الشيخ يوسف البدري لـ «الشرق الأوسط»: نجاح مرسي في الرئاسة يتوقف على التوبة والندم

أفتى بأن من يقاطع جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة «آثم».. وحذر من اتجاه داخل الإسلاميين لدعم شفيق

الشيخ يوسف البدري
TT

كشف الداعية الإسلامي المصري، الشيخ يوسف البدري، عن أن هناك توجها داخل الإسلاميين بدعم الفريق أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة (جولة الإعادة)، قائلا «التقيت أشخاصا أعلم أنهم لا يفارقون المساجد ويعرفون الحق ويحاولون التخلق بخلق الإسلام سيولون ظهورهم للإسلاميين في جولة الإعادة».

وأفتي الشيخ يوسف البدري، العضو البرلماني السابق، بأن من يقاطع جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة «آثم»، ومن ينادون بمقاطعتها جهلاء.

وأكد الشيخ البدري، الذي يشغل منصب عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «فرصة التيار الإسلامي عظيمة في الرئاسة، لو ضاعت لن تقوم لهم قائمة، وسيعودون إلى جحورهم وخلاياهم السرية من جديد»، لافتا إلى أن الإسلاميين خاضوا معاركة وهمية فرعية مع العلمانيين والليبراليين في انتخابات الرئاسة، وقلت للسلفيين انتخبوا مرشح «الإخوان» محمد مرسي؛ لكن للأسف انقسموا ودعموا عبد المنعم أبو الفتوح (الذي حل رابعا في الانتخابات).

وأبدى البدري الذي يبتعد عن المشهد الرسمي للمؤسسة الرسمية الدينية في مصر، كما أن علاقته بالتيار السلفي ليست على ما يرام، وكذلك الأمر بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، تخوفه من وقوع أعمال عنف وشغب قد تطول مؤسسات الدولة ومقرات اللجان خلال جولة الإعادة، المقرر لها يومي 16 و17 يونيو (حزيران) الحالي.. كما تخوف الشيخ البدري من تزوير الانتخابات «بأصوات العسكر والموتى».

وأوضح الشيخ البدري (74 عاما) أن مليونيات ميدان التحرير خربت مصر ونشرت البلطجة، وأن تيارات الإسلام السياسي لم تقم الشريعة، وأن «(الإخوان المسلمين) عبثوا بشعار (الإسلام هو الحل) وعجزوا عن إعلانه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفي مليونياتهم في القاهرة والمحافظات».

وأكد البدري أن فرصة شفيق للفوز بالرئاسة كبيرة، وسوف يحصل على 10 ملايين صوت ليس لهم وجود، أما مرسي ففرصته تتوقف على أن تتوب التيارات الإسلامية إلى الله وتستغفر وتصلي ركعتين، وتقر بالذنب وتندم على ما أوصلت إليه البلاد الآن.. وإلى أهم ما جاء بالحوار:

* ماذا يجري في مصر الآن؟

- هناك مؤامرات تحيط بمصر الآن، والدليل الأزمات المتتالية، وآخرها أزمة نقص البنزين والسولار، ومن هنا كان الوضع شراذم، فلقد تشرذمنا بعد ثورة «25 يناير»، بسبب أن الثورة عجزت أن تغيير النفوس وأن تقود الخطوات، وعلى الرغم من أنها نجحت في صد «كابوس مبارك» الذي استمر لأكثر من نصف قرن منذ ثورة عام 1952؛ فإن جميع محاولات الناس لتحسين الوجه القبيح الذي خلفته الثورة، تبوء دائما بالفشل.

* في تصورك.. ما هو سبب الفشل؟

- مصر منذ 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 قد انتقلت نقلة مفاجئة وما كان أحد من المنظرين أو المحللين السياسيين يتوقع أن تكون تلك الانتفاضة ذات أثر، يقلب الموازين كلها؛ لكن حدث أن تلك الانتفاضة جرت على مصر كثيرا من المفاسد والمصائب، فالأمن اختفى، والأسعار ارتفعت، والأرض نهبت، وأموال مصر هربت، وانتشرت الفوضى في ربوع مصر، لأن الذين تنحوا عن الحكم بدأوا يلعبون بأموالهم في أن يكرسوا للوضع المتفاقم عن طريق قنوات فضائية جدت وصحف انتشرت وإذاعات وجهت وشائعات انتشرت، مما أدى إلى تمزق مصر، ولا نقل إن الوضع استقر في البلاد بعد انتخاب مجلسي الشعب والشورى؛ بل على العكس الأوضاع ازدادت سوءا، لم يعد هناك تفاؤل أو استبشار بين المصريين، والغد أصبح في أعين الجميع بلا ملامح. فضلا عن أن الحكومة في واد والمجلس العسكري (الحاكم) في واد ثان ومجلس الشعب في واد ثالث، وكل واحد يمشي حسب ما يتراءى له.

