مسيحيو مصر يرفضون اتهامات الإسلاميين بالتصويت الجماعي لشفيق

المؤشرات التصويتية كشفت ميلهم للدولة المدنية أكثر من نظام مبارك

قسان مصريان يدليان بصوتيهما في انتخابات الرئاسة في القاهرة يوم الاربعاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

بينما كشفت المؤشرات التصويتية للمدن والأحياء ذات التواجد المسيحي الكثيف عن ميل مسيحيي مصر لاختيار المرشحين المدنيين وعلى رأسهم الفريق أحمد شفيق وحمدين صباحي، شنت قيادات بأحزاب ذات مرجعية إسلامية هجوما كبيرا على مسيحيي مصر بسبب تأييدهم الواضح لشفيق، وهو ما واجه دفاعا مستميتا من جانب النشطاء المسيحيين، ووصفت الدكتورة منى مكرم عبيد، عضو المجلس الاستشاري، الاتهامات الموجهة للمسحيين بخصوص سلوكهم التصويتي بأنها «مهزلة وعبث في تلك اللحظة المهمة في تاريخ البلاد».

وتقول تقديرات مختلفة إن نسبة مسيحيي مصر من عدد السكان تبلغ من 10% إلى 15%. ويصل عدد سكان مصر إجمالا إلى نحو 85 مليون نسمة. وكانت النتائج شبه الرسمية أظهرت حصول شفيق على نسب تصويت مرتفعة للغاية في محافظات أسيوط، والمنيا وسوهاج وقنا، وهي المحافظات التي تحظى بتواجد مسيحي مكثف مثلها مثل حي شبرا بالقاهرة والذي اكتسحه شفيق بـ76 ألف صوت، ما يعكس ميل مسيحيي مصر للتصويت لصالح الدولة المدنية في المقام الأول أكثر من ميلهم لمرشحي نظام مبارك.

ولم تعلن الكنيسة المصرية موقفا واضحا من مرشحي الرئاسة حيث شددت مرات عدة عن وقوفها على مسافة واحدة من كافة المرشحين، لكن ناشطين قالوا: إن قيادات كنسية وجهت المسيحيين للتصويت لشفيق، وهو ما نفته الكنيسة بشدة على لسان قياداتها.

وقال شهير جورج، وكيل مؤسسي حزب مصر الحرية: «نعم هناك من وجه المسيحيين داخل الكنيسة بسبب وجود تيار داخل الكنيسة قريب من مرشحين بعينهم»، وأضاف جورج «الخطأ هو اعتبار المسيحيين كلهم كتلة واحدة.. ربما صوت كثيرون لشفيق وموسى.. لكن نسبة كبيرة وخاصة شباب المسيحيين صوتوا بكثافة للمرشح الثوري حمدين صباحي».

وفي تصريحات للأنبا باخوميوس، القائم مقام البطريركي ومطران البحيرة، قال: إن بابه مفتوح في أي وقت لكل من لديه دليل وأقوال تفيد تورط أحد رجال الدين المسيحي في توجيه الأقباط لانتخاب مرشح بعينه في المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية.

واعتبر طارق الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، أن ما تردد عن توجيه الكنيسة للأقباط بالتصويت لشفيق خطأ فادح، مطالبا الأقباط بالاعتذار إذ ثبت دعمهم له، بينما أرجع يونس مخيون، النائب البرلماني عن حزب النور السلفي، حصول شفيق على نسبة عالية من الأصوات بسبب التصويت الطائفي له من جانب المسيحيين. وأثارت تصريحات القيادات الإسلامية وغيرها من النشطاء الكثير من الامتعاض والغضب لدى قطاع واسع من المسيحيين، خاصة أنهم شاركوا المسلمين ثورة 25 يناير (كانون الثاني) دون أي تمييز، وتعرضوا للتنكيل في أحداث ماسبيرو، وبالتالي لا يوجد ما يدعو لتصويتهم لمرشحين محسوبين على نظام مبارك.

ويقول مراقبون: إن المسيحيين لم يصوتوا لشفيق بشكل موجه بناء على تعليمات كنسية، بل إلى أنصار الدولة المدنية بشكل عام كشفيق وحمدين صباحي وعمرو موسى، بسبب مخاوفهم من التصويت للتيار الإسلامي المتمثل في المرشح الإخواني محمد مرسي، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، خاصة أن الأخير اجتذب دعم الجماعة الإسلامية والسلفيين، اللذين يتبنيان مواقف متشددة من الأقليات الدينية.

ولفتت حنان فكري، الناشطة القبطية، إلى أن المسيحيين صوتوا لصالح مرشحي الدولة المدنية بسبب مخاوفهم من الإسلام السياسي الذي لم يوجه خطاب طمأنة للمواطن المسيحي حول حقوق المواطنة، وأضافت فكري «المسيحيون صوتوا هربا من الدولة الدينية ولصالح الدولة المدنية» متابعة «المسيحيون والمسلمون صوتوا لشفيق.. ولن نسمح أن نكون كبش فداء لأحد».

وعبر 15 شهرا من ثورة 25 يناير، خرجت تصريحات حادة من جانب قيادات سلفية بخصوص المسيحيين بمصر أو بحق الحريات العامة وفي القلب منها المرأة، وهو ما أثار شكوك قطاع واسع من المسيحيين حول مستقبلهم في مصر، ويسيطر التيار الإسلامي على 70% من مقاعد البرلمان المصري. من جانبها، أوضحت منى مكرم عبيد، عضو المجلس الاستشاري، أن الاتهامات الموجه للمسيحيين بخصوص سلوكهم التصويتي خاطئة تماما وتعتبر عبثا ولعبا على وتر الطائفية، وقالت مكرم عبيد لـ«الشرق الأوسط»: «على الجميع أن يفرغوا من اللعب على الطائفية.. مصر لن تتحمل أي فتنة في الوقت الراهن»، وأضافت عبيد لـ«الشرق الأوسط»: «المسيحيون جزء من نسيج مصر وصوتوا كمصريين لا كمسيحيين».