البرلمان الإيراني يوجه أولى ضرباته لنجاد بالتجديد لرئاسة لاريجاني

حظي بدعم المحافظين الداعين إلى مواقف أكثر حزما مع الرئيس.. وتغلب على صهر خامنئي

TT

وجه مجلس الشورى الإيراني الجديد (البرلمان) لطمة إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بعد أن صوت، أمس، على التجديد لعلي لاريجاني رئيسا للمجلس، إذ يعتبر الأخير واحدا من أشد منتقدي الرئيس الإيراني وسياساته الاقتصادية على وجه الخصوص، ووقف له بالمرصاد خلال رئاسته للبرلمان السابق في كثير من القضايا لا سيما خطط التقشف الحكومية، وتفاقم الصراع بين الطرفين حتى توج باستدعاء الرئيس الإيراني إلى البرلمان لاستجوابه في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية الإسلامية.

وبعد يوم من انعقاد أولى جلسات البرلمان الجديد، الذي تم التصويت لأعضائه خلال الانتخابات التشريعية التي جرت على مرحلتين في مارس (آذار) الماضي ومايو (أيار) الجاري، والتي فاز فيها التيار المحافظ من أنصار المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي فوزا كاسحا، صوت الأعضاء للاريجاني، المقرب من خامنئي، بعد أن تنافس مع غلام علي حداد عادل، المرشح المحافظ أيضا ومستشار وصهر المرشد، لكنه يدعو في نفس الوقت إلى انتهاج خط أكثر اعتدالا إزاء حكومة الرئيس أحمدي نجاد. وفاز لاريجاني في الانتخابات بعد حصوله على 173 صوتا مقابل 100 صوت لحداد عادل من أصل 275 صوتا من إجمالي نواب المجلس البالغ عددهم 290 نائبا.

كما انتخب نواب مجلس الشورى في الجلسة الثانية للدورة التاسعة، محمد رضا باهنر ومحمد حسن أبو ترابي فرد بالترتيب نائبين أول وثاني لرئيس المجلس، بعد أن تنافسا مع حجة الإسلام سالك ومصباحي مقدم. وحصل باهنر على 177 صوتا ليكون النائب الأول، وأبو ترابي فرد على 167 صوتا ليكون النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى الإسلامي. فيما حصل حجة الإسلام مصباحي مقدم على 106 أصوات، وحجة الإسلام سالك على 83 صوتا، وبذلك لم يتمكنا من تسنم منصب نائب الرئيس.

ويحظى لاريجاني (55 عاما) بدعم المحافظين الأكثر تشددا وانتقادا لأحمدي نجاد، الذين يحتفظون بهيمنتهم على البرلمان الجديد، بينما نال حداد عادل (67 عاما)، الذي كان قد اعتبر أن على البرلمان أن يخفف من معارضته للرئيس، تأييد المحافظين المقربين من الحكومة. وكان يعتقد على نطاق واسع بأن حداد عادل سيشغل رئاسة البرلمان الجديد خصوصا أن المنصب ليس بجديد عليه فقد ترأس مجلس الشورى بين عامي 2004 و2008، قبل أن يترك مكانه للاريجاني، كما أنه أفلح بالحصول على أغلبية أصوات العاصمة طهران خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وينتمي لاريجاني إلى أسرة نافذة داخل الحكم المحافظ في إيران، فاحد أشقائه، آية الله صادق لاريجاني، يتولى رئاسة السلطة القضائية، بينما شقيقه الأخير محمد جواد لاريجاني هو مستشار لدى السلطة القضائية لمسائل حقوق الإنسان.

وينظر للاريجاني بقوة باعتباره المرشح الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، بعد انقضاء ولاية أحمدي نجاد، وكان قد ترشح في 2005 إلى الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الأخير. وترأس لاريجاني مجلس الشورى منذ 2008، وكان يشغل قبل ذلك بين العامين 2005 و2007 منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، وكلف بصفته تلك بالمفاوضات مع القوى العظمى حول الملف النووي الإيراني.

وقد أكثر لاريجاني منذ سنتين انتقاداته للرئيس أحمدي نجاد، وخصوصا في المجال الاقتصادي، حيث هاجم البرلمان بشدة السياسة الحكومية. وللمرة الأولى في ظل الجمهورية الإسلامية، استدعى الرئيس أمام البرلمان في مارس (آذار) الماضي لمساءلته من قبل النواب.

وجاء التجديد للاريجاني بعد يوم من افتتاح أعمال مجلس الشورى الإيراني الجديد، حيث حضر أحمدي نجاد المراسم وألقى كلمة سعى من خلالها إلى فتح صفحة جديدة مع أعضاء البرلمان الجدد من خلال حثهم على ضرورة التعاون بين السلطتين التشريعية (البرلمان) والتنفيذية (الحكومة)، إلا أنه لم يفت الرئيس الإيراني توجيه عبارات تحذيرية، حذر من خلالها الأعضاء الجدد من مغبة التدخل في صلاحيات حكومته ومسؤولياتها، خصوصا بعد تجربته المريرة التي خاضها مع البرلمان السابق.

وقال في كلمته، أول من أمس: «ينبغي لمجلس الشورى الإسلامي أن يمارس مهامه في الإشراف دون التدخل في مسؤوليات الآخرين وحدودهم القانونية».

وعلى الرغم من أن لاريجاني لا يتفق مع أحمدي نجاد في سياسته الاقتصادية إلا أنه من أنصار نفس السياسة الخارجية التي يتبعها الأخير، وخاصة فيما يتعلق بالنزاع النووي، لكنه أكثر اعتدالا ومرونة إذا اقتضى الأمر تقديم تنازلات.