نبيل العربي: «القاعدة في سوريا» كلمة اخترعتها المؤسسات المخابراتية

أمين عام الجامعة العربية لـ «الشرق الأوسط»: سنناقش بالدوحة نتائج زيارة أنان لدمشق

د. نبيل العربي (رويترز)
TT

أعرب الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن رفضه للخيار العسكري في سوريا، وقال إن «الجامعة العربية ودولها لا تقوم بهذا الدور، والدول التي تستطيع أن تباشر مثل هذا الدور لا ترغب في ذلك».

وقال العربي في حوار مع «الشرق الأوسط»، عشية جولته الخارجية التي تشمل تونس وقطر، إن الملف السوري سيتصدر جدول أعمال الاجتماع الوزاري العربي الذي سيعقد في قطر غدا، مضيفا أن ختام المؤتمر قد يشهد تفاصيل مبادرات للحل في سوريا. وكشف العربي عن عقده عدة اجتماعات مع مسؤولي الأمم المتحدة وسفراء دول غربية والولايات المتحدة لمناقشة مقترحات الحل في سوريا، بالإضافة إلى بحث نتائج زيارة المبعوث المشترك كوفي أنان لسوريا.. وفي ما يلي نص الحوار:

* ألا ترون أن النظام السوري لم يعد يتجاوب مع الحل السياسي، ومن ثم لا بد من التفكير في الخيار العسكري؟

- أرفض الخيار العسكري لسبب بسيط هو أن الجامعة العربية ودولها لا تقوم بهذا الدور، وأن الدول التي تستطيع أن تباشر مثل هذا الدور لا ترغب في ذلك. وقد أعلنتها بصراحة، ربما يتغير الوضع بعد شهور، ولكن نحن نتحدث اليوم من واقع اتصالات نجريها يوميا.. وقد التقيت بالسفيرة الأميركية في القاهرة، وكذلك سفراء من عدة دول غربية كثيرة، وكلهم يؤكدون ذلك. وبالتالي الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في جملة واحدة هي أن الدول التي لديها الاستعداد للقيام بالعمل العسكري ترفض أيضا هذا الخيار، وقد أكد هذا الموقف مرارا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، عندما قال صراحة منذ عشرة أيام «لن نتدخل في سوريا»، إذ إن أي تحرك باتجاه القوة العسكرية أو غيرها سوف تعارضه روسيا وربما الصين، وعليه لا توجد المؤشرات التي تفيد بدعم الخيار العسكري.

* هل رفض الخيار العسكري في سوريا يرجع إلى الفواتير والتكلفة وتجارة السلاح التي تستفيد منها بعض الدول، وكذلك عدم وجود بترول يغري بالتدخل العسكري؟

- سبق أن قلت هذا الكلام على سبيل الدعابة، وأيا كانت الأسباب فإن المحصلة النهائية تشير إلى أنه حاليا لا توجد أي نوايا للتدخل العسكري. أما الذي يمكن أن يحدث بعد شهر أو اثنين فلا أعرفه، أما اليوم فإن كل المؤشرات لا تؤدي إلى هذه النتيجة.

* هل توجد لديكم بدائل أو حلول مطروحة لتطوير خطة المبعوث المشترك كوفي أنان؟

- بالفعل توجد بدائل وحلول في اتجاهات كثيرة، وسبق لسكرتير عام الأمم المتحدة أن تقدم بتقرير مؤخرا وستتم مناقشته في مجلس الأمن، وخلاصته تقول إننا وصلنا إلى مرحلة لا بد فيها من البحث في أمرين، الخطوات التي سوف نسير فيها ومستقبل الحل. أما الاجتماع الوزاري العربي فقد طالبت بعقده أكثر من دولة عربية، وكان من المفترض أن يعقد في مقر الجامعة، ولكن تقرر في آخر لحظة أن يعقد في الدوحة، وسوف يناقش أفكارا كثيرة جديدة لأن الدول العربية في حالة ضيق شديد.

* ماذا سيقدم اجتماع الدوحة لسوريا؟

- من الصعب استباق الأحداث أو الإشارة إلى إجراءات بعينها.

* هل المقترحات الجديدة مطروحة من قبل الجامعة العربية والأمم المتحدة في خطة عمل مشتركة أم من الدول العربية؟

- بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، أوضح أن الموضوع السوري لا بد من بحثه بكل جوانبه، وقد ذهب كوفي أنان إلى دمشق، وخلاصة نتائج زيارته لسوريا سوف يتم بحثها، خاصة أن المبعوث المشترك طالب الحكومة السورية بمطلبين، هما احترام النقاط الست والآلية التي تنفذ الاتفاق، وأن الحكومة السورية يجب أن تغير سياستها، وحتى هذه اللحظة لا نجد أي تغيير رغم حديث الجامعة مع الحكومة منذ تاريخ 13 يوليو (تموز) العام الماضي من أجل تغيير السياسة.

