طهران ترد على محادثات بغداد بـ3 مواقف تصعيدية

رفضت زيارة المفتشين موقع بارشين

TT

أعلنت إيران ثلاثة مواقف «تصعيدية» في وقت واحد للرد على كل التصريحات والتكهنات والتساؤلات الغربية بشأن ملفها النووي. وأعلنت أولا رفضها دخول المفتشين الدوليين موقع بارشين الذي يشتبه الغرب في أن الجمهورية الإيرانية أجرت تجارب نووية عسكرية فيه، وثانيا رفضت الموافقة على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% بل وخاطبت الغرب بالقول: «من أنتم لتقبلوا أو ترفضوا» تخصيب اليورانيوم، واختتمت تصعيدها مع الغرب بالإعلان عن بناء محطة نووية جديدة لإنتاج الكهرباء العام المقبل في بوشهر. وبدورها، وصفت واشنطن الموقف الإيراني بـ«الاستفزازي» خصوصا لأنه جاء بعد اختتام المحادثات النووية بين طهران والغرب التي استضافتها العاصمة بغداد الأسبوع الماضي.

ويأتي الموقف الإيراني بعد خيبة الأمل التي شعر بها الإيرانيون من مفاوضات بغداد مع المجموعة الدولية «5+1» (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، حيث توقعوا أن يتم خلالها رفع العقوبات الدولية على بلادهم بسبب برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أن أهدافه ليست سلمية.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لم تقدم أسبابا كافية لزيارة مجمع بارشين، محور شكوك غربية في أن إيران تصنع قنابل نووية رغم إنكار طهران المتكرر أن يكون لديها مثل هذا الطموح.

ورفض مسؤولون إيرانيون السماح بزيارة الموقع في جنوب شرقي طهران قائلين إنه موقع عسكري.

ونقلت وكالة «فارس» للأنباء عن فريدون عباسي دواني رئيس الهيئة الذرية الإيرانية قوله: «لم تقدم الوكالة بعد الأسباب والوثائق التي تقنعنا بإعطاء إذن لهذه الزيارة». وأضاف أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتعرض لضغوط من بعض الدول لتفتيش مجمع بارشين، ولكننا لم نوافق على ذلك حتى الآن».

وأخفقت ست قوى عالمية في إقناع إيران الأسبوع الماضي في بغداد بوقف أكثر أنشطتها النووية حساسية لكنها ستجتمع ثانية في موسكو الشهر المقبل في محاولة لإنهاء الجمود الذي أثار المخاوف من اندلاع حرب.

يشار إلى أن القضيتين الأساسيتين محل المناقشة بين إيران والوكالة الدولية هما تفتيش مجمع بارشين، وعملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%. كما أعلن دواني رفض إيران التخلي عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% استجابة لطلب القوى الغربية خلال محادثات بغداد، وقال: «لا داعي لأن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% لأننا ننتج وقودا بنسبة 20% لحاجاتنا، لا أكثر ولا أقل»، وأضاف: «علينا التحكم كليا في دورة وقود اليورانيوم». وتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% يثير مخاوف الدول الغربية من أن يكون للبرنامج النووي الإيراني هدف عسكري، في حين تؤكد طهران أنه سلمي بحت.

واليورانيوم المخصب حتى 5% يستخدم وقودا للمحطات النووية لإنتاج الكهرباء، وبنسبة 20% لمفاعلات الأبحاث. لكن إن تجاوز التخصيب نسبة 90% فيمكن استخدامه لصنع القنبلة الذرية.

وتساءل عباسي دواني عن أن الدول الكبرى «تقول لنا إنها تقبل بأن تخصب إيران اليورانيوم بنسبة 3.5% أو 5%، لكننا نجيبهم: من أنتم لتقبلوا أو ترفضوا؟».

وذكر بأن إيران بدأت في فبراير (شباط) 2010 تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% لإنتاج وقود لمفاعل الأبحاث في طهران بعد فشل المباحثات حول الحصول على وقود مقابل تسليم قسم من مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بـ3.5%. وتؤكد طهران على الدوام أن حقها في تخصيب اليورانيوم في إطار معاهدة الحد من الانتشار النووي مسألة سيادة «غير قابلة للتفاوض».

كما أعلن دواني أن إيران ستبدأ العام المقبل بناء محطة نووية جديدة لإنتاج الكهرباء في بوشهر، جنوب البلاد، بالقرب من المحطة الحالية التي بنتها روسيا. وقال، كما نقل عنه التلفزيون الرسمي: «ستبني إيران العام المقبل محطة نووية لإنتاج الكهرباء بطاقة ألف ميغاواط»، من دون أن يدلي بتفاصيل إضافية، وأضاف، كما نقلت عنه وكالة «مهر» للأنباء: «سنباشر العام المقبل وضع الخطط» لبناء هذه المحطة التي «ستتعامل فيها إيران مع متعهدين أجانب».

ولم يوضح دواني ما إذا كانت إيران ستستعين مجددا بروسيا التي وافقت على مواصلة التعاون مع طهران في المجال النووي رغم اشتباه المجتمع الدولي في أن طهران تطور برنامجا نوويا عسكريا تحت ستار مدني.

وفي واشنطن، قالت مصادر أميركية رسمية، كانت أعربت أول من أمس عن عدم ارتياحها لما وصفته بأنها «مناورات إيرانية» في مفاوضات بغداد الأخيرة، إن بيانات إيران بعد نهاية مفاوضات بغداد «استفزازية».

واعترف المسؤولون الأميركيون أن الدول الست الكبرى، وهي أعضاء مجلس الأمن الدائمين إضافة إلى ألمانيا، فشلت في إقناع إيران الأسبوع الماضي في بغداد بوقف أعمالها النووية التي يعتقد أنها تهدف لصناعة قنبلة نووية. لكن، هناك أمل عندما يجتمعون مرة أخرى في موسكو الشهر المقبل في محاولة لإنهاء هذه الأزمة التي أثارت المخاوف من اندلاع حرب جديدة يمكن أن تهدد إمدادات النفط العالمية، خاصة إذا ضربت إسرائيل المفاعلات النووية الإيرانية، كما ظلت تهدد.

وكان مسؤولون أميركيون قالوا أول من أمس إنهم لم يفاجأوا بتقرير الأسبوع الماضي الذي أصدرته الوكالة والذي قال إن إيران وضعت مزيدا من أجهزة الطرد المركزي النووي في مفاعل آخر، في «فوردو»، وإن هذه الأجهزة يمكن أن ترفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 27 في المائة.