اليوم مشهد النهاية في محاكمة الرئيس المصري السابق

مبارك يترقب مصيره ومخاوف من تداعيات الحكم على الوضع الأمني

صبي يبيع الزهور بجانب رسم جداري طبع عليه وجه الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي ينتظر الحكم ضده مع نجليه وكبار مساعديه في قضايا فساد اليوم (أ.ب )
TT

يحبس ملايين المصريين والملايين معهم في كل دول العالم صباح اليوم أنفاسهم لساعات أمام شاشات التلفزيون، تتوقف معه حالة الجدل السياسي الدائرة الآن والمعركة الشرسة حول جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.. مع جلوس المستشار أحمد رفعت على منصة محكمة جنيات القاهرة، للنطق بالحكم على حسني مبارك الرئيس السابق للبلاد لمدة 30 عاما، مع نجليه وكبار مساعديه الأمنيين، في قضايا فساد وقتل متظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني).

وبينما يتخوف المراقبون من تداعيات الحكم الصادر أيا كان نوعه، سواء بالبراءة أو الإعدام أو السجن، على الوضع الأمني في البلاد، استبق آلاف المصريين أمس المحاكمة، وخرجوا في ميدان التحرير وجميع المحافظات للمطالبة بالقصاص من رموز النظام السابق وتعجيل الحكم ضدهم.

ومنذ أغسطس (آب) العام الماضي، وخلال 45 جلسة، يحاكم مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 آخرون من كبار القيادات الأمنية السابقة بوزارة الداخلية في قضية اتهامهم بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها.

كما يحاكم مبارك أيضا ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال (الهارب) حسين سالم في شأن اتهامات عن وقائع تتعلق بقبول وتقديم رشاوى وفساد مالي والإضرار العمدي بالمال العام واستغلال النفوذ الرئاسي بغية التربح دون وجه حق في شأن صفقة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل وغيرها من قضايا الفساد.

وتصدر محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، حكمها بعد فترة مداولة بين أعضاء المحكمة استغرقت قرابة 4 أشهر لدراسة أوراق القضية وفحص مستنداتها وما قدم خلال جلساتها من جانب النيابة والدفاع والمدعين بالحقوق المدنية.

وبينما طالبت النيابة في الادعاء الذي قدمته بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين وهي الإعدام، يتوقع المحامون المدعون بالحق المدني أنه في حالة صدور حكم بحق مبارك سيتم نقله إلى مستشفى سجن «طرة» بقرار من رئيس المحكمة، بدلا من المركز الطبي العالمي الذي يرقد فيه.

ويترقب الملايين المحاكمة، في الجلسة التي سينقلها التلفزيون المصري على الهواء مباشرة، متذكرين المشهد الأول لدخول مبارك ونجليه ورموز نظامه قفص المحاكمة، خلال الجلسة الأولى في الثالث من أغسطس الماضي، كأول رئيس مصري يحاكم، مع توقعات بحضور كبير لأسر وأهالي الشهداء أمام المحكمة، إضافة إلى مؤيدي الرئيس السابق الذين يطلق عليهم «أبناء مبارك» والذين يرفضون محاكمته ويطالبون ببراءته.

وقد اتخذت وزارة الداخلية وقوات الشرطة العسكرية إجراءات أمنية مكثفة لتأمين المحكمة، حيث اعتمد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم خطة تأمين الجلسة التاريخية تتضمن تأمين المحاكمة وأكاديمية الشرطة وخطوط سير المتهمين بداية من نقل مبارك من المركز الطبي العالمي إلى مقر الأكاديمية بالطائرة، وكذلك تأمين خطوط سير نجليه علاء وجمال، والعادلي ومساعديه الأربعة من محبسهم في منطقة سجون طرة إلى الأكاديمية.

وأوضحت مصادر أمنية من مديرية أمن القاهرة أنه سيتم تأمين الجلسة بـ20 ألف جندي أمن مركزي، بجانب التنسيق مع أفراد الشرطة العسكرية، مشيرا إلى أنه سيتم الفصل بين المحامين المدعين بالحق المدني ومحامي المتهمين في القضية داخل قاعة المحكمة.

وقالت مصادر أمنية وأخرى داخل هيئة قناة السويس إنه تم تشديد الإجراءات داخل المجرى الملاحي للقناة وحول المقرات الرئيسية لإدارة القناة بمحافظات الإسماعيلية والسويس وبورسعيد تحسبا لاندلاع أي أعمال عنف في حالة عدم الرضاء الشعبي عن الحكم ضد المتهمين، كما تم أيضا تشديد الإجراءات الأمنية حول المقار الأمنية بالمحافظات الثلاثة والمنشآت الحيوية والبنوك.

وقال يسري عبد الرازق أحد المحامين المتطوعين للدفاع عن مبارك «إنهم يعتزمون حشد عدد كبير من أنصار مبارك وجماعة أبناء مبارك أمام قاعة المحكمة ترقبا للحكم»، مشيرا إلى أنهم مستعدون لأي سيناريو سيخرج به حكم القاضي.

لكن المحامي خالد أبو بكر منسق فريق الدفاع عن المدعين بالحق المدني في القضية، أوضح أنه من غير الوارد تأجيل الحكم، وأنه في الغالب سيصدر حكم من المحكمة، خاصة أن المستشار أحمد رفعت سيحال إلى التقاعد مع نهاية شهر يونيو (حزيران).

وأشار أبو بكر إلى «أنهم كمحامين كانوا يتمنون أن يقدموا أدلة أكثر في تلك القضية ولكن الكثير من أجهزة الدولة لم تتعاون مع النيابة أو المحامين لتقديم أدلة جديدة تدين المتهمين وعليهم أن يحتكموا لحكم القضاء في النهاية». وأوضح وكيل نقابة المحامين محمد الدماطي أن القاضي سيصدر الحكم في الغالب لأن هناك فرصة للطعن أمام جميع الأطراف، مشيرا إلى أن المواءمات السياسية الحالية سيكون لها دور كبير في رسم شكل الحكم أو القرار الصادر من المحكمة.

إلى ذلك، تعهد محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان لرئاسة الجمهورية بإبقاء الرئيس السابق حسني مبارك في السجن إلى الأبد أيا كان الحكم الذي سيصدر ضده، وقال لـ«رويترز»: «لا أتصور أبدا أن المحكمة تفرج عن مبارك، كلمة الإفراج هذه لا محل لها الآن»، مشيرا إلى أن «الشعب الذي ثار على مبارك لن يقبل نظامه مرة أخرى»، وأن «الإخوان المسلمين كانوا شركاء في الثورة التي يقول منتقدون إن (الإخوان) لا ينتسبون لها تماما بسبب تردد الجماعة في مناهضة نظام مبارك».