الصعود المفاجئ لـ«صباحي» يواجه عراقيل «المحافظين»

يساري يمتلك «كاريزما» أخافت الإسلاميين و«الفلول»

أنصار حمدين صباحي يطلقون شعارات مؤيدة له عقب مؤتمره الصحافي أول من أمس (أ.ب)
TT

بوسامته التي تذكرك بنجوم السينما، يواجه الصعود المفاجئ للمرشح الرئاسي اليساري في مصر، حمدين صباحي، عراقيل من جانب تيار المحافظين من إسلاميين ويمينيين. وأخافت كاريزما صباحي الذي خطف بها قلوب الناخبين خاصة من الشبان والفتيات، كلا من التيار الإسلامي والمحسوبين على النظام السابق، بعد أن حل ثالثا في النتائج غير الرسمية حتى الآن، وراء مرشح الإخوان محمد مرسي والجنرال المحسوب على النظام السابق أحمد شفيق.

وقدم صباحي طعنا في النتائج قبل أن تعلن رسميا خلال الساعات المقبلة. وعقد مؤتمرا صحافيا جماهيريا الليلة قبل الماضية، لكن لوحظ تجاهل القنوات التلفزيونية المصرية له، واقتصر بث المؤتمر على قناة «الجزيرة مباشر مصر»، لكن مع تشويش واضح على الصوت والصورة. وقالت هدى عبد الباسط، المنسقة الإعلامية لحملة صباحي، إن الرجل البالغ من العمر 58 عاما، أصبح يتعرض لحملة شعواء من جانب التيار المحافظ، وأضافت أنها تتوقع مزيدا من التصعيد ضده في الفترة المقبلة، خاصة بعد النتائج التي حققها، لكنها أوضحت أيضا أن عدم نقل القنوات الفضائية المصرية لمؤتمر الليلة قبل الماضية، لم يكن متعمدا، و«يرجع إلى ظهور مشكلة تقنية في البث التلفزيوني من مقره الانتخابي».

وعرف صباحي، خاصة في العقدين الأخيرين كناشط وبرلماني يساري، وترأس لفترة حزب الكرامة وعمل كرئيس تحرير لصحيفة الحزب. وكان من المعارضين الألداء لنظام الرئيس السابق، وأسهم من ميدان التحرير في الاحتجاجات الكبرى التي أسقطت حسني مبارك. وحين تقدم كمرشح مستقل للمنافسة على منصب الرئيس كان أغلب المراقبين يتوقعون فرصا ضعيفة له، خاصة مع وجود ثلاثة مرشحين يساريين آخرين هم أبو العز الحريري وهشام البسطويسي وخالد علي. ومع الالتفاف الجماهيري المتزايد حول صباحي، بدأ القلق يساور خصومه السياسيين المحافظين من تيار رجال الأعمال المحافظ والمنتشر داخل مفاصل التيار الإسلامي ومن يسمون بالفلول.

وأوضحت هدى، قائلة: إن «وسائل الإعلام كانت تتعمد نشر أخبار مؤتمرات صباحي في الذيل، بينما تفرد مساحات كبيرة لمؤتمرات أقل شأنا لمنافسين له»، مضيفة: «نحن ووجهنا بكم من الشائعات في الأسابيع الأخيرة ولم يكن لنا عمل غير تكذيب ما يقال. أكبر شائعة جاءت من التيار المحافظ تقول إن خيرت الشاطر (القيادي الإخواني الكبير) يدعم صباحي ويموله. ونحن اعتبرناها نكتة. لكن كثيرين صدقوها»، مشيرة إلى أن «محاولات تحجيم صباحي ستستمر، لكنه لن يستسلم، فهو مقاتل دائما».

وسجن صباحي حين كان شابا بسبب نشاطه السياسي، ويعتبر صعوده الآن شيئا مشجعا للكتلة الثورية في البلاد. وقدمت أطراف من السياسيين مقترحات تعتبر ضربا من الخيال تطلب من الإخوان سحب مرشحهم لصالح صباحي، باعتبار أن عليه إجماعا شعبيا أكثر من مرسي وشفيق.

وقال مدحت الزاهد، عضو هيئة المكتب في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن صعود حمدين أدى إلى فرض الوفاق عمليا على قطاعات معينة من الناخبين، وأخذ الكتل التصويتية لمرشحي اليسار الثلاثة الآخرين.

وتميز صباحي خلال حملته الانتخابية عن باقي مرشحي اليسار بأنه أحيا فكرة التحالف القومي الإسلامي والناصري الإسلامي، كما أوضح الزاهد قائلا إن التيار الوسطي العريض هو «تيار صباحي»، الذي أصبح مقلقا للقوى المحافظة بعد النتائج المفاجئة التي حققها في الجولة الأولى للانتخابات.

وتابع الزاهد قائلا إن «الإسلاميين (الإخوان وغيرهم) في المراحل الأخيرة من المعركة الانتخابية واجهوا صباحي بشراسة، خاصة حين كانت المؤشرات تقول بقدرته على دخول المربع الذهبي بشكل مفاجئ».

ويقول المراقبون إن الإخوان والقوى الإسلامية الرافضة لترشح الإخواني السابق أبو الفتوح، كانت ترى في البداية أن خوض صباحي الانتخابات سيخصم من الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها أبو الفتوح. وأوضح الزاهد أن تيار الوسطية الإسلامية المطعمة بعناصر قومية وليبرالية كانت كتلتها التصويتية موزعة بين صباحي وأبو الفتوح، مشيرا إلى أنه «في هذه المرحلة لم يكن صعود صباحي يمثل إزعاجا للإخوان ولم يكن يمثل إزعاجا للفلول، لأنه في هذه المرحلة كان أبو الفتوح متقدما وكان مطلوبا دفعه للخلف».

وأحدث التقدم السريع والمفاجئ للمرشح اليساري انقلابا في الحسابات لدى التيار المحافظ. وقال الزاهد إنه بعد مفاجأة صباحي «حدث انقلاب إخواني لأنه أصبح من الممكن أن يعيد صباحي في الجولة الثانية بدلا من مرسي أو أن يعيد مع مرسي. والانقلاب الثاني من مؤسسات الإعلام الرسمية تلك التي تدعم أحمد شفيق بالكامل، ولديها مخاوف من تحول صباحي لزعيم جماهيري يمتلك كتلة تصويتية ضخمة يمكن أن تمثل رمانة ميزان في انتخابات الإعادة وفي التطورات السياسية اللاحقة، ومن هنا أصبح ينبغي حصار حمدين أو دفعه للخلف.

وعقب إعلان النتائج المبدئية أعلن كل من مرسي وشفيق أنهما يرغبان في التعاون مع المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ، لكن صباحي لم يعلن الانحياز لأي منهما، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.