المالكي يطلق من نينوى الموازنة المالية للمحافظات

مخاوف كردية من قراره إعادة الضباط «البعثيين» إلى الجيش

TT

بمشاركة نائبيه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني (دولة القانون) والشؤون الاقتصادية روز نوري شاويس (التحالف الكردستاني)، ونصف وزراء القائمة العراقية والتحالف الكردستاني، ترأس رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي جلسة مجلس الوزراء في مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، وهي الجلسة الثالثة التي تعقد خارج العاصمة بغداد بعد محافظتي البصرة وكركوك.

وبعكس الجلسة التي عقدت في كركوك، والتي تزامنت مع تصعيد سياسي خطير زاده سخونة التصريح الذي أدلى به المالكي من كركوك حين اعتبر أن هويتها عراقية خالصة ويجب ألا تطغى عليها أي هوية أخرى. فقد حرص رئيس الحكومة العراقية على تجنب الإشارة إلى أي قضايا خلافية خلال لقاءاته التي عقدها في الموصل مع كبار المسؤولين فيها، مركزا، بدلا من ذلك، على اهتمامات وشواغل أهالي المحافظة وأبرزها الموازنة والخدمات.

وفي كلمته بالاجتماع الذي حضره محافظ الموصل أثيل النجيفي وأعضاء مجلس المحافظة، قال المالكي إن «دور الحكومات المحلية يجب تعزيزه للخروج من المركزية الحديدية بما يؤهلها للقيام بدورها في تنمية المحافظة وتطوير الخدمات». وقدم خلال الجلسة اقتراحين لدعم المحافظات، أحدهما إعادة ما يتبقى من أموال الموازنة إلى المحافظة نفسها، وتضاف إلى موازنة العام الحالي كي لا تحرم من الأموال المخصصة لها بسبب عدم قدرتها على صرفها نتيجة الأوضاع الأمنية، فيما تضمن الاقتراح الثاني تخصيص جميع أموال الموازنة إلى المحافظات لتتولى صرفها بعد استقطاع الموازنة الاتحادية منها. وأكد المالكي أن «الوقت حان لإعمار نينوى وإنصاف المحافظات المتضررة من الإرهاب»، مشددا على أن «الحكومة الاتحادية ستدعم هذه المحافظات وتعمل على تعزيز قدراتها الذاتية لتمكينها من صرف موازنتها المالية وإدارة عملية البناء والاستثمار». وتابع المالكي أن «تركيزنا على الجانب الأمني خلال المرحلة الماضية تسبب في تأخير أعمال الخدمات وأعاق عملية البناء والأعمار»، موضحا أن «لنينوى تاريخا كبيرا، وما لحق بها من أضرار بليغة نتيجة الإرهاب يتطلب منا حشد الجهود للوقوف إلى جانبها والانطلاق في عملية الإعمار والخدمات وتخفيف معاناة المواطنين».

وفي إطار لقاءاته مع مسؤولي المحافظة، بحث المالكي مع رئيس مجلس المحافظة جبر العبد ربه، وأعضاء مجلس المحافظة واقع المدينة واحتياجاتها. وقال المالكي إن «الحكومة تعمل بكل إمكانياتها لحل مشاكل محافظة نينوى وتقديم الخدمات لأهاليها وتعويضهم عن الحرمان الذين عانوا منه»، مشيرا إلى أن «مسؤولية تقديم الخدمات تقع على الجميع وليس على جهة واحدة». وأكد أن «العراق يتجه بعد عودة اللحمة الوطنية بين أبنائه واستعادته لوضعه الطبيعي في محيطه العربي والإقليمي إلى تطوير اقتصاده وحل المشاكل التي يعانيها في مجالات الكهرباء والصحة والتعليم ونقص الخدمات التي ورثناها من النظام السابق».

كما وجه المالكي خلال الاجتماع بتشكيل لجنة لإعادة ضباط الجيش السابق إلى الخدمة وهو ما عزز مخاوف الأكراد. وقال قيادي كردي لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم ذكر اسمه، إنه «من المعروف أن ضباط الموصل كانوا يشكلون العمود الفقري للجيش العراقي في عهد النظام السابق، وكان أكثريتهم المطلقة من قيادات حزب البعث المنحل، وإن إعادتهم إلى وظائفهم ستشكل مخاطر كبيرة ليس على إقليم كردستان في ظل تصاعد المواجهة الحالية، بل على مستقبل العراق ككل، لأن العقيدة البعثية والتي كان الضباط العسكريون أداتها، هي التي قادت العراق إلى الكوارث والويلات التي حلت به طوال أكثر من خمس وثلاثين سنة من عمر النظام الديكتاتوري السابق». وكشف المصدر القيادي عن أن «المالكي لم يتطرق إلى المادة 140 أو مسائل النزاعات القائمة في المحافظة حول وجود القوات الكردية رغم أن مثل هذه المسائل قد طرحت أمامه أثناء اجتماعه بمجلس المحافظة، ولكن قراره بإعادة ضباط الجيش والذي أعلنه داخل اجتماع مجلس الوزراء من شأنه أن يصب الزيت على هذه النزاعات ويؤجج من الصراعات العرقية والسياسية ليس في الموصل فحسب، بل في جميع أنحاء العراق، لأن القرار سيكون مدخلا لقرار أشمل بإعادة جميع ضباط العهد السابق إلى الخدمة في جميع أرجاء العراق، وهذا ما سيشكل أكبر خطر على مستقبل العراق الديمقراطي».

من جانبه، أكد القيادي بدولة القانون ورئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عقد جلسة مجلس الوزراء في محافظة مثل نينوى يعد تطورا نوعيا في قيادة الدولة ضمن أسس مهنية صحيحة»، مشيرا إلى أن «نينوى تشكل حجما كبيرا في العراق من كل النواحي، وأن استقرارها يعد ركيزة أساسية لاستقرار العراق، كما أن وحدتها تعد ركيزة أساسية لوحدة العراق». وأوضح السراج أن «المالكي حرص على أن يطلق من الموصل حزمة من الإجراءات الخاصة بكل المحافظات وذلك نظرا للأهمية التي تحتلها هذه المحافظة التي عانت من الإرهاب كثيرا، وقد آن الأوان لإنصافها وتعويضها». وكشف السراج أن «من بين القضايا التي ساعدت على إنجاح زيارة المالكي إلى نينوى التغير الكبير في العلاقة الذي حصل بين قيادة الفرقة العسكرية هناك ومحافظ المدينة، حيث أسهمت هذه العلاقة الجديدة في تذليل المزيد من الصعوبات التي كانت تشوب العلاقة مع قيادة الفرقة السابقة».