اجتماع وزاري عربي في الدوحة السبت لبحث الأزمة السورية

العالم يواصل ذهوله من «مجزرة الحولة».. واصفا منفذيها بالتجرد من كل القيم الإنسانية والمبادئ

TT

توالت ردود الأفعال الدولية والعربية المنددة بالمجزرة البشعة التي وقعت في بلدة الحولة السورية من قبل قوات النظام السورية، أول من أمس، وبينما أعلن الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن عقد اجتماع وزاري عربي في الدوحة، في الثاني من الشهر المقبل، لبحث الخطوات التي يمكن اتخاذها في مجلس الأمن، إزاء الموقف في سوريا، خاصة بعد المذبحة، ويأتي ذلك بينما أفاد دبلوماسيون بأن مجلس الأمن الدولي اجتمع، مساء أمس، لمناقشة ذات الموضوع. وأوضح العربي في تصريحات له، أمس، أن الاجتماع المقبل يأتي بعد اتصالات مكثفة أجراها مع بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وكوفي أنان، المبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة، مؤكدا على ضرورة محاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين السوريين، التي تجاوزت كل الحدود ولا يمكن السكوت عنها.

ودعا الأمين العام المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن إلى تحمل مسؤوليته، واتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لوقف هذا التصعيد في أعمال العنف والقتل الذي تقوم به العصابات المسلحة والقوات العسكرية النظامية التابعة للحكومة السورية.

ويأتي ذلك بينما أفاد دبلوماسيون بأن مجلس الأمن الدولي اجتمع، مساء أمس، لمناقشة التطورات في سوريا، بعد المجزرة في مدينة الحولة بمحافظة حمص. وكانت روسيا أعلنت في وقت سابق أنها ستعرقل صدور بيان من المجلس في شأن المجزرة بناء على اقتراح بريطاني فرنسي، ما دام رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، الجنرال روبرت مود، لم يتحدث عن هذه القضية أمام المجلس. وتم الاتفاق على أن يستمع أعضاء مجلس الأمن خلال اجتماعهم إلى مداخلة من الجنرال مود.

من جانبه، قال البيت الأبيض إنه أصيب بالذهول من جراء الهجوم الوحشي. وأضاف أن «الهجوم الوحشي بمثابة شاهد دنيء لممارسات نظام غير شرعي»، هو نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأن هذا النظام يرد على احتجاجات سياسية سلمية بهذه «الوحشية التي لا توصف، وغير الإنسانية».

بينما أصدرت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، بيانا، قالت فيه: «الولايات المتحدة تدين بأقوى عبارات ممكنة مذبحة قرية الحولة السورية. وأكد مراقبو الأمم المتحدة أن عشرات من الرجال والنساء والأطفال قتلوا، وأن مئات أصيبوا بجروح في هجوم شرير اشتركت فيه قوات النظام بوابل من المدفعية والدبابات في حي سكني سلمي».

وأضافت: «يجب تعريف الذين ارتكبوا هذا العمل الوحشي، وتجب محاسبتهم. وستعمل الولايات المتحدة مع المجتمع الدولي على تكثيف جهود الضغط على نظام الأسد وعصابته، الذي يحكم بالقتل وبالخوف، والذي يجب أن توضع له نهاية». وختمت كلينتون بيانها بالقول: «إننا نقف مع الشعب السوري، ومع المسيرات السلمية في المدن عبر سوريا التي نزلت إلى الشوارع للتنديد بالمذبحة التي وقعت في الحولة».

لكن السيناتور الجمهوري جون ماكين انتقد ما سماه بـ«عجز سياسات الإدارة الأميركية الخارجية» تجاه «الأشياء الفظيعة التي تحدث في سوريا»، قائلا إن السنوات القليلة الماضية كانت بمثابة «حلقة عار في التاريخ الأميركي»، وذلك لأن الولايات المتحدة لم تصبح أكثر انخراطا وجدية في دعم حركات «التمرد» في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2009.

وجاءت تصريحات ماكين ردا على سؤال لشبكة «فوكس نيوز» حول المشاركة الأميركية في سوريا، حيث أشار إلى اعتقاده أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان يحاول تأجيل اتخاذ قرار بشأن سوريا لما بعد الانتخابات.

من جهته، أوضح السيناتور بن نيلسون، عضو لجنة الدفاع بمجلس الشيوخ الأميركي ورئيس اللجنة الفرعية للقوات الاستراتيجية، عقب مباحثاته مع وزير الخارجية المصري، أمس، بالقاهرة أنه يجب التأكد من أن الوضع في سوريا، المرتبط بإيران سيتم حله بأفضل الطرق الممكنة لوقف إراقة الدماء للأبرياء من مواطني الشعب السوري.

وأضاف أن هناك محادثات حاليا للوصول لهذا الهدف، معربا عن اعتقاده بأن المحادثات مستمرة، ويجب أن تستمر تلك المفاوضات، معربا عن اعتقاده بأنه في مرحلة ما سيكون من الضروري اتخاذ الخطوات اللازمة.