* بماذا تعلق على اتهام الحكومة السورية لتنظيم القاعدة بممارسة العنف والقتل والتدمير ضد الشعب السوري؟.. ويتحدث النظام عن التزام بوقف إطلاق النار وإسناده إلى المعارضة، كيف ترون ذلك؟

- لا بد أن أكون منصفا وأنظر إلى المشهد وما يحدث في سوريا من جميع أبعاده، لا شك أن الحالة وصلت إلى تسلح المعارضة، إضافة إلى تدخلات تطلق على نفسها «القاعدة»، وأنا شخصيا لا أعرف ماذا نعني بـ«القاعدة»، وهذه كلمة اخترعتها المؤسسات المخابراتية من منطلق أن هناك جماعات إرهابية كثيرة تتشكل مع بعضها في «قاعدة»، وفى السياق نفسه أقرت المعارضة السورية التي نلتقي بها بوجود «القاعدة» في سوريا، وأن المسؤول عن هذه الظاهرة هو النظام السوري الذي أفرج عن هذه المجموعات التي كانت في السجون السورية للقيام بعمليات التفجير لصالح النظام، وهناك من يتحدث عن الشبيحة وكلام كثير في اتجاه «القاعدة» والعنف والقتل، ولكن ما أستطيع قوله من واقع ما تقوله المعارضة والحكومة السورية وكذلك المراقبون إن هناك اشتباكات مسلحة.

* هل تلقيت أي اتصالات من كوفي أنان خلال وجوده في سوريا؟

- لا.. ولا أريد الحديث معه وهو داخل دمشق.

* أعلن برهان غليون أنه يجب على الشعب السوري الاعتماد على نفسه، وأن يعمل على إسقاط النظام.. هل يمكن أن يحظى ذلك بدعم عربي معلن أو سري؟

- لو أي منا في موقع وزارة الخارجية السورية وجلس يفكر، ويسأل نفسه هل نغير النظام أم لا؟ الإجابة لماذا التغيير وأنا لدي حماية من روسيا، وحلف الناتو أعلن أنه لن يتدخل عسكريا، والفيتو في مجلس الأمن من قبل روسيا وربما الصين؟.. والمعارضة مهما تم تسليحها لن تكسب المعركة مع النظام.

* تقصد بسبب الخلافات السياسية؟

- نعم لديها خلافات كثيرة، وميزان القوى ليس في صالحها، ونحن لن نتحدث هنا عن مجموعة ميليشيات، فهناك جيش محترف في سوريا وكبير ومعه سلاح وقوي، وسبق أن شارك في حروب من قبل.

* لكن حجم التدمير في سوريا طال كل شيء..

- التدمير فظيع وأضر بكل الشعب السوري، وما يحدث من قتل وعنف سوف يؤثر على الشعب لسنوات.

* وماذا بشأن ما يتعلق بالمعارضة والمواعيد المقترحة لاجتماعها؟

- طلبوا التأجيل رغم المشاورات التي جرت معهم على مدار ثمانية أشهر، وكان من المفترض أن يعقد الاجتماع في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وسبق أن تحدثت مع برهان غليون في نهاية فبراير (شباط) الماضي، واتفقنا على انعقاد المؤتمر في منتصف مارس (آذار) الماضي، والمهم من الواضح أن لديهم مشاكل داخلية، ونصحت بالاتفاق على مصلحة سوريا وشعبها ومستقبلها، واتفق على موعد يوم التاسع من يوليو القادم كي نعرف من سوف يستمر ومن لا يستمر، والاتجاه هو تشكيل لجنة تحضيرية.

* ممن تتشكل اللجنة؟

- سوف تجتمع المعارضة السورية لتشكيل أعضاء اللجنة، وقد يكون ذلك في غضون أسبوع بعد الاجتماع الوزاري في الدوحة.

* هل الهدف من وحدة صف المعارضة الدخول في حوار مع النظام؟

- المعارضة ترفض الحوار مع النظام، ولكن ليس لديها مانع من الحوار بهدف نقل السلطة.. ونحن لم نصل إلى هذه المرحلة.

* الحل السياسي متعثر، فهل سيستمر الوضع على ما هو عليه؟

- لا توجد مشكلة إلا ولها حل سياسي؛ حتى الحروب تنتهي بالحل السياسي.

