مساع أميركية لفرض حظر سلاح على سوريا

واشنطن مقتنعة بأن نظام الأسد منته لا محالة.. حتى وإن طالت المدة

TT

هناك إحباط واضح بين أوساط دبلوماسية وسياسية أميركية حول التطورات في سوريا، بين الانقسام في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من جهة وتفاقم العمليات العسكرية في سوريا من جهة أخرى يرى مسؤولون ودبلوماسيون يراقبون الوضع السوري في الولايات المتحدة أن عملية التغيير في سوريا ستستغرق وقتا طويلا، من دون نهاية واضحة. إلا أن الأمر الذي تؤكد عليه مصادر أميركية رسمية هو أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد منته لا محالة، وأنها مسألة وقت، ومبدأ رحيل الأسد عن السلطة ليس قابلا للنقاش. وهذه هي الرسالة التي توصلها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى حلفائها والقوى المعنية بالشأن السوري، وبشكل أخص روسيا. وبينما تتواصل الجهود الأميركية لإقناع موسكو باتخاذ موقف أكثر حزما مع النظام السوري، هناك مساع جدية أميركية لإقناع الروس بضرورة فرض حظر عسكري على دمشق. وهو أمر يتطلب في نهاية المطاف قرارا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولكن في الأول يعتمد على موافقة روسيا التي ما زالت المزود الأول للسلاح إلى سوريا. وبعد طرد القائم بالأعمال السوري زهير جبور من السفارة في واشنطن وفرض عقوبات أميركية موسعة على دمشق، خطوة فرض حظر السلاح تعتبر المسعى الدبلوماسي المقبل لتضييق الخناق على النظام السوري.

ومع الإقرار بأنه كلما طالت فترة الثورة السورية ازداد احتمال انتشار العنف، هناك مساع أميركية وأوروبية من أجل التعجيل بهذه العملية. وقال مسؤول أميركي مطلع على الملف السوري لـ«الشرق الأوسط»: «هناك خطوات عدة يمكننا اتخاذها من أجل تسريع عملية التغيير في سوريا، والآتية لا محالة، من بينها فرض حظر سلاح على النظام». وأضاف: «نحن نسير فعلا باتجاه الطريق المؤدي لفرض حظر السلاح وهو جزء من المحادثات التي نجريها مع المسؤولين الروس وغيرهم» من المهتمين بالشأن السوري. ويذكر أن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أفادت في يناير (كانون الثاني) الماضي أن 10% من جميع مبيعات الأسلحة الروسية تذهب إلى سوريا، وتقدر بقمية 1.5 مليار دولار سنويا، بينما «معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي» الدولي يقدر بأن روسيا تزود النظام السوري بـ72% من الأسلحة التي يمتلكها.

وترصد الإدارة الأميركية الكثير من الجهود لفرض حظر السلاح الذي تعتبره «عاملا أساسيا لوقف القتال»، بحسب المسؤول الأميركي. وهناك عوامل أخرى يشير إليها مسؤولون أميركيون تزيد من الضغوط على النظام السوري، أولها العقوبات الاقتصادية التي بدأت تؤثر على النظام السوري وخاصة مع تراجع قيمة الليرة بالإضافة إلى الضغط على مصادر الطاقة في البلاد. ولفت المسؤول الأميركي: «الشعب السوري نفسه يشكل عاملا أساسيا، فرغم مرور أكثر من 15 شهرا ومواصلة النظام قتله وتهديداته لمعارضيه، فإن المظاهرات لم تتراجع». وأضاف: «بعد أن حشدت الناس لا يمكن وقفهم».

ورغم أن رئيس هيئة الأركان الأميركي الجنرال مارتين ديمبسي قال أول من أمس لقناة «فوكس نيوز» إن «هناك دائما الخيار العسكري» لمعالجة الأزمة السورية، فإن الرأي الطاغي في واشنطن ما زال لا يحبذ الخيار العسكري لاعتبارات عدة، على رأسها عدم وجود تخويل دولي لمثل هذا التحرك. وهناك عنصر مهم آخر هو التحدي العسكري الذي يشكله الوضع السوري من انتشار للقوات السورية في المناطق السكنية واعتمادها على القناصة والقصف الصاروخي بدلا من القصف الجوي مثلما حدث في ليبيا. وشرح المسؤول الأميركي: «الخيار العسكري مطروح ولكنه ليس المسار الذي نتبعه الآن، نحن نركز جهودنا على المسار الدبلوماسي فهو الطريق الأفضل إلى الأمام». وأضاف: «نشدد على الخيار الدبلوماسي كي نتجنب المزيد من القتل». ولكنه لفت إلى أنه «يمكن أن يطرأ تغيير لا نراه حاليا يغير هذا المسار، ومسؤوليتنا كحكومة أن نخطط لجميع الاحتمالات وهذا ما نفعله حقا».