حلم «البرازيل» عند المصريين ينتقل من السياسة إلى كرة القدم

بعد خروج «صباحي» من سباق الرئاسة المصري

TT

لم يفلح نسيم البحر في تلطيف صيف ساخن تشهده مدينة الإسكندرية، وإن أضفت المفارقة مسحة ساخرة على المشهد، فالمدينة التي خاب أملها في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بخروج المرشح حمدين صباحي الذي وعدهم بإعادة إنتاج التجربة البرازيلية في البلاد خلال 8 سنوات، فمنحوه أكثر من 600 ألف صوت، لم تجد سوى حلم تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى مونديال البرازيل بعد عامين.

حيث انطلقت أمس رحلة المنتخب الوطني المصري لكرة القدم لبلوغ نهائيات كأس أمم أفريقيا المؤهلة لنهائيات كأس العالم في البرازيل عام 2014، بمباراة بلا جمهور أقيمت على استاد برج العرب بالإسكندرية، وهو استاد أنشأته المؤسسة العسكرية التي تتولى في الوقت الراهن إدارة شؤون البلاد.

ومنذ إعلان النتائج النهائية للجولة الأولى في سباق الانتخابات الرئاسية بات أبناء الإسكندرية يعتبرون أنفسهم مسؤولين عن حماية الثورة، فنتائج الاقتراع أظهرت ميلا واضحا لأبناء المدينة لتأييد من يعرفون بـ«مرشحي الثورة»، حيث حصل صباحي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح على نحو مليون صوت، وهو ما يفسر إلى حد بعيد بحسب مراقبين المظاهرات اليومية التي تشهدها المدينة الساحلية، والتي تطالب بعودة صباحي إلى الجولة الثانية من الانتخابات.

وقال يوسف الطيب الذي التفت لفارقة «التجربة البرازيلية».. «كنا قاب قوسين أو أدنى من تنصيب لولا دا سيلفا مصر رئيسا (في إشارة لصباحي الذي جاء في الترتيب الأول في محافظة الإسكندرية بفارق كبير عن أقرب منافسيه).. لكن للأسف لم يبق لنا من التجربة البرازيلية سوى أمل الوصول لكأس العالم».

وأضاف الطيب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من الإسكندرية أنه رغم المظاهرات التي تجوب المدينة منذ أيام يشعر أن الإحباط هو المحرك الرئيسي لها، وتابع: «الإحباط يولد الغضب.. لكن الأمل يفجر الثورة».

قبل عامين فقط كان الفريق الكروي في مصر مصدر شعور بالفخر، سعى نظام الرئيس السابق حسني مبارك لاستغلاله سياسيا بقوة، بعد أن أحرز بطولة الأمم الأفريقية لثلاث سنوات متتالية كان آخرها بطولة عام 2010. وكاد إقصاء الفريق عن بطولة العالم على يد المنتخب الجزائري قبل عامين أيضا أن ينهي العلاقات التاريخية بين القاهرة والجزائر.

«بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) تبدل المشهد في البلاد ولم يعد استقطاب كرة القدم إلى الحيز السياسي ممكنا، بل أصبحت روابط مشجعي الأندية لاعبا رئيسيا في تيار القوى الثورية».. هذا ما تؤكده ريم محمود إحدى المشاركات في مسيرات الإسكندرية أمس، وتتابع قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن في الشارع الآن ومساء سوف نشاهد المباراة.. اليأس ترف لا نستطيع تحمله، الحماس وحب الحياة هو المكسب الأكيد للثورة ولن نتنازل عنه».

وهيمن الإسلاميون على المزاج الانتخابي لمدينة الإسكندرية خلال العقد الماضي وحتى انتخابات البرلمان مطلع العام الجاري، لكن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جاءت بمرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي رابعا وبالفريق شفيق المحسوب على النظام السابق خامسا، عكست مدى تراجع شعبية تيار الإسلام السياسي في المدينة التي تتميز بحضور قوي لحزب النور السلفي وجماعة الإخوان المسلمين.