نائب المرشد السابق لـ«الإخوان» بمصر: نسعى لتكوين جماعة بديلة لا تمارس السياسة

محمد حبيب لـ «الشرق الأوسط»: شعبية «الإخوان» تراجعت بشكل كبير بعد انحيازهم

د. محمد حبيب («الشرق الأوسط»)
TT

قال الدكتور محمد حبيب، النائب الأول السابق للمرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، إنه يسعى حاليا لتكوين جماعة إخوان جديدة، هدفها المساهمة في البناء السياسي والحضاري للمجتمع بحيث تكون جمعية دعوية وتربوية، لكنها لن تنافس على السلطة ولن تمارس العمل الحزبي والسياسي.

وأضاف حبيب، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن إعادة بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي ورئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق، وضعت المصريين في مأزق.. وقال: «لو نجح شفيق، فستقوم الدنيا ولن تقعد، وإذا نجح مرسي، فإن حالة الانفلات الأمني ستعود بسبب البلطجية.. ربنا يستر علينا».

وأكد حبيب أن شفيق يحظى بدعم كبير من رجال الحزب الوطني المنحل (حزب الرئيس السابق حسني مبارك)، إضافة إلى دعم من المجلس العسكري الحاكم، مشيرا إلى أن الانتخابات كانت «نزيهة إلى حد ما»، بسبب التأثير على إرادة الناخبين عبر تلويث الثورة والثوار، واللعب على الهاجس الأمني الذي صنعه شفيق.

واعترف حبيب بتراجع شعبية «الإخوان» بشكل كبير في الشارع، وقال إن «انحيازهم للمجلس العسكري في مواجهة القوى الثورية، أثر سلبا عليهم»، مؤكدا أنه إذا فشل «الإخوان» في تقديم ضمانات كافية للقوى الأخرى سواء على مستوى مجلس الرئاسة المقترح، أو تشكيل حكومة ائتلافية، أو تشكيل جمعية جديدة لصياغة الدستور تعبر عن ائتلاف مجتمعي واضح وتمثل كل قوى المجتمع، فستكون فرص شفيق أقوى في الفوز بالرئاسة. وهذا أهم ما جاء في الحوار:

* كيف ترى نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية؟ وكيف استطاع كل منهما أن يحظى بثقة الناخب المصري في مواجهة مرشحي الثورة؟

- في الحقيقة، إننا أمام مرشحين يتمتعان بتنظيم قوي ضمن لهما أصواتا كبيرة في الصناديق حسمت لصالحهما هذه الجولة ضد باقي المنافسين الذين لا يتمتعون بهذا التنظيم. فالفريق أحمد شفيق لديه تنظيم قوي يضم الحزب الوطني الحاكم سابقا والمنحل حاليا، الذي بدأ يطفوا على السطح ويظهر على الساحة مرة أخرى، وينضم إليه جزء مما يطلق عليه في الشارع المصري حاليا «حزب الكنبة»، إضافة إلى أصوات مئات الآلاف من الصوفيين وأيضا الإخوة المسيحيين، مع دعم واضح من المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم)، وكل الأجهزة البيروقراطية للدولة ورجال المال والأعمال. أما الدكتور محمد مرسي، فلديه أيضا تنظيم قوي معروف، ولديه تمويله وحركته ولديه دعائم قوية محيطة به استطاعت أن تحشد له هذا العدد.

* ماذا تعني بدعم المجلس العسكري للفريق شفيق في الانتخابات.. وهل يعني ذلك أنه مرشح المجلس العسكري؟

- المجلس العسكري دعم أحمد شفيق في أشياء متنوعة أنا في غنى عن ذكرها الآن، من أجل أن لا ننزلق في مسائل قانونية وما إلى ذلك.

