نجاد لا يتوقع تقدما في محادثات موسكو.. واجتماع ساخن الاثنين بفيينا

دبلوماسي في فيينا لـ «الشرق الأوسط»: الدول الغربية تتشاور لاتخاذ موقف موحد ضد إيران

TT

قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إنه لا يتوقع أن تتمخض المحادثات التي تجريها طهران منتصف الشهر الحالي مع القوى العالمية الست، في العاصمة الروسية موسكو بشأن البرنامج النووي الإيراني، عن انفراجة. لكنه عبر عن أمله في أن تزيد الثقة بين الجانبين، في وقت أكد فيه دبلوماسي رفيع في فيينا لـ«الشرق الأوسط» أن مجموعة من الدول الغربية الكبرى تجري هذه الأيام مشاورات موسعة للخروج بموقف موحد ضد إيران قبيل اجتماع يتوقع أن يكون ساخنا يوم الاثنين المقبل لمجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا.

وفشلت القوى الست، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، في إقناع إيران في محادثات جرت يوم 23 مايو (أيار) الماضي في بغداد بوقف أنشطتها النووية الحساسة، لكنها ستجتمع مجددا في موسكو يومي 18 و19 يونيو (حزيران) الحالي في مسعى لإنهاء المواجهة التي زادت المخاوف من اندلاع حرب جديدة قد تهدد إمدادات النفط العالمية.

وقال أحمدي نجاد في مقابلة مع التلفزيون الفرنسي (فرانس 24): «لسنا مغفلين ولا نتوقع معجزات في الاجتماع المقبل. هناك مجالات من العمل ستسير في الاتجاه الصحيح، وسنعمل من أجل ذلك حتى نصل إلى اتفاق بناء». وصرح بأن طهران لديها «مقترحات جيدة» لتطرحها، لكنها لن تعلن عنها إلا عندما يحين الوقت، وأنه على الجانبين أن يعملا معا لاستعادة الثقة.

وتدور الأزمة حول تمسك إيران بحقها في تخصيب اليورانيوم وبرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها قبل أن تعلق أنشطة يمكن أن تكسبها قدرات على تطوير الأسلحة النووية. وكرر أحمدي نجاد حق إيران «المشروع» في تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20 في المائة، وقال إنه على دول أخرى أن تشرح لماذا لا يسمح لإيران بذلك وماذا تعرض على طهران مقابل وقف تخصيب اليورانيوم.

وحين سئل الرئيس الإيراني عما إذا كانت طهران ستقبل عرضا تقوم بموجبه دول أخرى بتخصيب اليورانيوم نيابة عنها إذا علقت برنامجها النووي، قال إنه منفتح على هذه الفكرة. وقال: «هذا الاقتراح لم يطرح لكنه سيخفف الموقف ويساعد على بناء الثقة».

ويتابع الغرب وإسرائيل التقدم النووي لإيران لأنه يحدد الوقت الذي ستستغرقه طهران لتصنيع قنبلة نووية إذا قررت ذلك. وتنفي إيران أي نية لديها لفعل ذلك، وتقول إن برنامجها أغراضه سلمية بحتة. وقالت إسرائيل هذا الأسبوع إن إيران تحاول «كسب الوقت». وقال أحمدي نجاد إن إيران لا تخشى «عدوانا» إسرائيليا محتملا، لكنه تساءل ماذا سيكون رد فعل المجتمع الدولي إذا هددت إيران إسرائيل. واستطرد: «المشكلة تكمن في النظام الصهيوني لا إيران. إذا لم يهاجمونا فلن تكون هناك مشكلة».

إلى ذلك، طالب مصدر دبلوماسي غربي رفيع إيران بالإسراع اليوم قبل الغد بالسماح لفرق الوكالة الدولية بمعاينة موقع بارشين، مؤكدا أن إيران مهما بذلت من جهد لإخفاء آثار أنشطتها الممنوعة فلن تنجح تماما، غير مستبعد أن تكون خطة إيران الاستمرار في أعمال تطهير وإزالة لما تخشى الوقوف عليه حتى قرب موعد جلسة المفاوضات مع مجموعة 5 + 1 القادمة بموسكو.

وكان مصدر دبلوماسي رفيع قد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مجموعة من الدول الغربية الكبرى تجري هذه الأيام مشاورات واسعة للخروج بموقف موحد ضد إيران، مستبقين بذلك اجتماعات مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يبدأ أعماله صباح الاثنين القادم، مضيفا أن المجتمع الدولي ليس بإمكانه الجلوس ساكنا في انتظار إيران لتتفضل عليه من حين إلى آخر بتقديم معلومة عما تقوم به بصدد تطوير أنشطتها النووية المحظورة.

من جانبها كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد كررت، أثناء تنوير دوري تقني مغلق تنظمه سكرتاريتها للأمناء قبل كل اجتماع، عرض صور ستلايت تثبت أن موقع بارشين العسكري يشهد حركة كبيرة وتحوم به شاحنات وجرارات، كما أنه قد شهد إزالة مبنيين كانا قائمين حتى شهر مارس (آذار) الماضي.

إلى ذلك، توقع أكثر من مصدر متابع لـ«الشرق الأوسط» أن إيران ستواجه ضغطا شديدا أثناء اجتماعات مجلس الأمناء القادم بسبب ما تبديه من تباطؤ في تنفيذ الوعد الذي قطعته لمدير عام الوكالة يوكيا أمانو أثناء زيارته لطهران قبل أسبوعين، بأن إيران ستوقع على اتفاق إطاري مع الوكالة يحدد أسلوب العمل بينهما لحلحلة كل القضايا التي تصفها الوكالة بـ«العالقة»، وفي مقدمتها الاتهامات التي تطال إيران بأنشطة ذات طبيعة عسكرية، وأنها قامت بتجارب وانفجارات بموقع بارشين الذي تطلب الوكالة معاينته بينما لم تسمح إيران بذلك.

وكان أمانو قد أكد عقب الزيارة كما أشار في تقريره الأخير أن سعيد جليلي رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي وكبير المفاوضين الإيرانيين شخصيا قد وعده بقرب توقيع الاتفاق الإطاري. وفي هذا السياق ظل أمانو يكرر القول بضرورة أن تعمل إيران لاستعادة ثقة المجتمع الدولي في نشاطها النووي، بينما كررت مصادر غربية ضرورة أن تبادر إيران بوقف عمليات التخصيب لدرجة 20% العالية قبل أن يسعى الغرب من جانبه لتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران بسبب عدم التزامها بقرارات مجلسي الأمن الدولي ومجلس أمناء الوكالة الدولية، التي تمنعها من التخصيب والتي تطالبها بتعاون كامل وشفاف مع الوكالة، وصولا إلى حل قضية ملفها النووي.