كلينتون تتهم روسيا بمواصلة تزويد نظام الأسد بالأسلحة.. والمباحثات متواصلة حول الخيارات الممكنة

بوتين: لا يمكن «فعل شيء بالقوة».. وإيجاد حل سياسي في سوريا «يتطلب التحلي ببعض المهنية والصبر»

TT

اتهمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس روسيا بمواصلة تزويد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالأسلحة، مؤكدة أن هذا الأمر يثير «قلقا جديا» لدى الولايات المتحدة.

وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي في العاصمة النرويجية «نعلم أن عمليات بيع أسلحة حصلت بوتيرة منتظمة، حتى خلال العام الماضي، من روسيا إلى سوريا. نعتقد أيضا أن تزويد الأسلحة بشكل متواصل من قبل روسيا عزز نظام الأسد».

وقالت أيضا «إن روسيا واصلت مبيعاتها رغم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لفرض عقوبات... هذا أثار قلقا جديا لدينا».

وتأتي تصريحات كلينتون هذه إثر تصريحات أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق أكد فيها أن بلاده لا تقف إلى جانب أي طرف في النزاع الدائر في سوريا و«لا تزود أحدا بالأسلحة التي يمكن استخدامها في حرب أهلية».

ومن جهته قال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أول من أمس إن الجيش الأميركي مستعد لأي عمل عسكري ضد سوريا قد يكون ضروريا لكن المسؤولين ما زالوا يركزون على بذل مزيد من الضغوط الشديدة التي يمكن أن تؤدي إلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وكان بانيتا يتحدث إلى الصحافيين في طريقه إلى سنغافورة لحضور مؤتمر أمني، ولم يصل إلى حد الدفاع عن القيام بعمل عسكري دون موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غير أنه قال: إنه يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بنشاط وفعالية أكبر لتحقيق الإطاحة بالأسد قبل أن ينفد الوقت.

وقال بانيتا «هذا وضع غير مقبول، ولا يمكن أن نرضى بما يجري، وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ مزيدا من الخطوات لضمان الإطاحة بالأسد».

وسئل عن احتمال القيام بعمل عسكري أميركي دون موافقة الأمم المتحدة فرد بقوله «لا أتصور هذا»، وأضاف قوله: إنه من الضروري الحصول على «هذا النوع من التأييد الذي نحتاج إليه لإنجاز المهمة». حسب رويترز.

وقال الرئيس الأميركي السابق كلينتون إن تدهور الوضع في سوريا يشبه في بعض جوانبه المشكلة التي واجهها عندما كان رئيسا، عندما انفجرت مشكلة البوسنة. وقال: إنه لا بد من العمل السريع لوقف العنف، وإن وقف العنف، في سوريا مثلما هو في البوسنة، يجب أن يسبق المؤتمرات والحلول النهائية.

وقال كلينتون في مقابلة مع تلفزيون «سي إن إن» إنه يتعاطف مع الرئيس باراك أوباما وهو يتردد في التدخل العسكري الأميركي لوقف أكثر من سنة من إراقة الدماء في سوريا. وأشار كلينتون إلى أن أوباما كان قال: إن خياراته محدودة. وإن أوباما رفض نداءات المرشح الجمهوري للرئاسة، ميت رومني، باتخاذ خطوات أكثر مباشرة لإنهاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد.

وأضاف كلينتون أنه يؤمن بأن العالم «سيأتي سريعا لمساعدة سوريا» إذا ترك الأسد الحكم. وأضاف كلينتون: «لكن يصعب جدا على الولايات المتحدة التصرف بمفردها. علينا أن نحترم القيود الموجودة الآن على رئيس حكومتنا. أنا كنت في مكانه في سوريا عندما تعاملت مع البوسنة في عامي 1993 و1994. واستغرقت جهودي عامين، بل أكثر».

ومن جهته اتهم البيت الأبيض إيران أول من أمس بالقيام «بدور شرير» لدعم الرئيس السوري بشار الأسد وحذر مجددا من أن الصراع في سوريا يمكن أن ينفجر إلى حرب أوسع نطاقا بالوكالة ما لم يتنح الأسد.

وفي تعليقات حادة ضد طهران قال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض إن إيران تستغل العنف في سوريا لترسيخ نفوذها الإقليمي.

وقال للصحافيين في البيت الأبيض «يلقي هذا الأمر بمزيد من الضوء على محاولات إيران المستمرة لتوسيع نفوذها الشائن في المنطقة ويؤكد على خوف إيران من سوريا من دون نظام الأسد».

