السودان وجنوب السودان يستأنفان المفاوضات في أديس أبابا اليوم

الجيش السوداني يعلن أنه سيسحب قواته من منطقة أبيي المتنازع عليها

TT

يستأنف السودان وجنوب السودان اليوم المفاوضات المتوقفة منذ الاشتباكات العسكرية في أبريل (نيسان) الماضي بسبب خلافات البلدين حول القضايا العالقة بينهما منذ انفصال الجنوب في يوليو (تموز) الماضي. ويأتي استئناف هذه المفاوضات بناء على قرار مجلس الأمن الدولي (2046) الصادر في الثاني من مايو (أيار) الحالي. وأكد سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان أن «حوارا وديا مع الخرطوم حول الخلافات يشكل الفرصة الوحيدة لتحقيق السلام»، وفقا لما جاء على موقع حكومته الإلكتروني.وقال العبيد أحمد مروح المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية السودانية لـ«الشرق الأوسط»: «إن بلاده ستشارك في المفاوضات مع دولة جنوب السودان حول القضايا العالقة بين البلدين، برئاسة الرئيس الجنوب الأفريقي السابق ثابو مبيكي من خلال وساطة الاتحاد الأفريقي التي تبدأ غدا (اليوم) في أديس أبابا». وأضاف مروح: «إن السودان ما زال يعتقد أن نجاح هذه المفاوضات يبدأ بالوصول إلى اتفاق حول وقف العدائيات بين البلدين، وإعطاء الملف الأمني أولوية قصوى خلال المباحثات، ومن ثم التطرق إلى بقية ملفات المفاوضات».

ومن جانبه أعرب الرئيس السوداني عمر البشير أنه مستعد لسحب قواته من منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين، وفق تصريحات نقلها عنه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر خلال لقائهما أول من أمس في الخرطوم. وكان جنوب السودان من جهته قد سحب في 10 مايو الماضي 700 شرطي من منطقة أبيي، حسبما أكد ذلك الاتحاد الأفريقي. لكن السودان لجأ في الوقت نفسه إلى مجلس الأمن متهما جنوب السودان بشن عدة هجمات الأسبوع الماضي على بلدات في جنوب دارفور على الأراضي السودانية، في انتهاك لقرار الأمم المتحدة الذي دعا كلا البلدين إلى وقف القتال وتسوية خلافاتهما عن طريق التفاوض تحت طائلة فرض عقوبات. ويتبادل البلدان الاتهامات بشأن دعم مجموعات متمردة في المناطق الحدودية الفاصلة بينهما.

ونددت جوبا بدورها بالقصف المستمر الذي يشنه سلاح الجو السوداني على جنوب السودان، وهو ما تنفيه الخرطوم. وعشية استئناف مرتقب للمفاوضات يهدف إلى إبعاد مخاطر الحرب بين الدولتين الجارتين، اتهمت سلطات جنوب السودان أمس مجددا السودان بالهجوم وقصف أراضيه.

وقال باقان أموم كبير مفاوضي جنوب السودان في تصريحات صحافية «إنهم (السودانيين) يقصفون جنوب السودان ويهاجمون جنوب السودان ويواصلون إرسال قوات مسلحة لزعزعة استقرار جنوب السودان (..) هذه ليست مؤشرات سلام». وكانت الخرطوم نفت قطعيا في السابق اتهامات مماثلة.

وكثف وسيط الاتحاد الأفريقي الرئيس السابق لجنوب أفريقيا ثابو مبيكي، من زياراته بين الخرطوم وجوبا لإقناع العاصمتين باستئناف محادثاتهما اليوم، في حين كان من المفترض أن تبدأ في 16 مايو الحالي، وفق القرار الأممي المعتمد في الثاني من الشهر نفسه. وقال نور الدين مزني الناطق الرسمي باسم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ إن «الاتحاد الأفريقي يبذل كل ما في وسعه على كافة المستويات لإنجاح عملية استئناف هذه المفاوضات لأن السلام هو الحل الوحيد والحرب لا يمكنها أن تقدم حلا».

