غليون يدعو لإعلان «معركة التحرير بالقوة الذاتية» للشعب السوري

القيادة المشتركة للجيش الحر: لم يعد بإمكاننا الالتزام بوقف إطلاق النار.. ولتذهب خطة أنان إلى الجحيم * مصدر رسمي تركي: لا تراجع عن دعم الشعب السوري

مظاهرة تندد بالمجازر في الحولة بحمص أمس (يوتيوب)
TT

دعا رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون، الشعب السوري، أمس، إلى «خوض معركة التحرير»، معتمدا على قواته الذاتية في حال فشل المجتمع الدولي في اتخاذ قرار بشأن سوريا تحت الفصل السابع لمجلس الأمن.. وذلك بعد ساعات من إعلان «القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل» أنه لم يعد بوسع الجيش الحر «الاستمرار بالالتزام بخطة وقف النار التي توسط فيها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية، كوفي أنان، إذا لم يتم إيجاد حل فوري للعنف الذي يمارسه النظام السوري»، ومعلنة أنه «إذا لم يتخذ مجلس الأمن خطوات عاجلة وسريعة لحماية المدنيين، فلتذهب خطة أنان إلى الجحيم».

وقال غليون في مؤتمر صحافي عقده في إسطنبول: «إذا فشل المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته تحت الفصل السابع، لن يكون هناك من خيار أمام الشعب السوري سوى تلبية نداء الواجب وخوض معركة التحرير والكرامة، معتمدا على قواته الذاتية وعلى الثوار المنتشرين في كل أنحاء الوطن، وعلى كتائب الجيش الحر وأصدقائه المخلصين».

وبعد أن استنكر المجزرة التي وقعت في مدينة الحولة بمحافظة حمص، وأوقعت نحو مائة قتيل، قال غليون: «أهيب بالشعب السوري العظيم والجيش السوري الحر الوقوف على أهبة الاستعداد، لأنه لم يعد هناك من وقت نضيعه».

وأضاف: «لم يعد لدى السوريين ما يخسرونه سوى أغلالهم، ولن يتوقفوا عن مسيرتهم الظافرة سوى بعد الإعلان عن ولادة سوريا الديمقراطية الحرة السيدة الأبية».

ودعا المجلس الوطني، فجر أول من أمس (السبت)، إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لبحث الوضع في سوريا، بعد مجزرة الحولة، واتخاذ «القرارات الواجبة لحماية الشعب السوري، بما في ذلك تحت الفصل السابع». والمعروف أن الفصل السابع يتيح استخدام القوة «في حال حصل تهديد للسلام العالمي».

واعتبر غليون أن المجتمع الدولي «لا يزال مترددا وضعيف الإرادة في حماية المدنيين السوريين والقيام بعمل جدي لوقف نزيف الدم، ووضع حد لجرائم النظام، وهذا أثر على عمل المجلس الوطني، وعلى شعور الرأي العام بأن المجلس لا يلبي متطلبات الثورة كما كانوا يتوقعون».

من جانبها، أعلنت «القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل»، في بيان صدر عنها مساء أول من أمس (السبت)، بأنه لم يعد بوسع الجيش الحر «الاستمرار بالالتزام بخطة وقف النار التي توسط فيها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، إذا لم يتم إيجاد حل فوري للعنف الذي يمارسه النظام السوري»، ومعلنة أنه «إذا لم يتخذ مجلس الأمن خطوات عاجلة وسريعة لحماية المدنيين، فلتذهب خطة أنان إلى الجحيم».

إلى ذلك، قال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن كلام غليون عن الاعتماد على الذات «أمر صحي وطبيعي»، مشددا في المقابل على أن ذلك لا يعني أبدا أي تراجع في الموقف التركي لدعم ومساندة قضية الشعب السوري المحقة وتطلعاته المشروعة.

وشدد المصدر على أن خطة أنان هي الفرصة الأخيرة، مشددا على ضرورة تطبيقها ببنودها الستة؛ و«من بينها التفكير في نقل السلطة»، مشيرا: «لا نزال نرى المدافع موجهة نحو المدنيين وآخرها ما جرى في قرية الحولة، وذلك بتأكيد من المراقبين الدوليين، وهذا يعني خرقا فاضحا للمبادرة»، مشددا على ضرورة عدم «الاعتماد على أقوال وتبريرات النظام السوري غير المرفقة بأية دلائل».

