في جمعة «أطفال الحولة».. النظام يواجه عشرات آلاف المتظاهرين بالرصاص ويستكمل حملته الأمنية

ناشطون يتحدثون عن إعدام 12 عاملا سوريا في ريف القصير.. والسوريون يتوعدون الأسد وميليشياته بالقصاص

لافتات رفعها المتظاهرون أمس مطالبين العرب بطرد سفيري روسيا والصين، بحي العسالي بدمشق (أوغاريت)
TT

واجهت قوات الأمن السورية أمس عشرات آلاف المتظاهرين في المناطق والمحافظات السورية كافة بالرصاص الحي بحسب ما أكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي تحدث أيضا عن مظاهرات حاشدة وغير مسبوقة شهدتها مدينة حلب في جمعة «أطفال الحولة مشاعل النصر» تصدى لها النظام موقعا عددا من القتلى وعشرات الجرحى في حي الشعار في حلب.

وبينما تحدثت لجان التنسيق المحلية عن سقوط ما يزيد عن 40 قتيلا يوم أمس، قال المرصد إن آلاف السوريين خرجوا الجمعة في مختلف أنحاء البلاد في جمعة «أطفال الحولة مشاعل النصر» استنكارًا للمجزرة التي حصلت في 25 مايو (أيار) الماضي وراح ضحيتها 108 قتلى بينهم 49 طفلا، وتعرّض المتظاهرون إلى إطلاق النار من القوات النظامية، مما تسبب بسقوط قتلى وجرحى، ودائما بحسب المرصد، الذي قال في بيان إن «مواطنين استشهدا وأصيب آخرون بجروح إثر إطلاق الرصاص من قوات الأمن على المتظاهرين في حي الشعار في مدينة حلب الذي شهد مظاهرة قدرت بالآلاف. كما أصيب عدد من رجال الأمن بجروح بينهم ضابط في إطلاق نار لم يعرف مصدره خلال المواجهات مع المتظاهرين»، وأوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أن «مظاهرة حلب كانت حاشدة، وهي الأكبر في كل سوريا كما هي الحال في حلب منذ ثلاثة أسابيع كل يوم جمعة».

وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «حلب تشهد وللأسبوع الثالث على التوالي أكبر المظاهرات التي شهدتها سوريا منذ اندلاع الثورة» لافتا إلى أن عشرات الآلاف خرجوا إلى الشوارع أمس للتنديد بمجزرة الحولة، وأضاف: «كما خرجت في ريف حماه أمس مظاهرات حاشدة ووقعت اشتباكات في درعا وهزّ انفجار حاجزا عسكريا بريف إدلب».

بدوره، وصف الناطق الرسمي باسم تنسيقيات الثورة في حلب محمد الحلبي المظاهرات التي شهدتها حلب أمس بـ«الضخمة» مؤكدا أن الحراك في حلب يكبر أسبوعا بعد آخر كم حيث الحجم والنوع، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «خرجت أمس أكثر من 40 مظاهرة في حلب كان أكبرها في حي صلاح الدين حيث خرج أكثر من 50 ألفا ساروا باتجاه الأعظمية حتى حي سيف الدولة فالجميلية وصولا إلى مشارف ساحة سعد الله الجابري»، وأضاف: «هناك انهال الرصاص على المتظاهرين وحوصرت الأحياء وسقط أكثر من 40 جريحا عدد منهم بحالة خطرة».

وأوضح الحلبي أن حي الشعار في حلب شهد كذلك على خروج أكثر من 15 ألف شخص سقط 5 شهداء منهم برصاص الأمن السوري وقال: «المتظاهرون هتفوا ضد خطة أنان ووصفوها بالفاشلة كما نددوا بالصمت العربي والدولي الذي أدّى برأيهم لمجزرة الحولة».

إلى ذلك أفاد الناشط محمد الدوماني من دوما إلى تعرض مظاهرات هناك لإطلاق نار ما أدى لإصابة عدد من المتظاهرين.

