أنان في دمشق مصدوما بـ«مجزرة الحولة».. ويلتقي الأسد اليوم لطرح البدء بالحوار السياسي

المعارضة السورية: كيف يطالبنا بحوار مع القتلة؟.. والمجلس الوطني يدعو لتزويده بوسائل الدفاع عن النفس

الجنرال موود خلال استقباله أنان والمتحدث باسمه أحمد فوزي (يمين) عند وصولهما إلى دمشق أمس (ا.ف.ب)
TT

فور وصوله إلى العاصمة السورية، دمشق، أمس، عبر المبعوث العربي والدولي إلى سوريا، كوفي أنان، عن صدمته الكبيرة بسبب مجزرة الحولة. وذلك قبل لقائه اليوم مع الرئيس السوري، بشار الأسد، لطرح البدء بالحوار بين الأطراف المتنازعة، معترفا بوصوله إلى سوريا في «مرحلة حرجة».

وقال أنان في تصريح له أمس: «مصدوم كثيرا بسبب مجزرة الحولة، ومجلس الأمن طلب من البعثة الأممية متابعة عملها وتحقيقاتها بسبب المجزرة». وإذ قدم تعازيه الخالصة إلى عائلات الضحايا وأسرهم وإلى جميع السوريين داخل الأراضي السورية، وأضاف: «أتيت إلى دمشق في مرحلة حرجة من الأزمة التي تعصف بسوريا.. أعلم أن الحكومة السورية شكلت لجنة قضائية للتحقيق، ولا بد من محاكمة المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة، وإن المواطنين السوريين العاديين في هذا البلد العظيم هم الذين يدفعون أغلى ثمن في هذا الصراع». مؤكدا أن الهدف الأساسي لمهمته هو أن يتوقف القتل، «من أي طرف كان».

وتابع أنان: «سأعمل على حث الحكومة السورية على أن تتخذ خطوات جريئة، تظهر نيتها الجادة في حل هذه الأزمة بطريقة سلمية، وعلى كل شخص معني العمل على خلق سياق صحيح لعملية سياسية ذات مصداقية». وشدد على أن «رسالة السلام هذه ليست موجهة للحكومة فحسب، بل إلى كل من يحمل السلاح»، مشيرا إلى أن «خطته لم تطبق بنقاطها الـ6، وعلى جميع الأطراف الالتزام بها، وسيطرح خلال لقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد وبقية الأطراف موضوع بدء الحوار».

والتقى أنان فور وصوله إلى العاصمة السورية، مسؤولين من المنظمات الدولية العاملة في دمشق، لا سيما المختصة بشؤون اللاجئين والشؤون الإنسانية، لتقييم أدائها ومستوى تعاون السلطات والمنظمات المحلية معها، في ضوء شكوى هذه المنظمات من ضعف تعاون السلطات السورية الرسمية معها، لا سيما في مجال إمداد اللاجئين بالمساعدات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر رسمي سوري تأكيده، أن أنان سيلتقي وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، قبل لقائه اليوم، الثلاثاء، الرئيس السوري، بشار الأسد، للتباحث حول آخر تطورات الأوضاع في سوريا وعمل بعثة المراقبين الدوليين وتنفيذ خطته لحل الأزمة في هذا البلد.

وفي تعليقه على زيارة أنان إلى دمشق وما يمكن أن تخرج به من نتائج، رأى نائب المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، وعضو المجلس الوطني، فاروق طيفور، أنه «إذا أراد كوفي أنان أن يخرج بنتيجة فاعلة فعليه أن يختتم ملفه، ويعلن أن النظام (السوري) أفشل خطته بشكل كامل، وأن تذهب الأمور إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار تحت الفصل السابع، يفضي إلى تدخل دولي يضع هذا النظام عند حده». وشدد طيفور لـ«الشرق الأوسط» على «ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته كاملة، وأن يضطلع الأشقاء العرب والدول الصديقة بمسؤولياتها أمام المذابح التي ترتكب بحق المدنيين العزل، وخصوصا النساء والأطفال». ورأى أنه «في الوقت الذي نرى فيه الشعب السوري يصمد ويمسك بالمبادرة في وجه إرهاب الدولة، لا بد من مسؤولية لمجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول الكبرى».

