فضيحة «نفقات» بطلتها أبرز سياسية مسلمة في بريطانيا

البارونة وارسي تعتذر عن «خطأ غير مقصود».. والمعارضة تطالب بتحقيق

البارونة وارسي
TT

وجد حزب المحافظين، الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم في بريطانيا، نفسه فجأة وسط فضيحة جديدة بطلتها سياسية بارزة كان «انتقاها»، من الجالية المسلمة في البلاد، لتقديمها كعضو في مجلس اللوردات «العريق». وعلى الفور، بدأت الأمر يتفاعل إعلاميا، مما دفع المعارضة العمالية إلى فتح تحقيق.

ومما زاد الأمر تشويقا هو أن القضية تطال البارونة سعيدة وارسي، المولودة في عام 1971، وتعد أول امرأة مسلمة تعين في منصب حكومي في تاريخ بريطانيا. وتفجرت «الفضيحة» بفعل معلومة قدمتها شخصية عربية، وأعادت إلى أذهان البريطانيين أزمة «النفقات» التي كانت أثيرت بقوة قبل نحو ثلاث سنوات، وهزت ثقة المواطنين في السياسيين من كل الأحزاب السياسية، عندما اتضح أن عددا هائلا من السياسيين يسيئون استخدام «النفقات»، وخصوصا بدل الإقامة في العاصمة.

وملخص القضية أن وارسي كانت تلقت مبالغ من الدولة، مقابل إقامتها في العاصمة لكن تكشف أن تلك المبالغ ربما أسيء استخدامها. ويقول صاحب الشقة التي كانت وارسي تقيم فيها في لندن في أواخر عام 2007 ومطلع عام 2008، الآن إنه قد سمح للبارونة وارسي وشخص أصبح لاحقا مستشارها الخاص ويدعى نويد خان، بالمكوث في الشقة الموجودة في منطقة أكتون (غرب لندن) من دون مقابل.

واعتذرت وارسي في بيان عما اسمه «خطأ غير مقصود»، وقالت إنها ارتكبت «خطأ عندما لم تبلغ مجلس اللوردات»، الذي تتمتع بالعضوية فيه، حول الشقة التي كانت تستأجرها، مضيفة أن «الخطأ لم يكن مقصودا»، وإنها «تتحمل المسؤولية كاملة لعدم اتباعها القواعد» السليمة.

لكنها رغم الاعتذار حاولت تقديم توضيحات علها تقلل من تداعيات الأزمة. وقالت وارسي إنها كانت تقدم «مبالغ مناسبة» تعادل ما كانت تدفعه حينها عندما تقيم في فندق. وحسب الصحافة، كان يسمح لأعضاء مجلس اللوردات المقيمين خارج لندن، بالمطالبة بما يصل إلى 165 جنيها إسترلينيا مقابل كل ليلة يقضونها في العاصمة. وقالت وارسي أنها كانت تدفع إلى صديقها (نويد خان) الذي كان بدوره ستأجر الشقة. لكن صاحب الشقة، وهو طبيب مصري يدعى مصطفى وفيق، قال إنه لم يحصل أبدا على أي مبالغ منها. ونقلت «بي بي سي» أمس عن مصطفى قوله: «لم أناقش أبدا موضع الدفع مع البارونة وارسي أو نويد خان».

وأوضحت وارسي التي يوجد مقر إقامتها الرئيسي في مدينة ديوسبيري بمنطقة ويست يوركشاير، أنها كانت اشترت شقة في منطقة ويمبلي (شمال غربي لندن) في سبتمبر (أيلول) 2007، لكنها لم تكن جاهزة للانتقال إليها على الفور. وأوضحت أنها كانت تبقى في الشقة مع خان، نحو ليلتين في الأسبوع على مدى ستة أسابيع في بداية عام 2008. لكن الدكتور مصطفى، قال حسبما نقلت عنه الصحافة أمس، إن وارسي بقيت في الشقة أكثر من ستة أسابيع على الأرجح.

وبدوره حاول خان الدفاع عن وارسي وقال إنها كانت تدفع مبالغ (لم يحددها) لتغطية النفقات. ونقلت «بي بي سي» عن خان، وهو مسؤول في حزب المحافظين ويشغل الآن منصب مستشار لدى وارسي، قوله: «في مطلع عام 2008، ولمدة قصيرة بقيت البارونة وارسي معي في الشقة، وأشهد أنها كانت تدفع مبلغا ماليا عن كل فترة».

وتفيد تقارير بأن وفيق ربما استاء عندما طلب من «الشبكة العربية» التي أنشأها داخل حزب المحافظين، بأن تحد علاقاتها مع الحزب، وتم تهديده بإجراء قضائي من قبل البارونة وارسي.

وعلى الفور استغلت المعارضة العمالية الأزمة وطالبت بفتح تحقيق. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية أمس عن تشوكا أومونا، وهو وزير في حكومة الظل العمالية، إنه يجب فتح «تحقيق مستقل مناسب» في القضية. كما طالب النائب العمالي جون مان بفتح تحقيق في القضية التي «تبدو غامضة جدا».

وتأتي هذه القضية لتزيد من ضغوط أخرى تتعرض لها البارونة وارسي، وتتعلق بانتقادها من قبل زملائها السياسيين في حزب المحافظين لعدم دفاعها بقوة وعلانية عن الحزب في قضية الميزانية. وقالت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» إن بعض النواب المحافظين ينظمون بشكل سري حملة من أجل إبدال وارسي بشخصية أخرى تكون «أقدر» منها في الدفاع عن الحزب.