ويقول مسؤولو أمن أوروبيون وأميركيون إن إيران قدمت للأسد مساعدات كثيرة من بينها السلاح والذخيرة للحفاظ عليه كحليف حيوي لها في المنطقة.

وجاءت تصريحات كارني وسط مخاوف متزايدة في بعض عواصم العالم من احتمال تحول العنف في سوريا إلى حرب أوسع بالوكالة تكون إيران فيها مجرد طرف من الأطراف الخارجية.

وقال: إن واشنطن تعمل مع روسيا - التي استخدمت مع الصين حق النقض في مجلس الأمن مرتين لحماية الأسد من العقوبات الدولية - لإقناعها بالمخاطر «الرهيبة» للسماح للصراع بالاتساع.

وقالت المستشارة الألمانية خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بوتين «لقد عبرنا نحن الاثنين عن قناعتنا بوجوب إيجاد حل سياسي» للأزمة في سوريا، مشيرة إلى أن خطة كوفي أنان «يمكن أن تشكل نقطة انطلاق». وأضافت: «يجب بذل كل الجهود في مجلس الأمن الدولي من أجل تطبيق هذه الخطة».

من جهته قال الرئيس الروسي إنه لا يمكن «فعل شيء بالقوة».

وأعرب بوتين عن اعتقاده «باحتمال» إيجاد حل سياسي في سوريا، موضحا أن «ذلك يتطلب التحلي ببعض المهنية والصبر».

وقال: «هناك الكثير من الأطراف الضالعة في هذا النزاع مع مصالح متعددة. يجب إيجاد توافق بين هذه المصالح وجمع كل الأطراف على طاولة مفاوضات، وفي هذا الاتجاه سنعمل».

وتابع بوتين «سنتباحث بالتأكيد مع شركائنا وأولهم في مجلس الأمن الدولي ومع ألمانيا والدول الأخرى الراغبة في تسوية هذا النزاع».

وقال الرئيس الروسي إن «روسيا لا تدعم أيا من الأطراف في سوريا لأنه من ذلك يأتي خطر اندلاع حرب أهلية في سوريا»، نافيا تزويد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأسلحة «يمكن أن تستخدم في حرب أهلية».

وأضاف: «نرى اليوم مؤشرات تنذر بحرب أهلية. إنه أمر خطير للغاية».

وحول خطورة الأحداث في سوريا قالت ميركل «إن تقييمنا ليس مختلفا»، مؤكدة أن «الوضع فظيع في البلاد، وليس لأحد مصلحة في اندلاع حرب أهلية (...) يجب على الجميع أن يحاولوا تقديم مساهمتهم».

ومن جانبه ناشد وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيلي موسكو تغيير سياستها تجاه سوريا. وقال فسترفيلي في تصريحات لصحيفة «دي فيلت» الألمانية الصادرة أمس «يلعب موقف روسيا تجاه نظام الأسد دورا جوهريا في القضية السورية».

وذكر فسترفيلي أنه ينبغي على روسيا «أن تعلم أننا لا نعمل ضد مصالح استراتيجية روسية عندما نريد إنهاء العنف في سوريا»، موضحا أن هذا يعني الحيلولة دون اندلاع حريق واسع المدى في المنطقة بأكملها، وقال: «هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تضافر المجتمع الدولي».

من ناحية أخرى حذر فسترفيلي من الحديث عن تدخل عسكري في سوريا، وقال: «لا ينبغي في ظل هذا الوضع المتأزم إثارة انطباع كما لو كان التدخل العسكري هو الطريق الأمثل لحل سريع».

وأوضح الوزير الألماني أن المساعي السياسية والدبلوماسية شاقة للغاية لكن يتعين مواصلتها، مضيفا أن خطة السلام التي وضعها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا، كوفي أنان، «ما زالت الأساس الأفضل لحل سياسي».

وأعرب الوزير الألماني عن توقعاته بأنه لن يكون هناك تفويض من الأمم المتحدة باستخدام القوة العسكرية في سوريا، وقال: «لذلك لا تشارك الحكومة الألمانية في مقترحات حول التدخل العسكري في سوريا وتواصل رهانها على الحل السياسي». حسب وكالة الأنباء الألمانية.

وقال: إنه يمكن تسليم السلطة في سوريا إلى رئيس انتقالي يتولى تنظيم مرحلة جديدة على غرار ما يحدث في اليمن.

وأضاف: «علينا أن نحذر من إثارة توقعات لا يمكن تحقيقها في النهاية من خلال نقاشاتنا عن التدخل العسكري في سوريا».

