مزاعم حول الرئيس الأكثر شعبية تثير الصدمة في البرازيل

قاض يتحدث عن تدخل دا سيلفا لتأجيل محاكمة سياسيين بتهم شراء أصوات

دا سيلفا يتحدث خلال منتدى وزاري حول التنمية في برازيليا الأربعاء (رويترز)
TT

أصيبت الطبقة السياسية في البرازيل بصدمة إثر بروز ادعاء يقول إن لويز إناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس السابق والذي يعد أكثر القادة السياسيين المعاصرين تأثيرا في البلاد، قد مارس ضغوطا على قاض بالمحكمة العليا من أجل تأجيل المحاكمة في فضيحة شراء الأصوات المتورط فيها أعضاء رفيعو المستوى بحزب العمال الحاكم.

وكان القاضي غيلمار مندس قد أكد أن دا سيلفا، 66 عاما، الذي خضع مؤخرا لعلاج من سرطان الحنجرة، طلب منه في أبريل (نيسان) الماضي في العاصمة برازيليا، تأجيل المحاكمة، المقرر عقدها في أغسطس (آب). ويذكر أنه قد تورط أكثر من 30 سياسيا في الفضيحة التي يشار إليها بوصفها محور المحاكمة أو «التعويض الضخم»، وهو الاسم المستعار الذي يشير إلى المدفوعات الشهرية التي يقال إنه قد تم سدادها للمشرعين إبان فترة رئاسة دا سيلفا.

وقد أثار الادعاء الذي صرح به القاضي مندس في مقال نشر نهاية الأسبوع في مجلة «فيجا»، عداء عنيفا بينه وبين دا سيلفا. وقد أقر الرئيس السابق بأن الاجتماع عقد بالفعل في برازيليا، لكنه أنكر ادعاء القاضي بأنه طلب منه تأجيل المحاكمة واصفا إياه بأنه «عار عن الصحة». وفي بيان أدلى به، أعرب عن «غضبه» من القاضي، عضو المحكمة الفيدرالية العليا الذي عين في عام 2002 من قبل الرئيس السابق دا سيلفا.

وتبدو المراهنات عالية في فضيحة شراء الأصوات، والتي أخذت تتضح معالمها شيئا فشيئا على مدار سنوات. وتم الكشف عن الفضيحة في عام 2005، أثناء الفترة الأولى من حكم دا سيلفا. ومن بين المدعى عليهم في القضية شخصيات بارزة مقربة من الرئيس دا سيلفا، مثل خوسيه ديرسو دي أوليفيرا إي سيلفا، الذي كان يشغل منصب رئيس ديوان دا سيلفا، قبل أن يرغم على الاستقالة.

ومن المتوقع أن تتطرق المحاكمة التي طال انتظارها إلى الوسائل التي يستخدمها حزب العمال لكسب الدعم في البرلمان. وتصف المستندات في تلك القضية عملية شراء أصوات معقدة تضم حسابات مصرفية خارجية وتحويل أموال من ميزانيات الدعاية الخاصة بالشركات المملوكة للحكومة.

وقد كان دا سيلفا، الذي أنهى فترة ولايته الثانية في عام 2010 بنسبة تأييد عالية، متورطا في القضية. ولا يزال يتمتع بنفوذ ضخم، حيث يقدم المشورة لخليفته، ديلما روسيف. وقبل أن يبتلى بمرض السرطان العام الماضي، كان يعمل بشكل ناجح كمتحدث في الأحداث الخاصة بالشركات؛ وقال في مارس (آذار) الماضي عندما خف مرضه، إنه سيعود إلى «الحياة السياسية».

وقد قوبل الادعاء بأنه مارس ضغطا على قاضٍ في ما يتعلق بمحاكمة من شأنها أن تؤثر على مصيره السياسي بردود أفعال حادة من قبل شخصيات أخرى بارزة في البرازيل، من بينها قاض آخر على الأقل، يدعى سيلسو دي ميلو من المحكمة الفيدرالية العليا.

وقال القاضي مندس إن الضغط الذي حدث في اجتماع أبريل في البرازيل انطوى على تلميح من جانب دا سيلفا بأنه يمكن ربط مندس بفضيحة أخرى، متورط فيها سيناتور من المعارضة، يدعى ديم ستينس، كما لمح إلى علاقته برجل أعمال يدعى كارلوس أوغوستو راموس (المعروف بلقب كارلينهوس كاتشويرا أو «شلال تشارلي»)، المتهم بإدارة عمليات مراهنة غير قانونية.

وقال مندس إن دا سيلفا سأله عن رحلة إلى برلين قام بها مع توريس. وأشار إلى أنه اعترف بسفره إلى برلين، حيث تعيش ابنته، وأوضح أن تكلفتها تحملتها المحكمة العليا، بالإضافة إلى جزء من جيبه الشخصي. وفيما بعد، ذكر مندس أنه استطاع سداد تكاليف تلك الرحلة بسهولة بفضل دخل جناه من كتاب قام بتأليفه عن القانون الدستوري.

لكن القاضي اعترف أيضا في مقابلة أجراها مع صحيفة «أو استادو دي ساو باولو»، بأنه سافر في مناسبتين على متن طائرات خاصة زوده بها توريس، وأكد على أن مثل تلك الرحلات لم تكن بمثابة انتهاك للمعايير الأخلاقية. وقال إن قضاة آخرين رفيعي المستوى سافروا في تلك الرحلات.

وفي المقابلة نفسها، المنشورة يوم الأربعاء، شن مندس هجوما جديدا على دا سيلفا، متهما إياه بنشر شائعات تستهدف إضعاف خطة المحكمة العليا الموضوعة للمحاكمة. وقد اتهمه معلقون آخرون، مشيرين إلى إنكار الرئيس السابق ادعاءات مندس، بتشويه «سمعة» دا سيلفا. وقد وضع العداء بين الرجلين الرئيسة روسيف في موضع غير مناسب. ومن المتوقع أن يتقاعد قاضيان من أعضاء المحكمة التي تضم 11 عضوا في وقت قريب، ومن ثم، ففي حالة ما إذا تم تأجيل المحاكمة، ربما تؤثر ترشيحات روسيف لأفراد لشغل الوظائف الشاغرة على النتيجة، على نحو يثير مخاوف بشأن تأثير حزب العمال على المحاكمة.

وفي حالة ما إذا جرت المحاكمة، فسوف يتم كشف النقاب عن آليات العمل الداخلية للحزب، على نحو يصرف الانتباه بعيدا عن جهودها للقضاء على الفساد. وأجبرت الفضائح سبعة من الوزراء بالحكومة على الاستقالة في العام الماضي، من بينهم رئيس الديوان.

وأصدرت روسيف بيانا يوم الأربعاء تدين فيه أي تهديد بحدوث «أزمة مؤسسية» بين القضاء والمؤسسات التنفيذية نتيجة العداء بين الرجلين. وقد ظهرت روسيف مع دا سيلفا يوم الأربعاء في احتفال تم فيه تكريمه على إسهاماته في مجال محاربة الفقر.

* خدمة «نيويورك تايمز»