* لكن أليست هذه هي اختيارات وإرادة الشعب.. وهل تشير بذلك إلى أن الانتخابات لم تكن نزيهة؟

- يمكن أن نقول إن الانتخابات كانت «نزيهة إلى حد ما»، فكلمة النزاهة هنا تتطلب شروطا كثيرة.. فلا تستطيع أن تقول إن تلويث الثورة والثوار على مدى الفترة الماضية لم يكن فيه تأثير على إرادة الناخبين، كما أن اللعب على الهاجس الأمني الذي صنعه المرشح أحمد شفيق، خاصة إذا كان الانفلات الأمني مصنوعا، هو في حد ذاته تأثير على إرادة الناخبين، وهذا كله لا يجعلها نزيهة بالمعنى الكامل.

* شباب الثورة وعدد من القوى المدنية يشعرون أنهم في مأزق الآن أمام هذه الاختيار في جولة الإعادة؟

- هو بالفعل مأزق، بمعنى أنه لو نجح الفريق أحمد شفيق فستقوم الدنيا ولن تقعد، وإذا نجح محمد مرسي، فإن الفلول وتنظيم البلطجية والعنف سيعود وستعود حالة الانفلات الأمني.. وبالتالي: «ربنا يستر علينا».

* أعلنت دعمك في الجولة الأولى للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.. فهل ستقاطع الإعادة الآن أم ستصوت؟

- شخصيا سأعطي صوتي لمرشح جماعة الإخوان.. لأن الصوت لو حبسناه سيصب في صالح أحمد شفيق، وأنا أعتبر أن فوز شفيق هو إعادة الروح للنظام السابق المستبد الذي سيفتك بالجميع.

* كثير من القوى الثورية غاضب جدا من جماعة الإخوان.. ولا تعتبر الدكتور مرسي قادرا على تمثيلها (رئيسا)، كما أنها تخشى من وصول جماعة الإخوان للحكم..

- لا شك أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين خسر أصواتا كثير ممن كانوا معه، ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين انتخابات مجلس الشعب الماضية وانتخابات الرئاسة الحالية ستجد الخسارة كبيرة.. وصلت إلى حد خسارة 5 ملايين صوت تقريبا، وهي ناتجة عن تراجع شعبية الإخوان وخسارة رصيدهم لدى الشارع، وفقدان جزء كبير من الثقة لدى الجماعة الوطنية فيهم.

* ما أسباب اهتزاز هذه الثقة؟

- أشياء كثيرة؛ أبرزها مواقف الجماعة خلال عام ونصف من الثورة، وأداؤهم في البرلمان، وأكثرها هو انحيازهم للمجلس العسكري في مواجهة القوى الثورية، وهو الأمر الذي أثر سلبا على الوهج والزخم الثوري، ويكفي صمتهم على جرائم مذبحة ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وتراجعهم عن قرارهم بعدم تقديم مرشح من الجماعة للرئاسة.

* أي من المرشحين فرصه أكبر للفوز بالرئاسة؟

- هذا تنظيم في مواجهة تنظيم.. وهذه قوة المنافسة. لكن إذا نجح الإخوان المسلمون في تقديم ضمانات كافية للقوى الأخرى سواء على مستوى مجلس الرئاسة المقترح، أو تشكيل حكومة ائتلافية أو تشكيل جمعية جديدة لصياغة الدستور تعبر عن ائتلاف مجتمعي واضح وتمثل كل قوى المجتمع، فستكون فرص مرسي أقوى، وإذا فشلوا في ذلك، ففرص نجاح شفيق ستكون أكبر.

* هناك مخاوف من وجود سلطة فوقية للمرشد العام للإخوان ومكتب الإرشاد على محمد مرسي حال تنصيبه رئيسا.. استنادا إلى قسم الولاء والطاعة الملتزم به كل عضو في الجماعة..

- لا أتصور أن يكون لمرشد الإخوان أو مكتب الإرشاد أو التنظيم أي تأثير على قرارات محمد مرسي، فالشعب سيراقب ويرصد، وجهات أخرى كثيرة تضع هذا الأمر تحت المجهر.. وبالتالي سيكون مرسي حريصا على التخفف من عبء التنظيم، فهو لا يستطيع إلا أن يكون مستقلا.

