مسيرات احتجاجية في الأردن ضد رفع الاسعار

اتساع رقعتها في شمال البلاد وجنوبها

TT

خرج آلاف الأردنيين أمس في العاصمة عمان وعدد من المدن في الشمال والجنوب في مسيرات سلمية واعتصامات ضد قرار الحكومة رفع أسعار بعض المشتقات النفطية والكهرباء وللمطالبة بتحقيق الإصلاحات الجذرية ومحاربة الفساد. ورفع المتظاهرون في مدن مثل اربد وجرش والمفرق سقف الشعارات السياسية قياسا بشعارات معظم المسيرات السابقة، في مؤشر على تصعيد في الاحتجاجات للضغط على الحكومة وسط تخوفات من حدوث تداعيات لقرار الحكومة الذي أصبح نافذا منذ أيام وعدم استجابتها للمطالب الإصلاحية.

ويشهد الأردن منذ عام ونصف العام احتجاجات كل يوم جمعة للمطالبة بتحقيق الإصلاحات الجذرية ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين. ويرجع استمرار المسيرات الاحتجاجية إلى قناعة المعارضة والحراكات الشبابية والشعبية بأن ما قدمته الحكومات المتعاقبة من إصلاحات غير كافٍ ولا يرقى إلى جوهر المطالب الإصلاحية القائمة على مبدأ الشعب مصدر السلطات.

وتقول الحكومة إن ما تحقق من إصلاحات مثل التعديلات الدستورية التي شملت 42 مادة يلبي متطلبات الإصلاح وإن قانون الانتخاب الحالي هو بيد البرلمان.

وترد المعارضة والحراكات أن ذلك غير كاف. وتدل المؤشرات على أن الوضع مرشح لاستمرار السجال والاحتجاجات وبقاء الهوة قائمة بين الموقفين الرسمي من جهة والمعارضة والحراكات من جهة أخرى وسط تخوف بعض المحللين من اتساع في رقعة الاحتجاجات على خلفية رفع الأسعار.

ففي العاصمة عمان نظمت مجموعة من الحراكات الشبابية والشعبية وأحزاب المعارضة، جدد المتظاهرون فيها رفضهم واحتجاجهم على رفع أسعار بعض السلع الأساسية. وردد المشاركون في هذه المسيرة، التي نظمت تحت شعار «لا لرفع الأسعار»، هتافات تحذر الحكومة من مغبة رفع الأسعار، مطالبين بعدم المساس بقوت المواطنين. وانتقدوا ما وصفوه بـ«سلبية دور مجلس النواب، بما في ذلك منحه الثقة للحكومة، التي كان أول إنجازاتها رفع الأسعار وتحرير المحروقات ورفع أسعار الكهرباء». وقال منظمو المسيرة، التي خلت من الحركة الإسلامية، «إنها تأتي لرفض نتائج قرارات الحكومة بعد فقدانها لسيادة القرار، ورضوخها لإملاءات البنك وصندوق النقد الدوليين، وتحميلها المواطن كل أعباء ونتائج سياساتها الخاطئة». وجدد المتظاهرون مطالبهم بمكافحة الفساد وإعادة فتح ملفاته التي أغلقها مجلس النواب، مطالبين بإجراءات حقيقية للإصلاح، الذي قالوا إن مسيرته معطلة، ودعوا إلى الابتعاد عن المراوغة والمماطلة والتسويف في الإصلاح.

وفي مدينة اربد شمال الأردن انطلقت مسيرة حاشدة ضد رفع الأسعار وللمطالبة بالإصلاح ومحاكمة الفاسدين رفع خلالها المشاركون شعارات كان سقفها السياسي عاليا، وتعهدوا بإدامة احتجاجاتهم حتى تحقيق مطالبهم. وطالبوا برحيل الحكومة والبرلمان.

وانطلقت في مدينة جرش مسيرة من أمام المسجد الحميدي باتجاه (ساحة الحرية والإصلاح) مكان الاعتصام المعتاد أمام مبنى البلدية تحت عنوان «جمعة واعتصموا». ورفع المشاركون سقف الهتاف منددين بالسياسات المتبعة ورددوا هتافات «لا ولاء ولا انتماء إلا لرب السماء»، و«من جرش طلع قرار الإصلاح باستمرار»، و«الشعب يريد إصلاح النظام». واعتبروا أن نهج تغير وتبديل وجوه الحكومات ما هو إلا محاولات للالتفاف على الإصلاح. وطالب بيان صدر عن الحراك الأردني بتحقيق إصلاحات دستورية حقيقية تنطلق من المبدأ الدستوري الذي يوجب أن الشعب مصدر السلطات. وطالبوا بإصدار قانون أحزاب يجسد الحق والحرية وإعادة بناء الاقتصاد الوطني في البلاد بما يضمن الانفكاك من الارتهان للخارج والتبعية له، واستعادة مقدرات وأصول الدولة المنهوبة.

وفي مدينة المفرق اعتصم المئات من أبناء المحافظة تحت شعار «جمعة قبل ما ترفع الأسعار حاسب الفاسد والسمسار» التي نظمتها تنسيقية الحراك الشعبي والشبابي في محافظة المفرق.

وأكدت تنسيقية الحراك الشعبي والشبابي في محافظة المفرق بالتشاور مع الحركات الإصلاحية عزمها على التفاعل بشكل أسبوعي وتحديدا يوم الجمعة سواء بمسيرة أو مهرجان أو اعتصام إصلاحي داخل مدينة المفرق. وألقى الناشط عزة الحراحشة كلمة قال فيها أن المواطن الأردني بات يخشى على قوت عياله ومستقبل أبنائه. وأشار إلى أن المواطن الأردني فقد الحرية والعدالة والمساواة وغاب عن الأردن الشفافية والمسألة والحساب.

وشهدت كل من مدن الكرك والطفيلة ومعان والمزار الجنوبي مسيرات واعتصامات حيث طالب المشاركون بضرورة الإسراع في تنفيذ المطالب الإصلاحية. وانتقدوا قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء لارتباط ذلك بارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات الأساسية، كما طالبوا بضرورة متابعة قضايا الفساد بما يضمن عودة أموال وثروات الوطن المسلوبة من قبل من سموهم بالسماسرة وأرباب الفساد، حسب قولهم.

وكانت الحكومة الأردنية قد قررت يوم السبت الماضي، تعديل التعرفة الكهربائية على بعض القطاعات، باستثناء الاستهلاك المنزلي، وكذلك تعديل أسعار عدد من المشتقات النفطية، بعد يومين على نيل حكومة فايز الطراونة ثقة مجلس النواب، بأغلبية 75 صوتا.

وأعلن الطراونة قبل ثلاثة أسابيع، أن حكومته تعتزم اتخاذ إجراءات وقرارات للحد من نزيف الأزمة الاقتصادية وارتفاع المديونية، التي وصلت حدها الأقصى.

ومن المنتظر أن يفوق عجز الميزانية العامة للسنة المالية الحالية بالأردن أربعة مليارات دولار، علما بأن حجم دعم الحكومة للسلع والخدمات يبلغ ثلاثة مليارات و370 مليون دولار سنويا، في حين ستتجاوز المديونية العامة الداخلية والخارجية، 24 مليار دولار مع نهاية العام الحالي.