انتخابات البرلمان الجزائري تخلف هزات داخلية ومعارك داخل أحزاب السلطة والمعارضة

لم يسلم منها حتى حزب جبهة التحرير متصدر نتائج الاقتراع

TT

تشهد معظم الأحزاب الجزائرية صراعات داخلية قوية، أخرجتها إلى العلن نتائج انتخابات البرلمان التي جرت في 10 مايو (أيار) الماضي، والتي أعطت الأغلبية لحزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ومع ذلك انتفض أعضاء فيه ضد أمينه العام لدفعه إلى التنحي. وشهد حزب رئيس الوزراء معركة جسدية بين مؤيدي أمينه العام والمعارضين له.

والمثير في موجات التذمر التي اجتاحت الأحزاب، وفي وقت واحد، أنها مست المعارضة وما يعرف بـ«أحزاب النظام». فقد نشبت أمس معركة حامية بين مؤيدي رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي هو أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي»، ومعارضين لاستمراره على رأس الحزب.

وتم ذلك أثناء اجتماع بالجزائر العاصمة لتقييم نتائج الحزب في الانتخابات التي حصل فيها على 68 مقعدا، بعيدا عن حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاصل على 208 مقاعد.

واتهم قياديون بارزون أويحيى بـ«الزيغ عن مبادئ الحزب، والابتعاد عن أصله لتحقيق مآرب شخصية ضيقة»، وحملوه مسؤولية «التسيير الكارثي للحزب الذي أصبح فيه التعيين بمناصب المسؤولية، قائم على المزاج وإقصاء الآخرين».

ويعاب على أويحيى أنه «غيب الحوار والإنتاج الفكري والسياسي، وقلب الاستقرار المزعوم إلى شلل تام أدخل الحزب إلى غرفة الإنعاش». وطالب المعارضون بعقد مؤتمر استثنائي لتنحية الأمين العام، الذي لا يبدو أنه مكترث أصلا بالهزة التي ضربت حزبه، لأنه سبق أن واجه مثلها وتغلب عليها.

ويروج أن المعارضين يسعون لاستخلاف وزير البيئة والتهيئة العمرانية الشريف رحماني مكانه. ويضم الحزب في صفوفه العديد من الوزراء الحاليين والسابقين.

ويرتقب أن تشهد «جبهة التحرير» الظروف نفسها، خلال اجتماعها المرتقب منتصف الشهر الحالي لتقييم نتائج الحزب في الانتخابات، وأداء القيادة بخصوص شؤون التسيير. ويسعى قياديون أغلبهم وزراء ومعهم رئيس البرلمان السابق، إلى سحب الثقة من الأمين العام وزير الدولة، عبد العزيز بلخادم، لدفعه إلى الاستقالة. لكن المفارقة، أن «جبهة التحرير» اكتسحت الانتخابات البرلمانية ورغم ذلك يتهم أمينها العام بسوء التسيير. ويقول معارضوه، وعلى رأسهم وزير العلاقات مع البرلمان، ووزير التكوين المهني، وعشرات القياديين، إن بلخادم «لا فضل له» في الفوز العريض المحقق، وأن الفضل يعود إلى رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة، عندما قال عشية الانتخابات في خطاب شهير: «إن حزبي معروف، وتعرفون انتمائي السياسي». وفهم من كلامه أنه دعوة للانتخاب لصالح مرشحي «الجبهة». ويعاب على بلخادم أنه أعد لوائح مرشحين «هزيلة». بينما يرد هو على معارضيه بالقول إن حجتهم ضعيفة «لأنهم ثاروا ضدي عندما رفضت تمكينهم من الترشح».

ويحتدم صراع قوي داخل الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، بسبب قرار «مجلس الشورى» رفض المشاركة في الحكومة، احتجاجا على «تزوير الانتخابات وحرمان التيار الإسلامي من فوز أكيد».

وثارت ثائرة قياديين ضد القرار، وأولهم وزير الأشغال العمومية، عمر غول، الذي صرح بوضوح، أنه لن يرفض عرضا محتملا من الرئيس بوتفليقة في الحكومة الجديدة المرتقب الإعلان عنها قريبا. ويسوق مقربون من غول شائعات مفادها أنه سيكون رئيس الوزراء المقبل، خلفا لأويحيى. وحازت «حركة مجتمع السلم» 49 مقعدا، بالتحالف مع حزبين إسلاميين آخرين.

أما الحزب الأشد معارضة للنظام فهو «جبهة القوى الاشتراكية»، الذي فصل قياديين بارزين من صفوفه بسبب حديثهما للصحافة عن «صفقة عقدتها قيادة الحزب مع النظام لشراء صمتها على التزوير المفضوح الذي وقع في الانتخابات». وتعيش «الجبهة الوطنية الجزائرية» أسوأ حالاتها، بعد خروج برلمانيين منتخبين حديثا على رئيس الحزب موسى تواتي الذي اتهموه بتلقي أموال منهم مقابل ترشيحهم ضمن لوائح حزبه.