النظام السوري يعلن النتائج الأولية لتحقيقه في مجزرة الحولة.. ورايس تعتبرها كذبا

جهاد مقدسي يصف أنان بـ«المبشر بالحروب الأهلية»

TT

كررت السلطات السورية اتهامها لمن تسميهم «مجموعات إرهابية مسلحة» بارتكاب مجزرة الحولة المروعة، والتي راح ضحيتها أكثر من مائة شخص بينهم خمسون طفلا و36 امرأة، في حين وصف الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي المبعوث الأممي كوفي أنان بـ«المبشر بالحروب الأهلية»، وذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع في مقر وزارة الخارجية العميد قاسم جمال سليمان رئيس لجنة تحقيق أعلنت الحكومة السورية تشكيلها للتحقيق بمجزرة الحولة، مساء أمس لإعلان النتائج الأولية للتحقيق. ونفى رئيس اللجنة دخول قوات حفظ النظام إلى المنطقة التي وقعت فيها المجزرة، وقال «إن قوات حفظ النظام لم تدخل المنطقة التي وقعت فيها المجزرة لا قبلها ولا بعدها، وإن المجموعات الإرهابية التي جاءت من خارج البلدة قامت بتصفية عائلات مسالمة خلال الهجوم على قوات حفظ النظام»، مضيفا «إن جميع الضحايا قتلوا بأسلحة نارية من مسافة قريبة وأدوات حادة وليس عن قصف، وعدد كبير من الجثث يعود للإرهابيين الذين قتلوا في الاشتباك مع قوات حفظ النظام».

ورفضت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس على الفور التصريحات السورية حول نتائج التحقيق السوري الحكومي في مذبحة الحولة، معتبرة أنها «كذب فاضح». وبعد أن كانت الأمم المتحدة قالت إن الحكومة السورية تتحمل مسؤولية المذابح، اعتبرت دول عربية وغربية أن حجج النظام السوري غير مقنعة أو مقبولة حول مسؤولية المجزرة المروعة التي كشفت نهاية الأسبوع الماضي.

وكان ناجون من المجزرة أكدوا في شهاداتهم أن شبيحة النظام وقوات الأمن هم من ارتكب المجزرة، ولم يأت أحد منهم على ذكر قوات حفظ النظام الذين هم في الأساس «شرطة»، إلا أن العميد قاسم جمال سليمان قال، إن «الاستنتاجات الأولية للتحقيق استندت إلى شهود العيان وتشير إلى أن ما بين 600 و800 مسلح من المنطقة ومناطق أخرى قاموا بمهاجمة قوات حفظ النظام والمنطقة». وأضاف سليمان إن «استنتاجات التقرير الأولي للجنة التحقيق في مجزرة الحولة تؤكد أن جميع ضحايا المجزرة من عائلات مسالمة رفضت الوقوف ضد الدولة وحمل السلاح والإذعان للإرهابيين الذين طالبوهم بالخروج إلى التظاهر».

من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية والمغتربين جهاد مقدسي «عندما يكتمل التحقيق ستقدم نتائجه إلى المجتمع الدولي»، مضيفا «نحن أول من طلبنا من الجنرال مود رئيس بعثة المراقبين الذهاب إلى موقع الجريمة والاطلاع عليها، وهناك دوائر وغرف مظلمة تعمل على استهداف سوريا ويودون خلق فتنة، لكن النسيج السوري عصي على الاقتتال».

وأكد مقدسي أنهم يهدفون من خلال «ارتكابهم الجرائم المتعددة في سوريا إلى إحداث فتنة يبغضها جميع السوريين»، لافتا إلى أن من الغرابة أنه في الوقت الذي قدم فيه أنان إلى سوريا قامت واشنطن والدول الغربية بطرد السفراء السوريين». وعبر مقدسي عن أسفه لما وصفه انتقال الأمين العام للأمم المتحدة «من مهمته في حفظ السلام والأمن في العالم إلى مبشر بالحروب الأهلية». وقال مقدسي «التواصل بيننا وبين فريق المراقبين الدوليين يومي ونبلغهم بكل المعطيات، ونحن في سوريا نقوم بكل ما يترتب علينا من التزامات لكن الأطراف الإقليمية والمعارضة لا تريد تنفيذ التزاماتها إزاء خطة عنان». وحول لقاء عنان مع الرئيس الأسد قال مقدسي إنه كان «واقعيا وبناء إزاء خطة النقاط الست».

