سباق الرئاسة المصرية بين مرسي وشفيق رسمياً

شفيق يدعو البرادعي ليكون مستشارا له * أبو الفتوح: الانتخابات غير نزيهة ووارد إعادتها * موسى: لن نسمح بإعادة إنتاج النظام القديم

المستشار فاروق سلطان رئيس لجنة الانتخابات يعلن في مؤتمره الصحافي بالقاهرة أمس نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة (إ.ب.أ)
TT

حسمت لجنة الانتخابات الرئاسية في مصر، رسميا، الجدل حول نتائج الانتخابات، التي جرت الأسبوع الماضي، وأعلنت أمس نتيجة الجولة الأولى، بحصول مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، ورئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق، على أعلى نسبة للأصوات، وخوضهما جولة الإعادة يومي 16 و17 يونيو (حزيران) المقبل، بعد أن رفضت كل الطعون المقدمة إليها.

وبينما رفض المرشح الخاسر عبد المنعم أبو الفتوح النتيجة، معتبرا أنها «غير نزيهة»، واصلت أمس قوى وأحزاب مدنية مشاورتها لحسم موقفها حول دعم أي من المرشحين الفائزين في جولة الإعادة، وأعلنت عن نيتها إعداد «وثيقة مدنية جديدة» يتم عرضها على المرشحين للالتزام بها أيا كان الفائز.

وقال المستشار فاروق سلطان، رئيس لجنة الانتخابات، إن محمد مرسي، مرشح «الإخوان»، حصل على أعلى الأصوات بـ5 ملايين و764 ألفا و952 صوتا، يليه الفريق أحمد شفيق بـ5 ملايين 505 آلاف و327 صوتا، ثم المرشح اليساري حمدين صباحي ثالثا بـ4 ملايين و820 ألفا و273 صوتا، واحتل المركز الرابع الإسلامي المعتدل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وحصل على 4 ملايين و65 ألفا و239 صوتا، في حين جاء الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى خامسا بمليونين و588 ألفا و850 صوتا.

وأعلنت لجنة الانتخابات رفض كل الطعون المقدمة من المرشحين، البالغة 7 طعون، وقالت إن أربعة منها رفضت لعدم تضمنها مسوغا من القانون، وثلاثة لتقديمها بعد الموعد المحدد، موضحا أن اللجنة قامت بفحص أوراق الفرز والتجميع وتبين وجود بعض «الأخطاء المادية لا تؤثر على النتيجة العامة».

ونفى سلطان صحة الشائعات عن إضافة نحو 900 ألف صوت من أفراد القوات المسلحة والشرطة لقاعدة بيانات الناخبين، مؤكدا أن اللجنة فوجئت بوجود أسماء بعض الممنوعين من الاقتراع في قاعدة البيانات وقامت بحصرها وسارعت بطباعة قوائم حمراء اللون بأسماء المستبعدين وزعتها على اللجان قبل اليوم الأول للاقتراع وتقوم الآن باستيفاء الأسماء قبل جولة الإعادة، مشيرا إلى أن نسبة التصويت في الانتخابات بلغت 46.42 في المائة من جملة من يحق لهم الانتخاب، حيث صوت 23 مليونا و672 ألفا و36 ناخبا.

وبينما نفى رئيس اللجنة وجود أي تهديد للانتخابات في ظل عدم الفصل في قانون العزل السياسي من المحكمة الدستورية حتى الآن، وشبهة استبعاد المرشح أحمد شفيق، مشيرا إلى أنه «في حالة صدور قرار من المحكمة الدستورية ستدرس لجنة الانتخابات القرار وقتها» - شهد المؤتمر الصحافي إجراءات أمنية غير مسبوقة خوفا من أي اعتراضات أو مظاهرات على النتائج، حيث حضر اللواء حمدي بدين، قائد قوات الشرطة العسكرية، إلى مقر المؤتمر بالقاهرة، ليشرف بنفسه على تأمين خروج أعضاء اللجنة.

في غضون ذلك، رفض المرشح الخاسر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح النتيجة، مؤكدا أنها «لم تكن نزيهة»، مضيفا في مؤتمر صحافي عقده أمس أنه يرفض النتيجة ولا يعترف بها، زاعما أنه «تم شراء أصوات ومنع مندوبين للمرشحين من دخول اللجان الانتخابية خلال عملية الفرز».

وأوضح أبو الفتوح: «حذرنا منذ أشهر من إدخال المال السياسي لشراء الأصوات واستغلال طيبة أهلنا وبساطتهم، وهذا مسؤولية المجلس العسكري، لكنه لم يقم بها ورأينا جميعا المال السياسي»، موضحا أنه سيظل وفيا لدماء الشهداء وسيظل مستمرا في مشروع «مصر القوية».

