اللواء قشقوش لـ «الشرق الأوسط»: الرئيس القادم قائد أعلى للجيش حتى لو كان مدنيا

أستاذ الأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية قال إن الأفضل للإسلاميين اتباع النموذج التركي لا الإيراني

اللواء محمد قشقوش
TT

قال اللواء محمد قشقوش، أستاذ الأمن القومي في أكاديمية ناصر العسكرية العليا بمصر، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المجلس العسكري الحاكم يقف على مسافة واحدة من المرشحين للرئاسة: الفريق أحمد شفيق المرشح المستقل، والدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين.

وشدد اللواء قشقوش، وهو أيضا محلل استراتيجي عسكري، على أن نتائج انتخابات الرئاسة المقرر أن تجرى الإعادة فيها منتصف الشهر المقبل، أيا كان من سيفوز فيها، تعتبر خطوة جديدة تنتقل فيها مصر من الشمولية إلى الديمقراطية، مشيرا إلى أن أي دولة ديمقراطية لن ينفرد فيها الرئيس بالقرار، وإنما سيعمل ضمن مؤسسة.

وعن المخاوف من صعوبة تطبيق الديمقراطية كما يريدها غالبية المصريين، وقامت من أجلها ثورة 25 يناير 2011، قال اللواء قشقوش، الذي يرأس كذلك الوحدة الاستراتيجية العسكرية بمجلة «السياسة الدولية»: «نحن في جميع الحالات يجب أن نبدأ الطريق، ولكن يجب أن نهضم الديمقراطية ونجترها، من خلال ائتلاف وأغلبية وأقلية، وليس بالمكابرة»، مضيفا أنه حتى الدول التي كانت اشتراكية أو شيوعية مثل الاتحاد السوفياتي وبولندا وغيرها، وشهدت ثورات من أجل الديمقراطية، لم تستقر فيها التجربة الديمقراطية إلا بالتدريج.

وعما يردده البعض من أن الفريق شفيق ربما يكون مدعوما من المجلس العسكري، قال إن هذا بعيد عن الصحة، مشيرا إلى أن القوات المسلحة لديها حساسية في هذه الجزئية و«هي تريد أن تبتعد عن أي شيء». وأوضح أن السبب في اعتقاد البعض بتحبيذ الفريق شفيق، ربما يرجع إلى أن الرجل (شفيق) كان ذا خلفية العسكرية و«أنا أرى أن المجلس العسكري ليس لديه ما يمنع من أن يأتي من يأتي، ولا أعتقد أن هناك وقوفا خلف سين أو صاد».

وفي ما يتعلق بما إذا كان لدى المجلس العسكري مخاوف من صعود ما يسمى «تيار الإسلام السياسي» وتحويل مصر إلى دولة دينية، قال اللواء قشقوش، إن هذا الأمر لا يتعلق بالمجلس العسكري فقط، ولكن مصر كلها تنظر إلى هذه النقطة، مشيرا إلى أنه يوجد تخوف من تطبيق نموذج الدولة الدينية كما هو الحال في إيران.

وحول التصريحات التي تخرج بين حين وآخر من قيادات للحركة الإسلامية في مصر عن السعي لتطبيق دولة الخلافة أو غيرها من أدبيات بعض الوجوه المحسوبة على «الإخوان» والسلفيين والجماعة الإسلامية، قال اللواء قشقوش إن الكتلة الإسلامية في مصر لم تأخذ فرصة من قبل للعمل، حيث كانت «محظورة ومهمشة» لسنوات طويلة، وربما لهذا السبب حين يتحدث بعض رموز الحركة الإسلامية يتحدث بشكل فيه إقصاء.

وقال قشقوش إنه لو جاءت الرئاسة للكتلة الإسلامية، فلديها نماذج مثل تركيا وإيران، مشيرا إلى أن النموذج الإيراني «ليس ناجحا بشكل كبير». وأضاف أن الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية أمر مطلوب، لكن النموذج الإسلامي التركي «أخذ وقتا طويلا، ولم يظهر النجاح إلا في السنوات العشر الأخيرة.. أنا أرى أن هذا النموذج هو ما يمكن لمصر».

وعن وصول رئيس غير عسكري للحكم في مصر، وتأثيره على قرار الحرب والسلام، قال قشقوش إن الرئيس، بصفته، هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، سواء كان ذا خلفية عسكرية أو مدنية، وبصفته سيوقع القرارات الكبيرة التي سيتخذها، مثل قرار الحرب، فإن مثل هذه القرارات لا تتخذ بشكل فردي، ولكن بشكل مؤسسي، يشارك فيه العسكريون والقادة الكبار.

وفي ما يتعلق بالانتقادات التي صدرت عن بعض الأطراف السياسية ضد المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش، قال قشقوش إن «البعض بالفعل يرى أن الكيان الاقتصادي للجيش، دولة داخل الدولة.. لكن هذه الرؤية غير صحيحة، لأن فكرة تحقيق الاكتفاء الذاتي للقوات المسلحة من أكل وشرب وملابس، تدرجت منذ وضعها (وزير الدفاع الراحل) المشير عبد الحليم أبو غزالة، حتى أصبح (للجيش) كيان اقتصادي كبير، وأسهم في تقديم الفائض للسوق بأسعار مخفضة خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية»، مشيرا إلى أنه من حق الدولة أن تشرف وتراقب وتأخذ الضرائب. وقال: «سلاح المهندسين في الجيش الأميركي يقوم بمشاريع ويدخل في مشاريع عالمية تدر دخلا كبيرا عليه وعلى بلاده».

وعما إذا كانت المؤسسة العسكرية المصرية تشعر بقلق من الدعاوى التي أطلقها بعض البرلمانيين ومن شأنها أن تقلل من مكانة الجيش في الدستور القادم، قال اللواء قشقوش إنه «بالطبع لازم يكون هناك قلق.. القوات المسلحة، في أي دولة، تمثل جزءا كبيرا من هيبة الدولة»، مشددا على أن مصر «رمانة ميزان في المنطقة».

وتابع اللواء قشقوش أن القوات المسلحة خاصة بالشعب، وشرعياتها هي شرعية الشعب، وحين جاءت ثورة 25 يناير 2011 كان أمامها اختياران إما أن تنحاز إلى الشارع المصري أو تنحاز إلى الحاكم، و«انحازت للشارع رغم أن هذا الاختيار كان فيه نوع من الخطورة والمقامرة».

وعما إذا كانت الانتقادات التي يوجهها عدد من النشطاء والسياسيين للمجلس العسكري الحاكم، تتسبب في غضب «العسكري»، أو تفهمه لها، أوضح قشقوش أن «المجلس العسكري يتفهم هذا، ونحن نقول إنه حين يكون لديك حكم شمولي لسنوات طويلة، كأنك كنت تغلق القِدر ثم فتحتها مرة واحدة.. سيكون هناك اتجاهات شتى»، مضيفا أنه «ستأتي فترة يكون فيها نوع من الإشباع».

وأضاف: «لا نقول إن الأداء العسكري في الشارع مائة في المائة، وقد تكون هناك أخطاء»، مشيرا إلى أن بعض المجندين ممن يتم نشرهم في الشارع معتادون على التعامل مع المدفع والدبابة، وقادمون من مشارب ثقافية وتعليمية مختلفة بمصر، ومن بينهم من لا يتحمل أنواعا معينة من الشتائم التي قد يقابلها وهو يقوم بواجبه في الشارع طيلة نحو عام ونصف العام».