ومن جهة أخرى، أعلن متحدث عسكري سوداني أمس أن الجيش السوداني سيبدأ اليوم بسحب قواته من منطقة أبيي المتنازع عليها مع دولة جنوب السودان، وذلك تنفيذا لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.

وقال العقيد الصوارمي خالد سعد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية في تصريحات صحافية «سنبدأ (الانسحاب) غدا (اليوم) وسندعو الصحافيين لمشاهدة عملية إعادة الانتشار هذه». والانسحاب الذي سيضع حدا لسنة من الاحتلال، سيبدأ في اليوم نفسه الذي يتوقع أن تستأنف فيه المفاوضات بين السودان وجنوب السودان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برعاية وسيط الاتحاد الأفريقي ثابو مبيكي.

وأوضح سعد أن «السودان قرر إعادة نشر قواته خارج قطاع أبيي بهدف إيجاد مناخ ملائم للمحادثات»، مشيرا إلى طلب من مبيكي بهذا الخصوص. وبعد مواجهات عنيفة في أبريل الماضي أدت إلى الخشية من حرب مفتوحة بين الدولتين الجارتين، دعا مجلس الأمن الدولي الطرفين إلى وقف الأعمال الحربية على طول الحدود بينهما واستئناف المحادثات حول المسائل التي لم تتم تسويتها منذ انفصال الجنوب في يوليو 2011.

وطالب مجلس الأمن الدولي آنذاك من السودان بـ«أن يسحب فورا ودون شروط» جنوده وشرطييه من منطقة أبيي الحدودية في قرار مدد لستة أشهر مهمة قوة الأمم المتحدة في أبيي. وأصدرت القوات المسلحة السودانية بيانا تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس أعلنت فيه قرارها أن تعيد الانتشار خارج حدود إدارية أبيي. وجاء فيه «لقد ظلت الدولة حريصة على حفظ حقوق أبناء المسيرية وممارسة كافة حقوقهم كمواطنين أصليين بمنطقة أبيي، مستعدة لتنفيذ أي ترتيبات تتعلق بالسلم كوضع نهائي للمنطقة ولذلك حرصت على بقاء القوات المسلحة بأبيي لممارسة سيادة الدولة على مناطقها باعتبارها شمالية، ولكن حرصا من الدولة على السلام والاستقرار وتوفير المناخ الملائم لاستئناف التفاوض وبعد أن تقدمت الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثابو مبيكي بمبادرة لسحب قواتنا من أبيي، تقدمت الحكومة بعدد من المطالب بما يضمن سيادة الدولة على المنطقة وحقوق أبناء المسيرية بكاملها في أي حل نهائي لمنطقة أبيي وضمان تضمين برتوكول أبيي الموضوع في إطار اتفاقية نيفاشا واتفاقية الترتيبات الأمنية الموقعة بأديس أبابا في العشرين من يونيو (حزيران) 2011 وضمان أن أي ترتيبات للوضع النهائي لأبيي يشمل كافة الموطنين». وأضاف البيان أنه «بناء على كل ذلك لقد قررت القوات المسلحة أن تعيد انتشارها خارج حدود إدارية أبيي».

يذكر أن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عضو لجنة الحكماء كان قد كشف عن موافقة الخرطوم على سحب قواتها من منطقة أبيي. وأبان كارتر في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الشؤون الخارجية الجزائرية الأسبق الأخضر الإبراهيمي ببيت الضيافة بالخرطوم في ختام زيارته للبلاد أنه التقى بالرئيس السوداني عمر البشير وأن اللقاء تمخض عن موافقة الحكومة على سحب قواتها من منطقة أبيي ودعا الإبراهيمي السودان ودولة الجنوب إلى جعل المفاوضات القادمة منصة للسلام الدائم بين الدولتين.

وحذر الإبراهيمي من خطورة استمرار التوتر والصدام بين الطرفين على الحدود مؤكدا في ذات الوقت دعم لجنة الحكماء لجهود الاتحاد الأفريقي والآلية رفيعة المستوى برئاسة ثابو مبيكي لتحقيق السلام بين السودان ودولة الجنوب.