موريتانيا: بوادر مواجهة بين السلطتين التنفيذية والقضائية

إثر رفض رئيس المحكمة العليا تنحيته من منصبه وتعيينه سفيرا لدى اليمن

TT

فجر رئيس المحكمة العليا في موريتانيا، السيد ولد الغيلاني، أزمة دستورية، حينما رفض قبول منصب سفير في الجمهورية اليمنية، مفضلا تمسكه بمنصبه الحالي إلى حين انتهاء مأموريته المحددة في خمس سنوات، معتبرا أن تعيينه سفيرا لا يعدو كونه «إقالة مؤدبة».

وكان ولد الغيلاني قد منع أمس من طرف الحرس من الدخول إلى مكتبه في مبنى المحكمة العليا بنواكشوط، وهو ما أثار جدلا واسعا في صفوف الهيئة القضائية والحقوقية في البلاد، الذين اعتبروا منع رئيس السلطة القضائية من مزاولة مهامه «سابقة خطيرة» تهدد بتقويض السلطة القضائية، ذلك أن رئيس المحكمة العليا يستمد قوته من مأموريته التي تمتد خمس سنوات، وبالتالي فهو شخصية اعتبارية تتمتع باستقلالية تامة عن السلطة التنفيذية، ولا يمكن للأخيرة عزله ولا إقالته، حسب الدستور الموريتاني.

وفي هذا السياق، أوضح ولد الغيلاني أن منعه من دخول مكتبه يعتبر «انقلابا على الدستور والقانون إضافة إلى الأعراف والمروءات»، مؤكدا تمسكه بشرعيته كرئيس للمحكمة العليا إلى أن تنتهي مدة مأموريته التي مضت منها سنتان، وبقيت منها ثلاث سنوات، مشيرا إلى أن الرئيس الموريتاني عرض عليه، قيل أيام، منصب سفير لدى اليمن، لكنه أعرب له عن عدم قبوله العرض، حسب قوله.

ودعا رئيس المحكمة العليا، في حضور جمع غفير من رجال الصحافة المحلية والدولية أمام المحكمة العليا، إخوانه من الأسرة القضائية، محامين وقضاة، إضافة إلى المجتمع المدني، مناصرته في قضيته حتى يعود الحق إلى نصابه، كما دعا السلطة التنفيذية إلى كف يدها عن العبث بشؤون القضاء. وأضاف أنه لم يستقل ولن يستقيل من منصبه، كما أنه لن يقبل بتركيع القضاء أو السماح للسلطة التنفيذية بالتلاعب به، موضحا أنه واثق من أن القانون يقف إلى جانبه، وكل المحاولات التي تقوم بها السلطة التنفيذية من أجل تدجين القضاء هو أمر مرفوض، ولا يخدم مصلحة أي جهة، سواء كانت حاكما أو محكوما، على حد قوله.

وأكد ولد الغيلاني، أنه يتحمل جميع التداعيات التي قد تنجم عن موقفه الرافض للإقالة أو الاستقالة من منصبه، وأن التاريخ لن يكتب في صفحاته أنه فرط في القضاء وسمعته، والله على ما يقول شهيد، حسب تعبيره.