* في رأيك.. وكيف نعود بالثورة إلى مسارها الصحيح؟

- الحل في وقف المليونيات والمظاهرات أيام الجمع في القاهرة والمحافظات، لأنها خربت مصر ودمرتها، وأضاعت الفرص الكثيرة، وساعدت على انتشار البلطجية، الذين خرجوا من السجون وانتشروا في ميدان التحرير (مفجر ثورة يناير) بوسط العاصمة المصرية والميادين والشوارع، وقاموا بالسرقة والنهب والقتل.

* وما رأيك فيما يقال إن الإسلاميين سرقوا الثورة؟

- التيار الإسلامي يواجه طعونا واتهامات كثيرة من العلمانيين الذين كشروا عن أنيابهم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، بدليل حصول حمدين صباحي (الذي حل ثالثا في الانتخابات) على ذلك الرقم الكبير من أصوات الناخبين.

* لكنك قلت إن الإسلاميين لم يقيموا الشريعة أصلا؟

- تمنيت أن تكون الشريعة الإسلامية حاكمة لمصر؛ لكن في الواقع لم أكن أعلم أن مثل تلك التيارات والحركات الإسلامية لم تقم الشريعة أصلا، حتى «الإخوان المسلمون» حتى الآن لم يعلنوا عبارة «الإسلام هو الحل» في انتخابات البرلمان والرئاسة، وعبثوا وعجزوا أن يعلنوها في مليونياتهم بالقاهرة والإسكندرية والسويس.

* كيف قيمت أداء الإسلاميين خلال انتخابات الرئاسة؟

- الإسلاميون طعنوني في قلبي، فلقد قلت قبل 8 أشهر إنهم سوف يفوزون بـ80 في المائة من مقاعد البرلمان وسيفوزون بالرئاسة ويشكلون الحكومة، وطلبت منهم وقتها الرفق بالعلمانيين وبالشيوعيين والليبراليين، لأن الإسلام يؤمن بالتعددية، ومع ذلك أصر كل تيار على موقفه وخاضوا معارك وهمية فرعية مع العلمانيين والليبراليين، وقدموا أربعة مرشحين في انتخابات الرئاسة، وحتى ينجح كل تيار اتخذ لنفسه فريقا، فمرشح غازل المسيحيين، وثان غازل العلمانيين، وثالث غازل الليبراليين، ورابع غازل المجموع كله، وقد اتصل بي الدكتور ياسر مرزوق، أحد قيادات التيار السلفي، وسألني أن أنصحهم لأنهم ومجلس شورى السلفيين في حيرة من دعم المرشح للرئاسة، وقلت لهم وقتها: «انتخبوا محمد مرسي»؛ ولكن للأسف انقسموا وانتخبوا عبد المنعم أبو الفتوح (الذي حل رابعا في انتخابات الرئاسة) وتم تمزيق الأصوات؛ وفرصة التيار الإسلامي عظيمة في الانتخابات، لو ضاعت هذه المرة لن تقوم للتيار الإسلامي قائمة.

* وكيف قيمت الجولة الأولى في انتخابات رئاسة مصر؟

- الانتخابات لم تكن نزيهة، والإعادة لن تكون نزيهة أيضا، وأدعو السلطات في مصر أن ينحوا الأموات الذين خرجوا من قبورهم وانتخبوا، جانبا، وأن يردوهم إلى القبور، فلا نريد أن نصنع حياة بموتى، نريد أن نصنع حياتنا بأيدي الأحياء.

* وكيف ترى جولة الإعادة في الانتخابات؟

- جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة محاط بها الخوف والفرع والقلق والترقب، والتقيت أشخاصا أعلم أنهم لا يفارقون المساجد ويعرفون الحق ويحاولون التخلق بخلق الإسلام، وأكدوا لي أنهم سيولون ظهورهم للإسلاميين، قائلين: «لا تعيبوا على غير الإسلاميين (في إشارة للمرشح شفيق)، فإنهم بعد أن رأينا ما رأينا من الإسلاميين، هم أكثر تماسكا منا».

