تسريب الوثائق عن البابا يظهر تداخل المصالح بين الفاتيكان وروما

كشفت «السموم والأحقاد» بين الكرادلة.. والتحرك بهدف مزدوج وطموح

TT

يكشف تسريب وثائق سرية للفاتيكان، الذي يضعف الكنيسة والبابا، مرة جديدة المصالح المتداخلة جدا بين الفاتيكان وإيطاليا في وقت يشكل الإيطاليون ربع المجمع الناخب للحبر الأعظم.

وأحد التفسيرات التي تتكرر حول الأزمة الحالية هي الرغبة في الدفع في اتجاه إقالة الكاردينال سكرتير الدولة الإيطالي تارسيسيو بيرتوني المسؤول الثاني في الفاتيكان المقرب من البابا لكنه يواجه انتقادات شديدة في الكنيسة بسبب إدارته. ولبيرتوني، 78 عاما، الكثير من المنافسين لا سيما في صفوف الكرادلة الإيطاليين، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وكتبت صحيفة «لاريبوبليكا» أن «مجموعة من الكرادلة بدأت التحرك بهدف مزدوج وطموح جدا: وضع اليد على سكرتارية الدولة وبعد ذلك السيطرة على مجمع الكرادلة مع اختيار حبر أعظم من صفوفهم (بعد رحيل البابا)».

وتدور التكهنات حول احتمال انتخاب الحبر الأعظم المقبل مجددا من الإيطاليين بعد بولندي وألماني. وفي فبراير (شباط) وعبر تعيين 7 إيطاليين كرادلة، يكون البابا رفع عددهم إلى 30 ناخبا ما يزيد من ثقلهم.

ويتناول قسم كبير من الوثائق التي وردت في الكتاب «سوا سانتيتا» (قداسته) الذي نشر مؤخرا وأدى إلى توقيف كبير خدم البابا في نهاية الأسبوع الماضي، مصالح الفاتيكان في شبه الجزيرة.

والمواضيع التي تم التطرق إليها بشكل أساسي دخول بنك الفاتيكان أم لا في رأسمال مستشفى سان رافاييل الكاثوليكي وانتقادات كاردينال لاستدراجات عروض أطلقها الفاتيكان واعتبر أنها تعطي أفضلية لبعض الشركات الإيطالية وقلق الكرسي الرسولي حيال النظام الضريبي لأملاك الكنيسة في إيطاليا أو حتى اهتمام الفاتيكان بالقوانين حول العائلة.

والعلاقات بين إيطاليا وأصغر دولة في العالم تنظمها اتفاقات لاتران التي تعود إلى عام 1929 والموقعة بين الديكتاتور بينيتو موسوليني والكرسي الرسولي.

وتشكل سفارة إيطاليا لدى الفاتيكان مركز سلطة فعليا وحفلات الاستقبال التي تنظمها تجمع كل روما.

وبما أن علاقات المؤتمر المسكوني الإيطالي والفاتيكان مع الدولة الإيطالية غالبا ما تكون متوترة، فإن نزاعات تندلع وفي غالب الأحيان تضخمها وسائل الإعلام الإيطالية التي تقوم بتحليلها بدقة.

وفي الكتاب «سوا سانتيتا» كل الوثائق هي بالإيطالية كما قال برونو بارتولوني« مؤكدا أنه ليس هناك وثائق بالألمانية أو الفرنسية في هذا الكتاب.

وكتاب جان لويجي نوتسي لا يتضمن مفاجآت. وتكشف الوثائق السموم والأحقاد بين الكرادلة إذ يؤكد كل واحد منهم ولاءه للبابا. كما يشتكون من ظلم بحقهم أو يستنكرون عدم حصولهم على منصب وعدهم به البابا.

ويقول الخبير بشؤون الفاتيكان ساندرو ماجيستر «ليس هناك عناصر فضيحة خاصة، لكن هذه الوثائق واضحة في بعض الأحيان مثل وثيقة عمل حضرت قبل اجتماع بين البابا والرئيس جورجيو نابوليتانو».

وبحسب برونو بارتولوني، ففي قضية كبير الخدم الذي لم يتصرف بمفرده من دون شك، أن كرادلة الفاتيكان قد يكونون استوحوا من نموذج ريناتور داردوزي الذي توفي في 2003 وكان طلب في وصيته الكشف عن أربعة آلاف وثيقة جمعها حول مالية الفاتيكان في ظل يوحنا بولس الثاني.

وهذه الملفات استخدمها نوتسي في كتابه الذي سجل مبيعات كبرى «فاتيكانو إس بي أوه» حول الفضائح السابقة لبنك الفاتيكان.

والهدف هذه المرة أيضا قد يكون الدفع نحو إصلاحات في طريقة حكم الفاتيكان.

وبحسب ساندرو ماجيستير «من الأكيد أن تارسيسيو بيرتوني لن يخرج بوضع إيجابي» من قضية التسريبات الحالية. وأضاف أن «القصور في حكومته أصبح تحت أنظار الجميع» مضيفا أن البابا يمكن أن يستبدله في «الأشهر المقبلة».