من جانبه، قال المرشح الخاسر أيضا عمرو موسى، إنه لن يسمح بإعادة إنتاج النظام القديم مرة أخرى، رافضا أن «تكون هناك لعبة الجنة والنار في الانتخابات الرئاسية»، ومشددا على أن هناك عددا من الأخطاء شابت العملية الانتخابية.

ودعا موسى في مؤتمر صحافي أمس، المرشحين اللذين يدخلان جولة الإعادة، لأن يعلما تماما أن «مصر هي المستقبل، وأنه لا يجب السماح لأحد أن يعيد إنتاج النظام القديم مهما كانت الظروف والتحديات».

وأكد موسى خروجه من معركة الرئاسة مرتاحا لأن مصر خاضت تجربة فريدة في تاريخها، مشيرا إلى أنه منذ اتخاذه قرار الترشح كان حلمه هو بناء مصر كجمهورية قائمة على العدل والمساواة.

من جهتهم، عقد عدد من الأحزاب والقوى المدنية المصرية، اجتماعا طارئا أمس لبحث دعم أي من المرشحين في جولة الإعادة، والخروج مما اعتبرته «مأزقا يواجه مستقبل مصر بعد وصول مرشحين أحدهما يمثل التيار الإسلامي والأخر ينتمي إلى النظام السابق».

وقال الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم عقد اجتماع أمس لممثلي كافة الأحزاب السياسية المدنية، حيث تم استبعاد حزبي «الحرية والعدالة» و«النور»، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تتكفل بإعداد وثيقة الدولة المدنية، يتم فيها التأكيد على الدولة الديمقراطية ومدنيتها والمادة الثانية من الدستور وحماية الأقليات، على أن توقع عليها كافة القوى ويدعى مرشحي الرئاسة للتوقيع عليها، حتى يعلم الشعب المصري توجهات كل منها.

ونفى أبو الغار أن تقرر الأحزاب في النهاية دعم أي من المرشحين، لكنه أكد أنهم كأحزاب مدنية ستضع الناخبين أمام القرار الصحيح عبر هذه الوثيقة، المتوقع الانتهاء منها خلال اجتماع يجرى يوم الأربعاء المقبل.

ومن جهته، قدم حزب الوسط الإسلامي مبادرة مشروطة لوقوف كل القوى الثورية خلف مرشح «الإخوان» محمد مرسي، تقوم على ثلاث نقاط، وهي: تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وفقا لمعايير توافقية، أن يكون شكل الدولة في الدستور الجديد مختلطا «رئاسي - برلماني»، وأخيرا أن يكون رئيس الوزراء بعيدا عن جماعة الإخوان وأن يكون اختياره وفقا للكفاءة.

وأعلنت عدد من الحركات الثورية، منها «الجبهة الحرة للتغيير السلمي»، وشباب حركة كفاية، أنه إذا أراد الإخوان المسلمون مصلحة الوطن وعدم تنصيب أحمد شفيق رئيسا للبلاد، فعليهم أن يبادروا بتقديم ضمانات حقيقية للشعب، تتمثل في: حل جماعة الإخوان وبقاء حزبها الحرية والعدالة، وتقديم اعتذار للشعب المصري عن كافة الأخطاء التي اقترفوها منذ قيام الثورة، والتوافق على معايير اختيار اللجنة التأسيسية للدستور على أن يكون بها 10 في المائة من شباب الثورة، وإعلان عناصر الحكومة القادمة، وحل البرلمان بعد إصدار الدستور الجديد.

وفي السياق ذاته، أثنى الفريق أحمد شفيق المرشح للرئاسة، على الدكتور محمد البرادعي وضرورة الاهتمام بالدستور حاليا، وقال شفيق: «إن ما قاله البرادعي يمثل نافذة ضوء ومنهج تفكير، ويمكن أن نبني عليه جميعا»، مضيفا في بيان له أمس أن «معركة الرئيس بصدد الانتهاء وبلوغ مرحلتها الأخيرة بانتخاب أي من المرشحين اللذين يخوضونها.. لكننا نحتاج بعد ذلك إلى أن نعطي تركيزا متعمقا وتوافقيا، بالمعنى الكامل للمنهج التوافقي، للدستور والتشاور حوله وكتابته».

وشد شفيق على ضرورة مراعاة وضعية المؤسسة العسكرية، قائلا: «لا بد أن يكون أي دستور مصري جديد مراعيا بدقة وتوازن لدور القوات المسلحة ومكانتها، خصوصا أنها التي رعت وساندت الثورة».

ووجه شفيق دعوته للبرادعي للتعاون معه قائلا: «إن من واجبنا أن نستفيد من كل قدرات مصر، وأن تستثمر خبرات أبنائها المرموقين لا سيما أصحاب (نوبل)، ومنهم الدكتور محمد البرادعي.. وطرحت في وسائل إعلام مختلفة رغبتي في أن يكون الدكتور محمد البرادعي مستشارا للدولة».

.