قصف مدفعي في حمص «المنكوبة».. وأنباء عن تفجيرات قريبة في دمشق

أسواق حلب تدخل دائرة الإضرابات

متظاهرات سوريات يرفعن لافتات مناهضة لنظام الأسد ومطالبة العالم بالتحرك لنصرة الشعب السوري بحاس في محافظة إدلب أمس (أوغاريت)
TT

يقول معارضون سوريون إن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يشن عبر أجهزته الأمنية «حملة شرسة» على مدينة حمص وريفها وأحيائها الداخلية منذ ليل الجمعة، وسط حملة «دولية» تدين محاولات القمع والمجازر المتنقلة التي يقوم بها في أكثر من منطقة منتفضة.

وفيما لا تزال أعداد القتلى تتزايد يوما بعد يوم، تتحول مدينة حمص إلى «مدينة معزولة» بعد تشريد سكانها المحليين الباقين في بيوتهم وعدم قدرتهم اللجوء إلى لبنان وتركيا هربا من «بطش» آلة القتل اليومية، حيث تتعرض المدينة (بحسب أحد الناشطين) إلى قصف مدفعي غير مسبوق.

ويؤكد خالد، أحد الناشطين في «تنسيقية حمص»، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «الطائرات تحوم فوق سماء حمص المنكوبة وتقوم بقصف البيوت بشكل عشوائي حيث لا تزال عائلات بكاملها ترقد تحت الركام وتمنع قوات النظام سيارات الإسعاف من دخول الأحياء، خاصة في حمص القديمة التي تتعرض إلى حملة بشعة ومنظمة منذ أيام لقتل السكان وتدمير بيوتهم وملاحقة الناشطين هناك»، وأشار خالد إلى «تدهور في الوضع الإنساني في أحياء حمص ومحيطها على أثر القتل والتدمير والقصف المدفعي المتواصل حيث أقفلت المحال والمشافي الميدانية الصغيرة وطوقت الطرق بكل منافذها الموصلة إلى القرى والبلدات في القصير القريبة من الحدود اللبنانية».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» أكد الناشط السوري رامي الحمصي «استمرار القصف منذ ليل الجمعة على أحياء الخالدية وبابا عمرو وباب السباع والقصور والوعر والبياضة وحمص القديمة، فيما يشبه محاولة انتقام مستمرة لا تتوقف من قبل عناصر النظام بحق أهالي حمص وسكانها المهجرين قسرا من بيوتهم التي تهدمت وقصفت بأكثرها»، مشيرا إلى أن «أجهزة النظام تقوم بزرع ثكنات متنقلة على أكثر من جبهة لتطويق المدينة ومحاصرتها، حيث تم تطويق منطقة القريتين من محاورها بخمس دبابات وعدد من المدرعات وأكثر من 20 (بيك آب) وإحاطتها بدبابات مدفعية، إضافة إلى وجود أربع طائرات مروحية تتناوب على قصف المدينة بالرصاص الحي»، موضحا أن «المنطقة تتعرض لإطلاق نار من المروحيات والشيلكا وأكثر من 17 انفجارا قد شهدتها إثر الإغارات الدائمة من قبل أجهزة النظام العسكرية عليها»، مؤكدا «استمرار حملة المداهمات الشرسة التي تطال بيوت المدنيين».

وتزامنا مع حملات القمع يؤكد رامي لـ«الشرق الأوسط» وقوع اشتباكات بين الجيش والأمن من جهة ومسلحين يعتقد أنهم منشقون من جهة ثانية في حاجز بالقرب من مدينة القصير التابعة لريف حمص، ما أسفر عن مقتل عدد من الجنود وإصابة آخرين بجروح، وأشار رامي إلى «هروب نحو 13 جنديا نظاميا عبر البساتين المحيطة بالقصير التي طوقتها دبابات الأسد وتمارس فيها أبشع المجازر ليس آخرها مجزرة مصنع السماد». وناشد رامي عبر «الشرق الأوسط» الدول الغربية بـ«التدخل لإنقاذ الناس من الإجرام الأسدي»، مشددا على «ضرورة إرسال قوات دولية لوقف النظام وتدميره حيث لا يزال يقوم بأبشع المجازر بحق الشعب السوري المطالب بحرياته واستقرار بلده»، مؤكدا أن «محاولات النظام ستبوء بالفشل ولن تنفع محاولات القمع بإسكات الناس وإطلاق صرختهم».

ويفيد الناشط في «تنسيقية دمشق» محمد العابد في اتصال مع «الشرق الأوسط» عن «قيام النظام بإعطاء إجازات للضباط المداومين في كل من أمن الدولة وجريدة (الثورة) في دمشق وبناء على هذا القرار يتوقع أن يقوم النظام بتمثيلية تفجير هاتين المنطقتين في الأيام القليلة القادمة». ويؤكد محمد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك قتلا للجرحى في مستشفيات دمشق وحلب من خلال وضع سم لهم باستخدام ممرضين تابعين للنظام، وسرقة أعضاء الجرحى واستعمالها لمداواة العساكر التابعين للأسد، واستخدام الأعضاء الأخرى في التفجيرات عبر وضعها في أكياس سوداء، موضحا أن «جثث بعض الجرحى يتم نقلها إلى إيران لاستخدامها في معالجة مرضى إيرانيين».