وإذ أكد المصدر أنه لا يمكن الانتظار إلى ما لا نهاية، رأى أن «البديل عن خطة أنان هو التدخل الخارجي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (الذي يجيز استخدام القوة العسكرية) وعلى المجتمع الدولي البحث عن بدائل لهذه المبادرة ولا يجوز السكوت عن المجازر وقتل المدنيين إلى ما لا نهاية».

وأشار المصدر إلى أن «قسما من التحفظات التي كانت موجودة (في مجلس الأمن)، كانت ترتكز على إعطاء الفرصة للحل السلمي الداخلي، لكن الظاهر أن لا مفر من قيام هذه الدول بالتخلي عن تحفظاتها لضمان أمن وسلامة المواطنين السوريين».

وفي سياق ذي صلة، قال عضو «المجلس الوطني السوري» محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد الأمر مقتصرا على عدم تطبيق النظام السوري مبادرة أنان التي لم يطبق منها حرفا واحدا، إنما يتحدى العالم كله عبر انتهاك المواثيق الدولية، وارتكابه أبشع وأشنع المجازر على مرأى ومسمع العالم وكله». ورأى أنه «إذا لم يحسم مجلس الأمن الوضع في سوريا، فإن الجيش السوري الحر بات على أهبة الاستعداد للتحرك عسكريا وحسم المعركة على الأرض، ضد العصابات التي تحكم سوريا منذ 49 عاما».

وأكد سرميني أن «نحو الخمسين في المائة من المناطق السورية باتت الآن تحت سيطرة الجيش السوري الحر، رغم السلاح الفردي المتواضع الموجود معه، وما نطلبه اليوم من مجلس الأمن والدول المعنية بوقف نزف الدماء في سوريا هو مد الثوار في سوريا ببعض الأسلحة النوعية، أقلها مضادات للدروع ومضادات للطيران لمواجهتها في حال استخدمت ضد المواطنين». مشددا على أن «الجيش السوري يعيش انهيارا حقيقيا ولذلك يخوض النظام هذه الحرب الشرسة التي يعتبرها حرب حياة أو موت». وأضاف: «لقد اجتزنا نصف الطريق التي كانت شاقة، والنصف المتبقي هو الأسرع نحو انتصار الثورة».

إلى ذلك، أكد نائب رئيس هيئة الأركان في «الجيش السوري الحر»، العقيد عارف الحمود، أن «الجيش الحر ملتزم بالدفاع عن النفس والدفاع عن الأبرياء سواء ضمن خطة كوفي أنان أم من دونها». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد المجزرة، المطلوب من المجتمع الدولي تقديم السلاح والدعم المادي واللوجستي للجيش الحر طريقا وحيدا لإنهاء الأزمة السورية». وقال الحمود: «عندما يسلم للجيش الحر السلاح النوعي الذي يؤمن نوعا من التكافؤ سيبسط سيطرته على معظم أنحاء سوريا، لأن الجيش الحر يمتلك القاعدة الشعبية والأرضية والعزيمة، وعندها سيحرر ما تبقى من الأراضي السورية من عصابات (الرئيس السوري) بشار الأسد، وعندها ستتغير المعادلة». وإذ رأى الحمود أن «هناك شبه استحالة لصدور قرار عن مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع بسبب الموقف الروسي الصيني». شدد على «العمل من خارج مجلس الأمن كما حصل في كوسوفو لإنقاذ الشعب السوري من المجازر التي يرتكبها النظام بشكل ممنهج».

وفي حين وصف عضو «المجلس الوطني السوري» نجيب الغضبان التحركات الدولية الحالية بـ«الخجولة، وليست على مستوى مذبحة الحولة والمذابح الأخرى التي ترتكب يوميا بحق الشعب السوري، وهي أقل بكثير من تضحيات السوريين والحد الأدنى من حقوقهم التي يناضلون من أجلها»، أكد الغضبان لـ«الشرق الأوسط»، أن «الثورة السورية والمجلس الوطني والمعارضة ككل، مضطرين للجوء إلى كل المؤسسات الدولية سواء جامعة الدول العربية أم مجلس الأمن الدولي أم الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك حرصا على الأرواح البشرية، ولكن المؤسف أن كل هذه الجهود لم توقف عمليات القتل والمجازر، وأمام هذه التطورات الخطيرة، فإن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق مجلس الأمن».