وقبل إعلان الحكومة السورية تلك النتائج الأولية للتحقيق الذي تجريه حول «مجزرة الحولة» نشرت الدكتورة خولة حديد ابنة منطقة الحولة على صفحتها في موقع «فيس بوك» ردا على ما قاله مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، وقالت خولة حديد التي قضى أكثر من عشر أشخاص من عائلتها في المجزرة، وردا على قول الجعفري «المجزرة حدثت في ثلاثة أماكن هي الحولة، تلدو، قرية الشومرية، وهي مناطق فيها ثلاث طوائف، سنة، شيعة، علويين»، أوضحت خولة حديد أنه «لا يوجد قرية محددة بعينها اسمها الحولة، وأن المجزرة حدثت في تلدو إحدى قرى الحولة والتي تمتد على سهل فسيح بين وادي العاصي وجبل الحلو وتتألف من عدة قرى: تلدو، تلذهب، الطيبة، كفر لاها، وبعض القرى الصغيرة المحيطة بها». وتتابع أما قرية الشومرية «هي قرية صغيرة تطل على بحيرة قطينة على نهر العاصي في ريف القصير بالقرب من قرى السلومية وعش الورور وفيها عائلات من الطائفتين السنية والعلوية». وتضيف «وقعت في الشومرية أحداث على خلفية مجزرة الحولة.. إذ يوجد من قرية الشومرية أحد رؤوس الشبيحة الذي يعمل على توفير الشبيحة ويجندهم من هذه القرية، وبدأت بعض الشجارات في القرية، وتفاجأ أهالي القرية من السنة بوجود كميات كبيرة من الأسلحة لدى العلويين في القرية ووجود متاريس أيضا حتى داخل بيوتهم. وحتى بعض النساء منهن من كن مسلحات وقد قامت إحدى النساء بقتل أحد الثوار، كما قام رجل منهم معروف اسمه ونسبه يعمل مصلح دراجات نارية بقتل ثلاث رجال من السنة في هذه القرية أيضا، واستشهد في هذه العملية ثلاثة من الثوار، وظلت الاشتباكات إلى أن أتى الجيش التابع لعصابة النظام وأخرج العلويين من القرية وبعدها بدأ القصف المدفعي على قرية الشومرية والسلومية والكمام وحرقوا نحو ثلاثين بيتا في الكمام.. وأيضا خلال خروج الجيش من الشومرية دمروا بيوتا كثيرة قبل خروجهم وعند مجيء الجيش لقرية الشومرية أتى بعض الثوار والجيش الحر ليتصدوا له مما سرع بإخراج العلويين من القرية وخفف عن الأهالي مجيء الجيش الحر». وتؤكد حديد في روايتها أنه كان في هذه العملية «بعض من إخوة وأولاد عم أصدقاء لنا معروفون بمصداقيتهم». واتهمت حديد إعلام النظام بـ«الكذب الفاجر»، حيث إنه قال «ارتكبت بالشومرية مذبحة ذبح فيها بالسكاكين 15 طفلا وخمس عائلات جميعهم من العلويين.. واستشهدوا بصور لأطفال الحولة التي نشرها الثوار.. ومنها صورة الطفل خالد الفارس ابن الأربع سنوات الذي قتله الشبيحة ذبحا يوم 17 مايو (أيار)، أي قبل المجزرة بعدة أيام». وأكدت خولة حديد أن «كل شيء موثق.. وهناك شهادات وأسماء.. وهناك شهود حتى من أبناء الطائفة العلوية على ما شهدته الشومرية من أحداث».

وكان بشار الجعفري مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة قال ليلة أول من أمس (الأربعاء) إن هناك لجنة تقوم بالتحقيق وستنهي أعمالها غدا أو بعد غد، والجميع سيسمع نتائج هذا التحقيق وسيعرف هوية من ارتكبوها. وردا على اتهام بعض أطراف النظام السوري بارتكاب مجزرة الحولة قال الجعفري، إن «المجازر طالت أيضا تلدو والشومرية ومن ارتكبها عن قصد هدف إلى إشعال حرب أهلية لأن هناك ثلاث طوائف مختلفة تعيش في هذه القرى، وبالتالي من ارتكب المجازر هم مجرمون محترفون».

وبشأن مطالبة مجلس الأمن سحب الجيش من المناطق قال الجعفري «إن هذا الأمر حصل، ولكن هناك نوعا من المفارقة، فمن جهة إذا نشرنا الجيش وقوات حفظ النظام لحماية المدنيين يأتي من ينتقدنا لفعل ذلك وإذا تركنا الناس يقتلون من قبل المجموعات الإرهابية يأتي أيضا من ينتقدنا لأننا لا نحمي المدنيين».

واتهم أكثر من مائة وخمسين مثقفا وناشطا من أبناء الطائفة العلوية النظام السوري بارتكاب مجزرة الحولة، وقالوا في بيان وقعوا عليه بصفتهم «أبناء الشعب السوري وأبناء الطائفة العلوية (أحفاد صالح العلي)»، ندين بشدة مجزرة الحولة التي قام بها النظام السوري ضد أبناء البلدة الأبرياء، كما ندين جميع المجازر وعمليات القتل والانتهاكات التي قام بها النظام ضد الثائرين المحتجين ونعتبرها جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. وأكدوا أنه «لا غطاء أخلاقيا أو دينيا أو اجتماعيا يحمي القتلة من المساءلة والقصاص العادل وكل من تورط بالدعم سيحاسب وبأقسى أنواع العقوبات بإذن الله». واتهموا النظام «باستخدام بعض المأجورين والمرتزقة للقتل باسم الطائفة العلوية أو غيرها، لنقل الثورة العادلة إلى حرب طائفية تؤدي إلى تدمير البينة الاجتماعية للمجتمع السوري». ودعوا أبناء الطائفة العلوية من أهالي القرى المجاورة للحولة والتي ترددت أنباء عن «تورطهم بدم أبناء الوطن»، للكشف عن هويات القتلة وجميع المشاركين بأعمال العنف و«التبرؤ منهم في حال صحة هذه الأنباء». كما دعوا «جموع الموالاة من مختلف أطياف المجتمع السوري التي تساند النظام وبصورة خاصة أبناء الطائفة العلوية» إلى «التخلي عن هذا النظام والتبرؤ من أفعاله الإجرامية، ومحاولاته الحثيثة إلى جر البلد لحرب أهلية أو طائفية». ومن الموقعين لويز عبد الكريم وأكثم نعيسة ووسيم حسن وآفاق أحمد وفؤاد حميرة وروزا حسن وعبد الحكيم قطيفان وفدوى سليمان وحلا عمران وتماضر عبد العبد لله وآخرون.