وقال: «إذا استمر الفيتو الروسي والصيني في حماية إجرام النظام السوري وتغطية مجازره، عندها يمكن للدول الكبرى و83 دولة التي هي أصدقاء الشعب السوري، أن تتخذ قرارا من خارج مجلس الأمن، كما حصل في قضية كوسوفو، من أجل إيقاف الجرائم التي ترتكب ضد شعبنا، وهذا ليس صعبا على الدول الكبرى»، معتبرا أن «ما ذهب إليه الجيش السوري النظامي هو أسوأ بكثير مما تفعله جيوش الاحتلال».

ويأتي ذلك بينما دعا المجلس الوطني السوري، الذي يضم غالبية أطياف المعارضة، أمس، «كل أصدقاء وأشقاء الشعب السوري» لتزويده «حالا بوسائل مجدية للدفاع عن النفس»، وذلك بعد فشل المجتمع الدولي في حماية السوريين.

وجاء في بيان صادر عن المجلس «يوجه المجلس الوطني السوري نداء للعالم أجمع للتحرك العاجل بالفعل لا القول لوقف جرائم الإبادة في سوريا.. كما يوجه نداء لكل أصدقاء وأشقاء الشعب السوري لتزويده حالا وقبل أن يفوت الأوان بوسائل مجدية للدفاع عن النفس ووقف تدمير أسس المجتمع السوري».

وأنتقد البيان موقف مجلس الأمن بعد «مجزرة الحولة»، وقال إن «إصدار بيان غير ملزم في وقت يذبح أطفال على مرأى ومسمع العالم وتمارس جرائم إبادة ويهدد كيان دولة مؤسسة للأمم المتحدة، هو تهاون مخز وتخاذل من المجلس في القيام بواجبه الرئيسي والعاجل»، معتبرا أن ذلك «يفتح الباب واسعا أمام جميع المخاطر لسوريا والمنطقة، وأولها مخاطر العنف والتطرف».

بدوره توقف المعارض السوري هيثم المالح، عند تصريح أنان بشأن طرحه بدء الحوار بين الأطراف السورية المتنازعة، فسأل: «عن أي حوار يتحدث أنان بعد المجازر التي ارتكبتها العصابة الحاكمة في دمشق في الحولة وحماه وقبلها في حمص؟ وعلى ماذا نتحاور ولم يطبق بند واحد من مبادرته، وأولها سحب الآليات العسكرية وإعادتها إلى الثكنات». وقال المالح لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن أنان وصل إلى سن الخرف وإلى الجنون عندما يطلب منا أن نتحاور مع القتلة، وأن يجلس القتيل مع القاتل، علما أنه منذ أن قدم مبادرته قلنا له إن هذه المبادرة محكومة بالفشل كسابقاتها، ليس بسبب الشعب السوري، إنما بسبب العصابة الحاكمة التي لا تملك رؤية سياسية للحل». وأكد أنه «لا مفاوضات إلا على رحيل هذه السلطة من أكبر رأس فيها حتى أصغر رأس»، وأضاف: «إن المجتمع الدولي وضعنا في مأزق وهو تخاذل وتآمر علينا، وأنان جاء ليدفن الثورة، وهذا لن يحصل أبدا».

وردا على سؤال عن الخيارات التي تمتلكها المعارضة كبديل عن خطة أنان، قال: «سنمضي بتسليح (الجيش السوري الحر) بكل ما أوتينا من قوة، وسنسقط هذا النظام بأيدينا، وسيرى العالم خلال أسبوع أو أسابيع قليلة كيف ستميل كفة الميزان لصالح (الجيش الحر) والثوار». وعما إذا كان بإمكان الأسلحة الخفيفة والمتوسطة أن تسقط النظام السوري المدجج بأحدث الأسلحة، رأى أن «البعض مغشوش بهذه العصابة الحاكمة، فهذا الجيش النظامي الذي يمتلك أحدث الطائرات والبوارج الحربية والدبابات والمدافع والصواريخ، وبعد استخدامه كل هذه الأسلحة المتطورة لم يستطع دخول بابا عمرو إلا بعد شهر، والكل سمع رئيس أركان هذا الجيش يقول لقد استعنا بمساعدة خارجية لدخول بابا عمرو.. الحقيقة أن هذا النظام خائف ومرعوب ويتوقع انهياره بنفسه بين يوم وآخر». وشدد المالح على أنه «ليس أمام كوفي أنان إلا أن يرفع تقريره إلى مجلس الأمن ويقول فيه إن العصابة الحاكمة في سوريا أفشلت مبادرتي، وإن لم يفعل ذلك فهل يعني أنه ينتظر تصفية الشعب السوري بالكامل ليعترف بفشل خطته».