* أيضا من ضمن المخاوف.. سيطرة جماعة الإخوان على كل مفاصل الدولة بوصولهم لموقع الرئيس..

- صحيح أن الدكتور محمد مرسي حال فوزه بمنصب الرئيس سيستعين بذوي الكفاءات والثقة من أهل الجماعة في مواقع مختلفة مثل الإدارات المحلية والمحافظين وغيرها من المؤسسات والوزارات، لكن لا أستطيع أن أقول إن العدد والكيف سيفي بحاجات الدولة؛ فالدولة أعظم وأكبر من إمكانات «الإخوان».

* هل لـ«الإخوان» ميليشيات عسكرية، كما ذكر بعض المسؤولين السابقين، سيقومون بالدفاع عن رئيسهم المقبل في مواجهة أي اعتراضات على فوزه؟

- هذا غير صحيح، فهناك مؤسسات للدولة، ولذلك هم أدركوا خطأهم السابق عندما جاءوا بشباب «الإخوان» لحماية البرلمان من مظاهرة متوجهة ضده، بعد فوزهم بالأغلبية البرلمانية، وقرروا سحبهم حينذاك، وأعتقد أنهم استوعبوا التجربة، لأن المغبة التابعة له ستكون كارثية.

* طالب البعض بحل جماعة «الإخوان» مقابل دعم مرسي، ضمانة للحفاظ على الدولة المدنية وعدم تحويلها لدينية؟

- هذا مطلب غير واقعي، لكن يمكن أن ننادي الجماعة بتوفيق أوضاعها بحيث تكون جمعية دعوية أو تربوية بشكل قانوني، إنما حل الجماعة صعب. فهناك قضايا ووظائف أخرى تربوية ودعوية لا يستطيع أن يقوم بها الحزب.

* دعوت لتعيين المرشحين الخاسرين حمدين صباحي وأبو الفتوح نائبين لمرسي من أجل ضمان فوزه ووحدة صف الثوار ولمنع عودة النظام السابق.. إلى أي مدى ترى فرصا لذلك؟

- أتمنى أن يكون صباحي وأبو الفتوح نائبين لمرسي، وقد عرضت وجهة النظر هذه أكثر من مرة، لكن لا تتم أي اتصالات معي في هذا الشأن حتى الآن. صحيح أن لكل منهما مشروعا مستقلا، لكن من الممكن أن يتم الاتفاق على سياسة أو توجهات عامة، فالمسألة ليست فتوح وصباحي، بل في الثقل الموجود خلف كل منهما وما يمثله على مستوى الشارع.

* خرجت من جماعة «الإخوان» لخلاف فكري.. وتسعى الآن لتشكيل جماعة إخوان جديدة.. ما الفارق؟

- بالفعل تقدمت مع عدد من قيادات الجماعة السابقين؛ منهم الدكتور كمال الهلباوي، المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، بطلب رسمي لوزارة التضامن الاجتماعي لتأسيس جمعية جديدة باسم «الإخوان»، هدفها المساهمة في البناء السياسي والحضاري للمجتمع المصري وللأمة، بحيث تكون جمعية «دعوية وتربوية وتنموية»، لأن هذا الملف للأسف يكاد يكون سقط من حساباتنا، رغم أنه يمثل الركيزة الأساسية لأي عمل سياسي وأي عمل نهضوي أو قومي.

* لماذا أنشأت هذه الجمعية بالاسم نفسه لجماعة «الإخوان»؟ وهل سيكون للجماعة الجديدة أي نشاط سياسي؟

- قدمنا هذا الاسم للوزارة بشكل مبدئي، ونحاول الآن التشاور مع دائرة أوسع من الشخصيات حول اسم جديد، لأنه من رد الفعل عليه، تبين أنه لا داعي لوجود الاسم نفسه وضرورة أن يكون هناك اسم بديل.. أما النشاط السياسي، فستبقى للجمعية الجديدة اهتمامات سياسية، لكنها لن تنافس على السلطة، ولن تقدم مرشحين لها في أي انتخابات، فهذا عمل الأحزاب.