النظام يتحول إلى العمليات الليلية.. ومزيد من القتلى في يوم الإضراب الذي شمل أسواق العاصمة

العقيد الكردي لـ «الشرق الأوسط»: الأيام المقبلة ستشهد تطورا في العمليات النوعية

صورة مأخوذة من شبكة «شام» لدخان يتصاعد من مبان في مدينة حمص استهدفها قصف الجيش السوري (أ.ف.ب)
TT

بات من الصعب حصر العمليات العسكرية التي تشنها قوات النظام في منطقة سورية دون أخرى، وهذا ما يبدو واضحا من خلال «التكتيك العسكري» الذي تعتمد عليه من خلال استهدافها المدن والأحياء، لا سيما في الليل أو في ساعات الصباح الأولى، الأمر الذي يعكس ازديادا واضحا في عدد القتلى الذين يتكشف صباح كل يوم عنهم.

وهذا ما يلفت إليه العقيد مالك الكردي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام يعتمد على هذا التكتيك العسكري ليلا وخلال ساعات الصباح الأولى، أي في الوقت الذي يعتبر أن عناصره في منأى عن رصد الناشطين و(الجيش الحر)، مستغلا بذلك الفرصة لتنفيذ عملياته من دون تمييز بين مدنيين وعسكريين». ويضيف أن «أسلوب القتل والقمع الممنهج واحد، ولا فرق بالنسبة إليه بين مدنيين وعسكريين، هدفه الأساسي هو القضاء على الثورة، وخير دليل على ذلك ما حصل في (مجزرة الحولة)».

وفي حين يؤكد الكردي أن عمليات «الجيش الحر» العسكرية هي دفاعية، يضيف: «التزمنا بخطة أنان كي نثبت للرأي العام كذب النظام وفشلها بعدما ارتكب خلالها النظام المجازر الأكبر ضخامة، وها نحن الآن نترقب ما سيقوم به مجلس الأمن، وعما إذا كان سيتخذ قرارا فاعلا تحت الفصل السابع. لكننا نؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد تطورا ملحوظا في العمليات الدفاعية النوعية».. ورأى الكردي، أن معالم الفتنة المذهبية أصبحت واضحة في سوريا، لا سيما بين القرى الموالية للنظام من جهة والمعارضة من جهة أخرى، وهي تنذر بحرب أهلية لن تكون دول المنطقة بمنأى عنها، وما حصل في لبنان في الفترة الأخيرة ليس إلا دليلا على تداعيات هذا الواقع إذا تأخر المجتمع الدولي في إنقاذ الشعب السوري ومساندة الثورة.

وشبه الكردي وجود «الجيش الحر» في المناطق السورية، بوجود حزب الله في الجنوب اللبناني خلال الاحتلال الإسرائيلي بالقول: «احتلال كامل للمنطقة من قبل إسرائيل ومقاومة كاملة من (الجيش الحر) الموجود في كل المناطق السورية ويقوم بعملياته، مع اختلاف في موازين القوى بيننا وبين قوات النظام التي تملك الأسلحة الثقيلة بما فيها المروحيات والدبابات وسلاح المدفعية الذي استخدمه في مجزرة الحولة».

وفي حين أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن سقوط 41 قتيلا بنيران قوات النظام يوم أمس، كحصيلة أولية، أكد الكردي وقوع اشتباكات شرسة بين «الجيش الحر» وقوات النظام في منطقة يبرود في ريف دمشق، والقريبة من الحدود اللبنانية، لمنعهم من الدخول إليها، مضيفا: «يبدو أن هناك تحضيرا لتنفيذ هجوم واسع على هذه المنطقة التي لجأ إليها الجرحى والمصابون من مناطق حمص، وذلك لاقتحامها واعتقال المطلوبين منهم».

وفي هذا الإطار، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى وصول المزيد من التعزيزات العسكرية إلى مدينة يبرود، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب المعارضة المقاتلة، وأسفرت عن سقوط اثنين من الكتائب المعارضة المقاتلة و8 من القوات النظامية وجرح أكثر من 16 عنصرا، 7 منهم في حالة حرجة نقلوا إلى مستشفيات النبك ودير عطية. كما وقعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين في حرستا بريف دمشق والبوكمال ودير الزور.

ويأتي ذلك في الوقت الذي شهد إضرابا عاما نفذ، أمس، في مناطق ومدن سورية عدة، ومنها العاصمة دمشق، احتجاجا على «مجزرة الحولة»، إذ كان لافتا إغلاق أسواق الحريقة ومدحت باشا وسوق الصاغة والبزورية والميدان، وإغلاق معظم محلات سوق الحميدية.

