف «اليمين المتأسلم»، وراء مرشح الإخوان. وأوضح: «يجب أن نلاحظ سرعة اصطفاف اليمين المتأسلم مع بعضه بعضا، في غمضة عين اختفت الخلافات وأعلن حزب النور (السلفي) أنه مع الإخوان، وكذلك أعلنت الجماعة الإسلامية وحزب الوسط (الإسلامي) أنهما مع الإخوان، وأيضا أعلن عبد المنعم أبو الفتوح (المرشح الرئاسي الإسلامي) أنه مع الإخوان، بما يوحي أن الخلافات بين كل هؤلاء ليست جذرية».

وقال إن سرعة إعلان كل هؤلاء الانحياز للإخوان، يعني أن الأمر لديهم «لا يتطلب تفكيرا أو عمل اجتماع لمعرفة رأي الناس (فيمن يدعمون)»، مشيرا إلى أن البعض يعتقد أن الأصوات التي ذهبت لمرشحين آخرين في الجولة الأولى، يمكن أن تذهب إلى مرسي في الجولة الثانية، وأن هذا أمر غير صحيح.. «وبالتالي سواء فلان أو علان (من المرشحين السابقين) ذهبوا مع الإخوان، فهم طبعا يضيفون إليهم قوة ونفوذا، ولكنهم ليسوا بأعداد رقمية مماثلة لمن صوتوا لهم في الانتخابات (الأخيرة)».

وحصل مرسي على نحو 5 ملايين صوت، بينما حصل أبو الفتوح على نحو 3 ملايين، وقال السعيد: «الذي يقول إن محمد مرسي سيكون معه 8 ملايين صوت، فهذه الحسبة بهذه الطريقة غير صحيحة».

وعن الاختيارات القائمة بين مرسي وشفيق، قال السعيد: «أعتقد أنه لا يمكن لأي إنسان ينادي بالدولة المدنية أن يصوت لمحمد مرسي، ويجب أن نضع في الاعتبار أن محمد مرسي هو مرشح المرشد ومكتب الإرشاد». وعما أعلنته جماعة الإخوان من أنها ستجلس مع القوى الوطنية والثورية للتحالف، شكك السعيد في نوايا الإخوان، وقال: «عمرهم أبدا لم يفوا بوعد أو يحترموا عهدا.. فمن يمكن أن يصدقهم».

وحذر رئيس التجمع من وصول الإخوان إلى الرئاسة، قائلا إن الإخوان «إذا أتوا إلى السلطة فلن يذهبوا، كما حدث حين وصلت حركة حماس في غزة ونظام عمر البشير في السودان، وكما حدث من نظام المرشد في إيران». وأوضح أن الإخوان «لديهم نظرية تقول إنه إذا نجح الأخ مرسي كرئيس للدولة، فليس شخص محمد مرسي هو من نجح، ولا الجماعة هي من نجح، ولكن الإسلام هو من تفيأ السلطة، وأي محاولة لاستلاب السلطة منهم هي خروج عن سلطة الإسلام».

وقال السعيد إن القوى المدنية والديمقراطية تبحث في الوقت الحالي سبل التعامل مع هذا الواقع الجديد. وأضاف: «يجب أن تتفق كل القوى المدنية والديمقراطية للوصول إلى قرار معين، لكن بعد المشاورات الجارية الآن». لكن «أعتقد أننا لن نعطي الفرصة لمحمد مرسي».