* ما هي فرصة مرسي وشفيق في الفوز بمنصب الرئيس؟

- فرصة شفيق في الفوز بالرئاسة كبيرة، وسوف يحصل على 10 ملايين صوت ليس لهم وجود في جولة الإعادة، وعلمت أنه تم عمل مليون بطاقة اقتراع للجنود بأسماء ليست جندية سجلت في الأوراق، كما تم التنبيه على جميع جنود القوات المسلحة بالتأكيد على أسرهم وأهلهم دعم شفيق، أما مرشح «الإخوان» مرسي ففرصته تتوقف على أن تتوب التيارات الإسلامية إلى الله وتستغفر وتصلي ركعتين، وتقر بالذنب وتندم على ما أوصلت إليه البلاد الآن، كما أن نجاح مرسي مرهون أيضا بالنزول إلى الشوارع وإجراء مقابلات شخصية في الأحياء لإعلام الناس بموقف الإسلاميين ونفي نيتهم احتكار السلطات.

* وماذا تتوقع حال فوز شفيق بالرئاسة من واقع احتكاكك بنظام الحكم في مصر؟

- من واقع احتكاكي بالعسكر في عهد جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، سيقوم شفيق بتصفية الثورة بالتدريج، وإجراء استفتاء لحل مجلسي الشعب والشورى، وتصفية كل الجيوب الإسلامية وعودتها إلى جحورها وخلاياها السرية من جديد، وإصدار عفو شامل عن كل من تم القبض عليه من نظام مبارك، وتصفية جميع القضاة الذين حكموا على قيادات مبارك بأحكام رادعة حقيقية، وتجويع الشعب، واستعمال البطش لكل من يتكلم بحرية، وتكريس لعودة سوزان ثابت (زوجة مبارك) ونجليها جمال وعلاء من جديد للحياة السياسية، وأعلم من مصادر موثوقة أن كل ما حدث منذ الثورة مسجل عند النظام السابق، وستتم محاسبة الجميع حسابا عسيرا، وسيكون الجيش هو الأداة لقمع الجميع، وستسيل الدماء انهارا، والمدافعون عن الثورة سيكون مصيرهم إما السجن وإما الموت.

* بدأت بوادر أعمال عنف في مصر بعد حرق مقر حملة الفريق شفيق.. هل تتوقع أعمال عنف وشغب خلال جولة الإعادة؟

- أولا أحب أن أوضح، أن من حرق مقر شفيق هم أبناؤه، وأنه سيتم وقوع أعمال شغب وحرق في لجان الانتخابات في المحافظات، كما ستطول مقرات مؤسسات الدولة والمجلس العسكري، من أجل أن يذهب الناس للعسكري لإنقاذ مصر والابتعاد عن التيار الإسلامي.

* مرشح «الإخوان» الدكتور مرسي وعد بتشكيل دولة مؤسسات، لكن الشارع يتخوف من وعود الجماعة حال الفوز بالرئاسة.. ما تعليقك؟

- أنا استوثقت من ذلك، فـ«الإخوان» لن يقدروا أن يسحبوا وعودهم مع الجميع، لأنهم يدركون أننا جميعا في سفينة واحدة ويجب أن نتفق حتى لا تغرق.

* ما رأيك في الدعوات التي تنادي بمقاطعة جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة؟

- من ينادون بمقاطعة الانتخابات جهلاء، فلا يجوز أن نقاطعها، فالذي يقاطع الانتخابات سيأثم، لأنه بذلك يضيع فرصة ذهبية أتاحها الله للإسلام، وما أظن أنها تتاح قبل 100 عام.

* وكيف ترى أداء البرلمان الآن؟

- البرلمان مكتوف الأيدي، لكونه بلا صلاحيات في حل الحكومة ومحاسبة الوزراء، وغير مؤثر بالمرة في الحياة السياسية، ولو وضع دستور سنرى البرلمان بشكل جديد، والحل يتمثل في توقف جلساته حتى يأتي الرئيس ويصدر الدستور الجديد.

* هل تتوقع أن يسلم المجلس العسكري السلطة في نهاية الشهر الحالي كما وعد؟

- «هذا لا يعلمه إلا الله».. لكن المجلس العسكري الحاكم كان متواصلا مع الناس، حتى موعد خطبة المشير حسين طنطاوي، القائد العام، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي قال فيها: «بدأ التخوين»، وأصبح الآن يشعر بقلق وزهد بالبقاء في السلطة ويشعر بأنه يتحمل مسؤولية خطيرة، يريد أن يتخلص منها ويلقي بها سريعا.