وفي هذا الإطار، قال بسام الملك عضو، غرفة تجارة دمشق، في تصريح له: «إن الإغلاق جاء بناء على دعوة من لجان الأسواق وبمبادرة فردية، دون أن يكون هناك قرار من غرفة تجارة دمشق بالإغلاق». وذكر المرصد أن سوق الحريقة الشهيرة بمدينة دمشق شهدت إضرابا لأول مرة منذ انطلاقة الثورة السورية وأغلق قسم كبير من المتاجر أبوابه، وذلك احتجاجا على «مجزرة الحولة»، بينما قامت قوات الأمن بإجبار التجار على فتح أبواب متاجرهم، كما شمل الإضراب سوق باب سريجة وخالد بن الوليد.

وقال أحد المشاركين في الإضراب لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيرا من التجار أغلقوا محالهم وجلسوا أمامها في تحد لقوات الأمن، ومن خاف منهم أطفأ الأنوار ولم يعرض بضاعته كما جرى في سوق الصاغة».

ومع نجاح معظم تجار دمشق في مفاجأة النظام بالإضراب، تصاعدت دعوات الناشطين لتجار حلب كي يحذو حذوهم، لظن سائد لدى الغالبية بأن أي إضراب لن يحقق أهدافه بإسقاط النظام، ما لم تنخرط فيها العاصمة السياسية، دمشق، والعاصمة الاقتصادية، حلب.

وفي دمشق أيضا، لفت المرصد إلى انفجار سيارة للأمن على طريق المحلق الجنوبي بمنطقة المزة، مما أسفر عن إصابة عدد من عناصر الأمن بجروح، مؤكدا سقوط 7 من القوات النظامية بعد منتصف ليل الأحد/ الاثنين، إثر استهداف حافلة كانت تقلهم مساء قرب بلدة تل منين، وإصابة 4 من عناصر الأمن بجراح، بعضهم في حالة خطرة، وذلك إثر انفجار عبوة ناسفة بمنطقة السيدة زينب.

وفي حين أفادت لجان التنسيق الوطنية بتجدد القصف المدفعي على أحياء حمص القديمة وسماع صوت إطلاق رصاص كثيف وانفجارات، سجل انتشار لعناصر قوات النظام في محيط المستشفى الوطني في منطقة الحولة. وأكدت هيئة الثورة السورية أن قصفا عنيفا استهدف جوبر في حمص وهناك مخاوف من اقتحام الحي.

وأفاد المرصد بوقوع قتيل إثر إصابته بإطلاق رصاص في حي الخالدية الذي سمعت فيه أصوات انفجارات إثر سقوط قذائف من قبل القوات النظامية السورية، أمس، كما سمعت أصوات إطلاق رصاص كثيف بالتزامن مع الانفجارات.

وفي حماه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القصف على حماه استمر حتى منتصف ليل الأحد/ الاثنين، مشيرا إلى أن من بين القتلى نساء وأطفالا. وبدورها ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن الدبابات السورية وعربات سلاح المشاة فتحت النار على عدد من أحياء حماه، بعد سلسلة هجمات شنها مقاتلو «الجيش السوري الحر» المعارض على نقاط تفتيش على الطرق ومواقع أخرى تحرسها قوات نظامية.

وفي حلب، أفاد ناشطون سوريون بمقتل 4 أشخاص وإصابة 20 آخرين في اقتحام دبابات الجيش السوري مدينة الأتارب وسط قصف مكثف من الطائرات الحربية، وقتل ما لا يقل عن 3 ضباط وإصابة 19 عسكريا بجراح إثر تفجير عبوة ناسفة بحافلة كانت تقلهم على طريق مطار حلب.

وفي درعا، اقتحمت القوات النظامية بلدة حيط مدعومة بالدبابات والمدرعات وسط إطلاق نار. كما قال ناشطون إن قوات النظام اقتحمت بلدة التريمسة وبدأت بإطلاق نار شديد وعشوائي مع وصول تعزيزات عسكرية وحشود تتجمع بالقرب من قرية الصفصافية.

ودارت في درعا، صباحا اشتباكات عنيفة بين «الجيش الحر» والقوات النظامية السورية التي قصفت عدة قرى وبلدات في محافظة درعا، مثل كفر ناسج وطفس أوانخل وعتمان وداعل، ومناطق أخرى سجل فيها إطلاق كثيف للرصاص وسقوط قذائف، مما أدى إلى تدمير 3 منازل في داعل وحدها نتيجة سقوط قذائف عليها كما وردت أنباء عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في طفس بريف درعا.

وفي إدلب ذكر المرصد أن ناشطا سوريا معارضا سقط إثر إطلاق رصاص عليه من قبل مسلح موال للنظام في بلدة سراقب، ولاحقا عثر على جثمان الأخير على الطريق الدولي قرب سراقب، كما خرجت مظاهرات حاشدة في عدة بلدات وقرى في محافظة إدلب، وأهمها جسر الشغور قرية البشيرية وقرية عين السودة وجوباس والرامي وكفر يحمول وحربنوش وحاس والهبيط، احتجاجا على المجازر إلى يرتكبها النظام بحق أبناء الشعب السوري في كل من حمص وحماه؛ مطالبة بإسقاط النظام السوري ورحيل رئيسه.