هذا وذكر المرصد أن المظاهرات عمت كذلك محافظات درعا ودمشق وريفها وحمص وحماه وإدلب ودير الزور والحسكة والرقة واللاذقية «على الرغم من الانتشار الأمني الكثيف». ورفع متظاهرون في حي العسالي في دمشق لافتات منددة بمجزرة الحولة كُتب على إحداها «أيها العرب نحن نطلب أكثر من مجرد طرد السفراء (السوريين)، نطالب أيضا بطرد السفراء الروس والصينيين». كما رفع متظاهر لافتة طالب فيها بالحرية للمعتقلين السياسيين، بينما اتهم آخر النظام بقتل أطفال تحت ستار الإصلاح.

وجاء ذلك فيما كانت تتعرض، حمص وريفها لقصف عنيف ومتواصل بالدبابات التي تحاصر مختلف الأحياء، وتركز القصف المدفعي في المدينة على حي الخالدية صباحا، وفي ريف حمص شيعت مدينة القصير أربعة عشر شخصا قتلوا أول من أمس جراء القصف العنيف على المدينة المتواصل منذ يوم الاربعاء الماضي، كما شيعت قرية البويضة الشرقية القريبة من القصير ضحايا مجزرة معمل السماد والتي قضى فيها أربعة عشر عاملا من البويضة.

من جانب آخر أفادت الهيئة العامة للثورة السورية عن مقتل 14 شخصا بنيران قوات النظام، عشرة منهم في داريا بريف دمشق. وفي مدينة دمشق قال ناشطون إن قوات النظام زرعت عبوة ناسفة أمام منزل أحد الناشطين في حي المزة وأدى تفجيرها إلى مقتل ثلاثة أشخاص، إلا أن مصادر حكومية قالت إن عبوة ناسفة انفجرت بيد إرهابيين وهم يصنعونها.

وفي ريف دمشق سجل ناشطون تزايدا في عدد نقاط التظاهر في ريف دمشق نصرة للحولة والمدن المنكوبة على امتداد سوريا، وذلك رغم ما تشهده بعض مناطق الريف من عمليات عسكرية موسعة واستمرار القصف وإطلاق النار في مدينة داريا والمعضمية ودوما، وقال ناشطون إن عشرة أشخاص على الأقل قتلوا في داريا، في قصف عنيف من جميع الأسلحة بما فيها المدفعية الثقيلة مما أدى إلى إصابات العشرات بجراح، كما لوحظ انتشار أمني كثيف في شوارع معضمية الشام مع انتشار القناصة على أسطح المباني وإقامة بعض الحواجز الطيارة، وفي دوما سمع إطلاق كثيف للرصاص من الأسلحة الرشاشة والقناصة بالتزامن مع خروج الأهالي من المساجد في حي عبد الرؤوف ومنطقة جامع التوحيد من جامع المنفوش والإيمان وجامع المحمود، حيث تمت مواجهتها بالقصف وإطلاق النار من قبل عناصر الجيش النظامي، وخرجت المظاهرات نصرة للحولة والمدن السورية المنكوبة في كل من دوما وداريا وحرستا وسقبا وكفر بطنا وزملكا وعين ترما وحران العواميد والبويضة والضمير والزبداني وجديدة عرطوز وبلدا وحجيرة والكسوة والعبادة وحمورية وعقربا والسيدة زينب والتل وببيلا وكناكر وجرى اعتقال عدد من الأطفال دون سن الـ15 عاما في جديدة عرطوز. كما قال ناشطون إن سيدة وأطفالها قتلوا برصاص قوات الأمن في حمورية، وفي بيت سحم اعتدت قوات الأمن على المصلين بالضرب وفرقتهم قبل الخروج بمظاهرة.

وأيد المتظاهرون السوريون قيام العديد من الدول الأجنبية بطرد السفراء السوريين لكنهم اعتبروها غير كافية، ورفعوا في دمشق بحي العسالي لافتة كتبوا عليها أن «طرد السفراء لا يكفينا يجب طرد سفراء روسيا والصين» بينما رأى المتظاهرون في مدينة كفرنبل في محافظة إدلب - شمال غرب - أن طرد السفراء كلف السوريين خمسين طفلا شهيدا، - في إشارة إلى مجزرة الحولة - وفي حرستا في ريف دمشق كانوا أشد صرامة في الكشف عن رغبتهم في الأخذ بالقصاص من النظام وشبيحته وكتبوا بصراحة تنطوي على تعبير طائفي لا يقبل اللبس «اسمع أيها القاتل نريد القصاص لأطفالنا من أطفالكم ولنسائنا من نسائكم ولشبابنا من شبيحتكم فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»، وتوعدوا الشبيحة بالثأر وبكثير من التحدي وجهوا الرسالة: «إلى ميليشيات الأسد إن كان قائدكم أسدا فإن جدنا الحمزة صياد الأسود» وردا على نتائج التحقيق الذي أجرته الحكومة السورية وأعلنت نتائجه الأولية قال المتظاهرون في حرستا «دماء أطفال الحول تنطق بالحق أكثر من الحكومة السورية ومن كل المراقبين».

