الفوضى والبيروقراطية في العراق تهددان مساعدات البنك الدولي لمدارسه

المؤسسة الدولية تفكر بإعادة النظر فيها بسبب عدم إنفاق سوى جزء ضئيل منها

TT

تخاطر الحكومة العراقية حاليا بخسارة ملايين الدولارات خصصها البنك الدولي لإعادة تأهيل المدارس في العراق بسبب الفوضى والبيروقراطية اللتين حالتا دون استخدام هذه الأموال، وتدفعان البنك إلى إعادة النظر في هذه التخصيصات.

والمعضلة التي يتردد صداها في مجتمع المساعدات الدولي هي الاختيار ما بين الاستمرار في تمويل حكومة تحصل على عائدات هائلة من النفط، وتبلغ ميزانيتها 100 مليار دولار، وتحويل المساعدات إلى دول في حاجة أكبر إلى هذه المساعدات. ويتجلى من خلال هذه المعضلة تزايد الحنق من العوائق البيروقراطية والمشكلات التعاقدية في العراق التي حالت دون الاستفادة من الأموال. وأدى تأجيل الإنفاق إلى وقف العمل في مشاريع مدارس، مثل مدرسة الأمين الابتدائية في مدينة بعقوبة (60 كلم شمال شرقي بغداد) التي كانت معقل المتمردين في الماضي.

وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، فإن هذه المدرسة واحدة من آلاف المدارس التي تحتاج إلى إعادة تأهيل في العراق.

ويقول مدير المدرسة عبد الكريم محمد السبتي: «يبدو المبنى مثل سجن لا مدرسة. إنه لا يوفر بيئة تعلم مناسبة». ولا تمثل مساعدات التعليم سوى جزء صغير من المساعدات التي يقدمها البنك الدولي والدول المتبرعة والتي تبلغ 1.3 مليار دولار على هيئة منح وقروض منذ عام 2004 لتمويل مشاريع تتراوح بين مشاريع خاصة بمجال العمل والرفاهية ومشاريع تقدم خدمات طوارئ طبية وحماية البيئة. وكانت الأموال في البداية موجهة للمساعدة في إعادة الإعمار بعد الغزو الأميركي عام 2003، الذي أطاح بنظام صدام حسين، لكن استمرت تلك المساعدات التي يقدمها البنك الدولي بعد أن باتت حاجة البلاد الماسة إلى المساعدة واضحة، نظرا لما واجهته من سنوات العنف.

غير أنه لم يتم إنفاق أكثر من ثلث المساعدات البالغة 469 مليون دولار، وعلى البنك الدولي أن يقرر قريبا ما إذا كان سيمد موعد إنهاء عدد من البرامج بحلول نهاية يونيو (حزيران) أو خسارة المنح المقدمة لإعادة بناء المدارس. وقالت ماري هيلين بريكنيل، مبعوثة البنك الدولي الخاصة إلى العراق: «عندما نتحدث مع الحكومة وعندما نتحدث مع المعنيين بالأمر في البلاد، نحاول أن نوضح لهم أن عدم استغلال هذه الأموال أمر يدعو للأسف». وربما يكون من اللازم إعادة بعض المال وتوزيعه على دول أكثر فقرا، إذا استمر العراق في الاحتفاظ بالمال دون إنفاقه.

كذلك أقر مسؤولو البنك الدولي في بغداد بأن الحكومة العراقية واجهت عقبات كبيرة في محاولة تنفيذ المشاريع، حيث لم يكن هناك برلمان عندما تم منح أول دفعة من المساعدات ولم تكن الحكومة تعمل بكامل طاقتها خلال السنوات التي كانت فيها البلاد على شفا حرب أهلية. وتم تبني بعض المشاريع منذ تولي الحكومة العراقية الجديدة مقاليد الأمور في نهاية عام 2010، لكن البيروقراطية والمشكلات التعاقدية أعاقت إحراز تقدم.

ويعد البنك الدولي أحدث متبرع أجنبي يشعر بالحنق من تراخي العراق في استخدام أموال المساعدات الخاصة بإعادة الإعمار. فقد تم إهدار أموال دافعي الضرائب الأميركيين التي تقدر بمليارات الدولارات على مشاريع إعادة الإعمار منذ الغزو الأميركي. ويقول المدققون الماليون وممثلو الادعاء العام إنه تم إهدار جزء كبير من المال في تعاقدات تشوبها الفساد.