وحول إمكانية القيام بعمل عسكري في سوريا، لم يستبعد السيناتور بن ويلسون ذلك الخيار، ولكنه أوضح أن أي تدخل عسكري هو دائما آخر تحرك يمكن الإقدام عليه وليس الأول، وقال: «هناك نقاشات مستمرة حاليا حول ما الذي يمكن اتخاذه من خطوات لفرض ضغوط على النظام في سوريا، معربا عن الأمل في أن تكون هذه الخطوات ناجحة». وأضاف: «من الصعب أن نكون صبورين بينما يموت أبرياء يوميا، ونعتقد أن ما يجب فعله حاليا هو التأكد من أن الخطوات التي يتم اتخاذها سوف تصل بنا إلى النتائج المرجوة، وليس أن تنتهي بنا إلى مزيد من الصعوبات للشعب السوري والمنطقة».

من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد مذبحة الحولة، وقالت كاثرين أشتون مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان نشر أمس في بروكسل إن «المجتمع الدولي عليه أن يتحدث بصوت واحد ليطالب بوضع حد لإراقة الدماء».

ودعت أشتون المجتمع الدولي للعمل بشكل مشترك لحمل الأسد على الاستقالة، واصفة المذبحة بأنها «بشعة. كما أعلنت اعتزامها إجراء محادثات مع كوفي أنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية لتسوية الأزمة السورية»، مشيرة إلى أنها ستؤكد على دعم الاتحاد الأوروبي له بشكل كامل. كما وجهت الدعوة إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لبحث المسألة السورية.

وفي سياق متصل، استنكرت دول مجلس التعاون الخليجي «المجزرة»، ونقل بيان عن الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني قوله إن دول المجلس الست «تدين وتستنكر المجزرة في بلدة الحولة السورية من قبل القوات النظامية، وتتابع بقلق بالغ التطورات المؤسفة للأحداث الجارية في سوريا».

وأعرب الزياني عن حزن دول مجلس التعاون على الأوضاع السورية، و«استنكارها وإدانتها الشديدين لاستمرار استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الحكومة السورية ضد المدنيين العزل»، داعيا المجتمع الدولي إلى الالتزام بمسؤولياته «لوقف نزيف الدماء في سوريا بشكل يومي».

بينما أعرب مصدر كويتي مسؤول عن أن وزارة الخارجية الكويتية تجري اتصالات على المستوي الإقليمي والدولي للتشاور وحث المجتمع الدولي على وقف سيل الدماء والعمل على توفير الأمن. وأوضح المصدر عبر تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن بلاده «تستنكر الاستخدام المفرط للقوه من قبل النظام السوري ضد شعبه الأعزل».

وأضاف أن الكويت قد باشرت باتخاذ الإجراءات اللازمة، كونها تترأس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية. كما أدان رئيس الوزراء العراقي، نور المالكي، مجزرة الحولة بشدة، واصفا إياها بـ«البشعة»، داعيا إلى «إنجاز التحول الذي يحقق الأهداف المشروعة للشعب السوري». وأدانت الحكومة الأردنية بشدة المجزرة، وأكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة رفضه المطلق لاستخدام القوة والعنف ضد المدنيين العزل.

وبدوره، دعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، الدول الأعضاء إلى إعادة النظر في موقفها من الأحداث في سوريا، وأعرب في بيان عن «إدانته المجزرة الوحشية التي أودت بحياة عشرات الأطفال والنساء والرجال (...)، والتنديد بالجرائم الفظيعة من ذبح للأطفال بعد تقييد أيديهم وقتل المواطنين الأبرياء خلال الأشهر الحرم».

وأضاف أن «منفذي هذه الجرائم تجردوا من كل القيم الإنسانية والمبادئ الدينية»، وطالب بـ«ضرورة معاقبة مرتكبيها»، و«اتخاذ الإجراءات الحازمة والسريعة لوقف عمليات القتل وسفك دماء الأبرياء وإدانة المجازر ضد المدنيين في سوريا». كما دعا «علماء الدين في سوريا والشام إلى إدانة هذه الجرائم الفظيعة».

وأعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن «استيائها» حيال المجزرة، وقالت سارة كرو، المتحدثة باسم المدير العام لليونيسيف، أنطوني ليك، إن «هذه الجريمة الوحشية ضد أطفال صغار لا شأن لهم بهذه المعارك تظهر مجددا أهمية إيجاد حل عاجل للنزاع في سوريا». وأضافت في بيان أن «مجزرة كهذه لا يمكن أن تمر من دون عقاب».

وقد أدان رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، نظام بشار الأسد وجرائمه، مستنكرا «المذبحة الوحشية» التي جرت، مصنفا ما حدث على أنه «يعد من جرائم الحرب»، وأنه «يجب تطبيق العدالة على مرتكبيها ولن تكون هناك حصانة أو فرصة للإفلات من العقاب». وقال شولتز في بيان: «إن مراقبي الأمم المتحدة أكدوا قيام النظام السوري بتلك الأعمال الشنيعة على الرغم من الاتفاق بوقف أعمال العنف وإطلاق النار».

وأكد دعم البرلمان الأوروبي للشعب السوري، كما جدد دعوته للرئيس السوري «إلى التنحي عن السلطة».