في هذا الوقت، استكمل النظام السوري وبحسب الناشطين حملته الأمنية، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 12 عاملا خلال مرورهم في حافلة في ريف القصير أول من أمس الخميس. وقال المرصد إن الرجال الاثني عشر يعملون في معمل للأسمدة في المنطقة تم إعدامهم، مطالبا المراقبين الدوليين المنتشرين في سوريا بزيارة القصير والتحقيق في عملية القتل.

وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن قوات النظام تقصف منذ أيام مدينة القصير التي تعتبر معقلا للمنشقين والتي تحاول قوات النظام اقتحامها.

بدوره، قال الناشط سليم قباني من لجان التنسيق المحلية السورية: «كان العمال في حافلة عندما أجبروا على التوقف على حاجز في ريف القصير». وأضاف «إنه إعدام ميداني. قام عناصر الحاجز بتكبيل أيديهم وراء ظهورهم وقتلهم رميا بالرصاص».

وقال قباني إن «عمليات الإعدام الميداني تتكاثر في هذه المنطقة، لا سيما على الحاجز المذكور حيث تعرض كثيرون للتعذيب»، مشيرا إلى وجود عدد كبير من الجرحى أيضا في المنطقة بسبب القصف، وإلى «نقص كبير في العلاجات الطبية والأدوية».

كما تدور اشتباكات في بلدتين في محافظة درعا في جنوب سوريا بين القوات النظامية ومجموعات منشقة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال المرصد «تدور اشتباكات بين القوات النظامية السورية ومقاتلين من الكتائب المقاتلة المعارضة هاجمت أحد المراكز العسكرية بين بلدتي صيدا والغارية الغربية» في درعا.

وبالتزامن، قال ناشطون إن مواطنا قتل في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور إثر إطلاق الرصاص عليه أمام منزله من القوات النظامية السورية صباح يوم أمس. وقال المرصد السوري إن «القوات النظامية اقتحمت مدينة داريا بآليات عسكرية ثقيلة وأطلقت قذائف على منطقة داريا الغربية التي يتمركز فيها مقاتلون من الكتائب المقاتلة المعارضة، مما أدى إلى مقتل خمسة مواطنين». وفي ريف درعا، أفادت لجان التنسيق المحلية عن إصابة رجل بإطلاق رصاص لدى خروجه من المسجد في بلدة الشيخ مسكين. وفي محافظة إدلب «هز انفجار شديد» منطقة المسطومة صباح الجمعة، تبيّن، بحسب المرصد، أنه ناتج عن «استهداف حاجز عسكري سقط على أثره عدد من القوات النظامية بين قتيل وجريح». كما قتل طفل برصاص أحد الحواجز في مدينة أريحا في إدلب، وقُتل أربعة مواطنين في مدينة حمص بينهم اثنان إثر إطلاق الرصاص عليهما في حي باب السباع، بحسب ما نقل المرصد عن ناشطين، مشيرا إلى مقتل مواطنين في اشتباكات «عندما كانا يدافعان عن حي باب تدمر»، بحسب البيان. وقتل مواطنان وأصيب ثالث بجروح خطرة في «انفجار في منزل أحدهم في بساتين الرازي في منطقة المزة في دمشق».

كما سمعت أصوات إطلاق نار من رشاشات ثقيلة وخفيفة وأصوات انفجارات في مدينة دوما حيث احترق فجرا «مبنى في منطقة العب التي تعرضت للقصف في محاولة لاقتحامها من القوات النظامية»، بحسب المرصد.

وذكرت شبكة شام الإخبارية أن قوات النظام شنت هجوما عنيفا بالدبابات والمدرعات على مدينة البوكمال في دير الزور مما أسفر عن مقتل شاب.