محمد فائق: يجب احترام نتيجة الصناديق وإرادة الناخبين.. وهذه هي قواعد اللعبة

نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان لـ «الشرق الأوسط»: الانتخابات الرئاسية كانت نزيهة وحرة.. والتجاوزات «محدودة»

TT

قال محمد فائق، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان (شبه الرسمي)، إن الحديث عن تزوير انتخابات الرئاسة المصرية أمر غير صحيح، مؤكدا أن العملية الانتخابية جرت بشكل «نزيه وحر وعادل» بكل المقاييس الدولية الديمقراطية، رغم بعض التجاوزات التي وصفها بـ«المحدودة».

وشدد فائق، في حوار مع «الشرق الأوسط»، على أنه يجب على كل المعترضين والغاضبين من وصول مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي ورئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق لجولة الإعادة في الانتخابات، احترام نتيجة الاقتراع التي عبر فيه الشعب المصري بمختلف فئاته وأطيافه، عن آرائه بكل حرية وديمقراطية، مؤكدا أنه «من أجل إتمام دولة ديمقراطية، علينا أن نقبل بالنتيجة أيا كانت سواء ترضينا أو لا ترضينا.. هذه هي قواعد اللعبة»، مشيرا إلى أن التغيير الحقيقي حدث في الشعب المصري الذي كسر حاجز الخوف واستعاد كبرياءه وكرامته بعد الثورة.

واعترف فائق، وهو وزير إعلام أسبق، بانخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، مرجعا إياها إلى كثرة عدد المرشحين وحيرة الناخبين في الاختيار، كما رفض القول بأن الأقباط صوتوا لمرشح بعينه خوفا من الإسلاميين، مؤكدا أن هذا التصنيف لا يجوز التطرق إليه لخطورته، ومجرد الكلام فيه يخلق الفتنة.

وتحدث فائق عن انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان حدثت في مصر الفترة الماضية بعد الثورة، كان أكثرها هو «الحق في الحياة»، بالإضافة إلى تزايد المحاكمات العسكرية والاعتقالات للمدنيين، التي قدرها بـ11 ألف معتقل على الأقل.. وفي ما يلي أهم ما جاء بالحوار:

* ما تقييمك لسير عملية أول انتخابات رئاسية مصرية تعددية تجرى بعد الثورة.. خاصة بعد أن أبدى عدد من المرشحين الخاسرين في الجولة الأولى شكوكه في نزاهتها، وحيادية اللجنة القضائية التي تديرها؟

- الحديث عن تزوير أو أي شيء من قبيل ذلك أمر غير صحيح، فالعملية الانتخابية كانت نزيهة وحرة وعادلة، وذلك بكل المقاييس الدولية الديمقراطية.. بالطبع، شابها بعض التجاوزات المحدودة، لكنها لم تؤثر على إرادة الناخبين، وبالتالي تعتبر انتخابات سليمة، خاصة أنها تعتبر أول انتخابات رئاسية تقوم في مصر بهذه الصورة وتحت الرقابة الدولية، وهذه تعتبر خطوة مهمة جدا.

ما حدث هو أن مصر قامت بتنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة وحيادية شهد بها العالم الغربي، واعتبرها الخطوة الأولى في طريق الديمقراطية، كما يجب احترام نتيجة الاقتراع الذي عبر فيه الشعب المصري بمختلف فئاته وأطيافه، عن آرائه بكل حرية وديمقراطية.

* لكن البعض رصد استخداما مكثفا للأموال والدعاية، التي بدت للكثيرين أنها تجاوزت الحد المسموح به قانونيا وهو مبلغ 10 ملايين جنيه، ولم يتم وقف هذه الدعاية أو التحقيق فيها؟

- بالتأكيد، ومن الملاحظ أن هناك أموالا كثيرة صرفت. لكن بلا شك هناك أشياء صعب حصرها.. فعملية رصد هذه الأموال صعبة جدا، خاصة إذا علمنا أن معظمها يقوم على شكل تبرعات ودعاية من جانب مؤيدين لحساب مرشح معين، بعيدا عن الحملة الرسمية لهذا المرشح، وهو ما لم تتمكن اللجنة القضائية من متابعته، وعلى كل حال فإن المال السياسي يتم استخدامه في كل دول العالم.

* أشاد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بنزاهة الانتخابات.. لكنه ذكر أيضا وجود «قيود غير مسبوقة» على المراقبين الدوليين.. كيف تقيم ذلك؟

- بالطبع أي معوقات أو قيود على عمل المراقبين الدوليين أمر لا يجوز إذا أردنا انتخابات ديمقراطية حقيقية، لكن في كل الأحوال هذا موضوع يخص لجنة كارتر وحدها وليس له علاقة بنزاهة الانتخابات ككل، وكونه يقول إن هناك معوقات حول سير عمل لجنته ومتابعتها للانتخابات لم يتم التحقق منه حتى الآن ويجب متابعته. لكن علينا أن نعرف أن مجرد حدوث انتخابات وحضور هؤلاء المراقبين هو خطوة جيدة في مصر والشرق الأوسط.. «من الجيد حضورهم أصلا».

* بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 46% بحسب اللجنة لقضائية.. ووفقا للمراقبين فإنها نسبة منخفضة، ما أسباب ذلك؟

- بالطبع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية جاءت منخفضة وأقل من الانتخابات البرلمانية السابقة على الأقل. وأعتقد أن السبب في ذلك يعود لكثرة عدد المرشحين للمنصب الكبير وحيرة الناخبين في الاختيار.. فكلنا يعرف أن هناك مرشحين دخلوا الانتخابات سواء كانوا مستقلين ومن أحزاب لا يعلم عنهم الناس شيئا، فكان كثير من الشعب المصري في حيرة، ولم يستطيعوا أن يحددوا اختيارهم، وهذا ما أثبتته استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، التي قالت إن نحو 40 في المائة من الناخبين لم يحددوا اختياراتهم، وبالتالي أحجم معظمهم عن الحضور.

* أبدى كثير من شباب الثورة والقوى المدنية غضبهم من نتيجة الانتخابات التي ستتم فيها الإعادة بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي ورئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق.. ووصل الأمر إلى حد التظاهر اعتراضا على النتيجة.. هل أقلقتك هذه النتيجة؟

- بالطبع هناك أناس لم يعجبهم هذا الخيار، وأن تصل النتيجة إلى هذا الحد، لكن علينا احترام الواقع الذي عبر عنه الصندوق الانتخابي في الانتخابات الرئاسية، واحترام إرادة الناخبين، يجب الالتزام والقبول بالنتيجة أيا كانت، ما دامت هناك انتخابات نزيهة بهذا الشكل.

لا بد من أجل إتمام دولة ديمقراطية، أن نقبل بالنتيجة أيا كانت سواء ترضينا أو لا ترضينا، يجب ألا نسير على سطر ونترك الآخر، هذه هي قواعد اللعبة.. هؤلاء يجب أن يعلموا أننا حققنا إنجازا كبيرا وهو أن الشعب المصري حدث به تغيير وأن الخوف اختفى وانكسر، وبالتالي فكرة العودة للقهر والقمع، التي ارتبطت بهذين المرشحين، لن تحدث، لا أعتقد ذلك ولن نعود إلى الوراء بعد ثورة 25 يناير، مهما كان شكل الرئيس القادم سواء كان من «الإخوان» أو مرشحا ذا خلفية عسكرية.

* البعض أرجع حصول المرشح أحمد شفيق المحسوب على نظام مبارك على هذا الكم الكبير من الأصوات.. بسبب تصويت الأقباط لصالحه، خوفا من حكم الإسلاميين.. هل أقلقك هذا؟

- أولا لا يجوز أن نقول إن الأقباط جميعا صوتوا لهذا المرشح أو ذاك، لأننا لا نملك حقيقة حول هذا، خاصة أن الكنيسة المصرية لم تصدر أي توجيهات في هذا الشأن لرعاياها، كما أعلنت. وبالتالي، يجب ألا نستنتج، ولا يجوز طرق هذا الموضوع لخطورته، فمجرد الكلام فيه يخلق الفتنة.. كل مواطن حر وكل فرد ينتخب ما يريد، والقبطي هو مواطن عادي يمارس حقه.

* بعد الثورة نشطت جماعات دينية كانت تعمل في السابق لكنها كانت محظورة، مثل جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية والجماعة الإسلامية، وكلها جماعات تشارك في العمل السياسي الآن ولا تخضع لأي رقابة لعدم وجود أي مسوغ قانوني لها؟

- لا بد أن تلتزم أي جمعية سواء سياسية أو دينية بالقوانين، واستمرار مثل هذه الجمعيات بهذا الشكل هو أمر غير قانوني، ويجب أن تكون أي جمعية مسجلة، لكن هذه هي مشكلة الجهاز التنفيذي وليس نحن، ونأمل أن تلتزم السلطة القادمة بإعلاء سيادة القانون على الجميع.

* هل رصدت في مجلس حقوق الإنسان تزايدا للانتهاكات الحقوقية، خاصة للنشطاء السياسيين، بعد الثورة؟

- بالفعل الفترة الماضية، من بعد ثورة 25 يناير، شهدت انتهاكات كثيرة جدا وشديدة لحقوق الإنسان في مصر، وأكثرها كان هو «الحق في الحياة»، فقد حدثت انتهاكات كثيرة جدا فقدنا فيها الكثير من الأرواح، أبرزها في أحداث «ماسبيرو» ومظاهرات شارع «محمد محمود»، بالإضافة إلى تزايد المحاكمات العسكرية والاعتقالات للمدنيين، التي تجاوز عددهم 11 ألفا في الفترة الماضية..

لكن مع هذه الانتهاكات الكثيرة، يجب ألا نغفل التقدم الكبير الذي حدث في حرية التعبير، وشعور المواطن المصري بنفسه والثقة التي حصل عليها والتي نطلق عليها «كبرياء المواطن» وهذه نقطة مهمة جدا.

ونحن كمجلس قومي لحقوق الإنسان نؤكد دائما عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وأنه لا بد أن تسقط عنهم مثل هذه الأحكام، وأن تعاد محاكمتهم أمام القضاء العادي.