وفي الجانب الروسي طرح إيغور يورغينس مدير معهد التنمية المعاصرة مبادرة تقضي بإيفاد قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة بلدان معاهدة الأمن الجماعي لمساعدة كوفي أنان في تنفيذ خطته حول إقرار الحفاظ على السلام في سوريا. وأشار يورغينس المحسوب على رئيس الحكومة الروسية ديمتري ميدفيديف منذ كان رئيسا للدولة إلى أن «موقف روسيا تجاه الأوضاع في سوريا يجنح نحو الضعف بإصرارها على سيادة سوريا». ونقلت عنه صحيفة «ازفيستيا» قوله: «إن الغرب يشعر بأن روسيا مستعدة للتضحية بحقوق الإنسان في سوريا مقابل الحفاظ على سيادة الدولة»، فيما طالب يورغينس باتخاذ موقف أكثر مرونة في سوريا معيدا إلى الأذهان قرار الأمم المتحدة حول «المسؤولية عن الحماية» الذي ينص على «حق الأسرة الدولية في التدخل العسكري باعتباره خطوة أخيرة في حال عجز الدولة عن حماية مواطنيها من الجرائم الموجهة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم». وتعليقا على اقتراح يورغينس حول إيفاد قوات حفظ السلام قال نيكولاي بورديوجا الأمين العام لمنظمة بلدان معاهدة الأمن الجماعي التي تضم روسيا ومعظم بلدان الاتحاد السوفياتي السابق «إن اتفاقية استحداث القوات الجماعية للرد السريع التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي تقضي بإمكانية الفصل بين الأطراف. أما الوضع في سوريا فيقضي بتنفيذ عملية إرغام الأطراف على الجنوح إلى السلام وقبل كل شيء بالنسبة إلى المقاتلين أو بالأحرى أولئك الذين يحاولون معالجة المهام السياسية بحمل السلاح وليس في إطار دستور الدولة». وأضاف قوله بجواز هذه المبادرة من الناحية النظرية والتي وصفها بأنها «مبادرة مضيئة للسياسيين بل ليس لمن يزج به في هذا الجحيم ضمن قوات الرد السريع» التي تضم ما يقرب من عشرين ألفا من خيرة العسكريين المدربين، مشيرا إلى أن المعارك تدور في سوريا باستخدام الأسلحة الثقيلة من قبل الجانبين. وأضاف بورديوجا: «من وجهة نظر الاتفاقيات والأحكام المدونة في النظام الداخلي للمنظمة فإن رجال حفظ السلام للمنظمة يمكن استخدامهم بموجب تفويض من مجلس الأمن الدولي سواء في أراضي الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي أم خارجها. ويعتبر هذا الأمر ممكنا نظريا. لكنه بحاجة إلى تحليله على صعيد الممارسة والشيء الرئيسي الاتفاق عليه مع الشركاء». على أن قادة بلدان معاهدة الأمن الجماعي كانوا أعربوا عن تحفظاتهم إزاء مثل هذه الاقتراحات فيما سبق وأكدوا في اجتماعهم الذي عقدوه في موسكو في منتصف مايو (أيار) الماضي في موسكو ضرورة حل التناقضات في البلدان العربية دون تدخل خارجي. وقد تضمن البيان الصادر عن هذه القمة الدعوة إلى سرعة تجاوز الأزمة في سوريا دون تدخل خارجي. وكان ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين قد انتقد الدعوة إلى التدخل العسكري الخارجي في سوريا ومحاولات عدد من الأوساط الغربية استمالة روسيا والصين إلى الموافقة المتشددة لهذه الأوساط ضد سوريا. ونقلت عنه صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» قوله «إن موقف روسيا إزاء الأحداث في سوريا معروف جيدا، وهو متوازن ومنطقي تماما. ومن العبث التعويل على تغييره تحت أي ضغوط».

وجدد وزير الخارجية الصيني أول من أمس أن بلاده ما زالت تضع ثقتها في خطة مبعوث السلام الدولي كوفي أنان لحل الأزمة في سوريا رغم الضغوط من أجل تحرك أشد صرامة بعد مقتل أكثر من مائة شخص بينهم أطفال في بلدة الحولة.

وقال الوزير الصيني يانغ جيه تشي في مؤتمر صحافي بعد اجتماع لمنتدى عربي صيني «ما زلنا ندعم جهود أنان... كنا نعلم من البداية أن هذا المسار لن يكون مفروشا بالورود».