* ما هو تصوركم الشخصي لإنهاء مأساة الشعب السوري ولتجنيب دول المنطقة تداعيات الأزمة؟

- أعلنت ذلك، بأن الأزمة يمكن أن تؤثر على المنطقة كلها، والجميع يتفق معي في ذلك. ونرجو ألا نصل لهذا، ولا أريد أن أستبق الأحداث لأن كوفي أنان لا بد أن يخرج من زيارته لسوريا بنتائج جديدة.

* منذ قليل كان معكم الأخضر الإبراهيمي لعرض نتائج تحضيره لإعادة هيكلة الجامعة.. فهل لذلك علاقة بتغيير الميثاق في ظل تصريح سابق لكم عن ضرورة التعديل بحيث تصبح قرارات الجامعة ملزمة للدول العربية؟

- السيد الإبراهيمي كان معي مؤخرا وتحدثنا طويلا، ووعد بأنه قبل نهاية شهر يوليو سوف أتلقى تقرير اللجنة المستقلة، وعليه سوف نبحث خلال شهر أغسطس (آب) ما يمكن الاتفاق حوله في الخطة. وحتى الآن لم أتسلم التقرير النهائي حتى تسأليني عنه. أما في ما يتعلق بالقرارات الملزمة وغير الملزمة - وهو كما ذكرت موضوع يتعلق بتعديل الميثاق - فسوف يتم بحث ذلك خلال شهر مارس أو سبتمبر (أيلول)؛ لأن الأمر العاجل هو أننا قبل شهر سبتمبر نعتزم إعادة هيكلة الجامعة، وننظر في التوصيات الأخرى الخاصة بتحسين الأداء وتطويره بحيث يكون العمل في الجامعة العربية بطريقة عصرية، والأسبوع الماضي افتتحنا قسم إدارة الأزمات في الجامعة العربية.

* هل هذا القسم يمكن الاستفادة منه بعمل حوار مع إيران لإنهاء تداخلاتها في الدول العربية؟

- لن أتحدث عن موضوع إيران.

* عودة إلى اجتماع الدوحة الوزاري الذي يبحث في أجندة من ثلاثة بنود، فلسطين وسوريا والسودان.. ماذا عن تطورات الملفين الفلسطيني والسوداني في ضوء زيارتكم لكل من الخرطوم وجوبا مؤخرا؟

- موضوع السودان يتحرك في اتجاه الحل، وكانت اللقاءات كلها مهمة وتصب في توظيف العمل السلمي وإنهاء مشكلة الحدود والقضايا العالقة. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فالوضع أصبح غير مقبول بأي صورة، لأن الحكومة الإسرائيلية الحالية أصبح لديها 96 عضوا في الكنيست الإسرائيلي، ويمكن أن تفعل ما تريده باتجاه السلام، ورغم ذلك فهي لا ترغب في الجنوح إلى السلام على الإطلاق، وكل ما تقوم به هو تعقيدات واستمرار في توسيع الاستيطان.. وكذلك قضية الأسرى الفلسطينيين وسجنهم غير الإنساني وغير القانوني وغير الأخلاقي، وأقصد أن هناك من الأسرى الفلسطينيين من قضى 32 عاما في السجون الإسرائيلية وهذا لم يحدث في العالم، حتى نيلسون مانديلا الذي عرفه العالم كله قضى في السجن 27 عاما، بينما في إسرائيل هناك من ظل في السجن أربع سنوات قيد الاعتقال الإداري من دون تحقيق أو محاكمة، والمعاملة لا إنسانية.

* الرد السلبي لرئيس وزراء إسرائيل على رسالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيكون مطروحا في اجتماع الدوحة؟

- الموضوع الفلسطيني مطروح بكل تفاصيله في اجتماع الدوحة، والمشكلة أن الحل لم يفرض بموجب القرار 242 - والمبني على مبدأ أساسي هو أن هناك أرضا احتلت يجب أن يتم الجلاء عنها وينتهي الاحتلال - لكن ما حدث بعد أوسلو أن إسرائيل نجحت وبدهاء شديد في إنهاء النزاع إلى إدارته كما لو كانت تدير مزرعة، ولذلك أطالب بكسر الحلقة المفرغة والذهاب مرة أخرى إلى المجتمع الدولي للبحث عن حل وإنهاء للنزاع، وليس لإدارته. ونحاول بحث مستقبل فلسطين عبر صيغة دولية وليس من خلال «رباعية» أو خلافه، والدول الكبرى تقول لنا حاليا إن العام الحالي لن يقدم شيئا لفلسطين لأنه عام الانتخابات الأميركية.