وفي غضون ذلك انضمت الكثير من أسواق مدينة حلب العاصمة التجارية السورية للإضراب الذي يواصل توسعه في العاصمة دمشق، وفي ريف دمشق، جرت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش النظامي، والجيش الحر في مدينة حرستا، وتردد أصوات انفجارات هناك في أحياء العاصمة القريبة من حرستا، والتي استمرت حتى ساعات الفجر الأولى، وفي مدينة دوما، كبرى مدن محافظة ريف دمشق، سمع دوي انفجارات لعدة ساعات خلال الليل.

وفي درعا، سمعت أصوات انفجارات وإطلاق نار كثيف في بلدتي سحم الجولان والغارية الغربية وقرية الحيط، حيث تنفذ القوات النظامية حملات مداهمات واعتقالات واسعة.

وفي تلك الأثناء استمر الإضراب في أسواق مدينة دمشق وريفها، وقال ناشطون إن قوات الأمن والشبيحة قاموا بتهديد تجار المناطق المشاركة بالإضراب، وتم إجبار البعض على فتح المحال وتم كسر إغلاق بعض المحال التجارية، وسجل الناشطون حجم الإضراب قبل وصول قوات الأمن وكانت بحسب النسب التالية: سوق الفحامة نسبة الإضراب 50% سوق حي التضامن نسبة الإضراب 90% سوق المرجة وسط العاصمة وبلغت نسبة الإضراب 60% الجسر الأبيض والطلياني نسبة الإضراب 60% والحلبوني نسبة الإضراب 75% وفي الميدان نسبة الإضراب 85% وتراوحت بن 90 و50% في بقية الأحياء.

وسجلت مدينة حلب العاصمة التجارية للبلاد مشاركة ملحوظة في الإضراب، وقال المجلس العام لقيادة الثورة في مدينة حلب إن المناطق التي شهدت إضرابا شاملا لمعظم المحلات التجارية كانت في أحياء صلاح الدين - الأعظمية - الشعار - طريق الباب - مساكن هنانو - السكري - الفردوس - بستان القصر - المشهد - سيف الدولة - الميسر - الحيدرية - الهلك، بنسب تراوحت بين 90% و60% وأما عن أسواق حلب القديمة فقد شهدت بعضها إضرابا شاملا وبعضها شهد إضرابا جزئيا، سوق الذهب: شهدت إضرابا بنسبة 80%. وخان الجمرك: شهدت إضرابا بنسبة 90%. وسوق العتمة: شهدت إضرابا بنسبة 50%.

وقال المجلس «معظم المحلات مكتوب عليها عبارة إضراب، ولقد قام الأمن بمسح العبارات المكتوبة، وتسجيل أسماء المحلات المغلقة، وقام بكسر أقفال بعض المحلات في حي طريق الباب، وبإجبار بعض أصحاب المحلات الآخرين على فتح محلاتهم، مع انتشار أمني كثيف جدا في أسواق مدينة حلب. وتقوم سيارات الأمن بمناداة الناس عبر مكبر الصوت الموجود على سيارات الشرطة بعبارة: (افتحوا محلاتكم، يلي ما بيفتح جبان)».

وخرجت مظاهرات غاضبة يوم أمس في عدة أحياء بمدينة دمشق، وفي حي الميدان خرجت مظاهرة حاشدة عند الكورنيش هتفت لشهداء الحولة وحيت الجيش الحر كما تم قطع الكورنيش بالمواد المشتعلة. قبل أن تقوم قوات الأمن بتفريق المتظاهرين.

وفي مدينة حماه استمرت الحملة الأمنية الموسعة صباح أمس في المدينة وشملت كل أحياء وتركزت في منطقة السوق، وقال ناشطون في حماه إن قوات الأمن والجيش انتشرت بكثافة كبيرة جدا في شوارع وأزقة مدينة. وقامت بحملات دهم وتفتيش طالت جميع الأحياء لا سيما المنطقة الغربية من المدينة (باب قبلي - جنوب الثكنة - التعاونية) وتم اعتقال أكثر من 200 شاب من حيي باب قبلي والتعاونية. وفي ريف حماه.

ومن جهتها قامت لجنة المراقبين الدوليين بزيارة بلدة كفرزيتا والتقوا بجنود من الجيش الحر، وقامت القوات النظامية بإطلاق نار عشوائي لتفريق الناس المجتمعين حول المراقبين ما أدى إلى جرح أربعة أشخاص وجرى ذلك بحضور المراقبين.

ومن جهته يرى الكاتب والناشط السوري نارت عبد الكريم في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن الوضع السوري يتجه إلى الكارثة، بمعنى أنه في دمشق وفي باقي المدن السورية ارتفاع في وتيرة الخطاب الطائفي وخصوصا بعد المجازر الأخيرة، وخلال الأشهر الأخيرة تراجعت (لأسباب مختلفة) الأصوات المعتدلة في الشارع، موضحا أن هناك قلقا من عدم قدرة المعارضة ومعها الجيش الحر من تسلم زمام الأمور بعد سقوط النظام، مشيرا إلى «تأخر الحسم وسقوط النظام سيؤدي إلى تعميق الشرخ بين مكونات الشعب السوري وهذا أخطر من التدخل الخارجي، الملاذ الأخير للنظام هو العمل على إشعال حرب أهلية بعد 15 شهرا من المعاناة والألم والقتل والاعتقالات وعدم وجود حل في الأفق كل هذا يدفع الناس إلى اليأس والإحباط مما يؤدي إلى خلق مناخات مناسبة للتيارات المتطرفة حتى لو لم تكن موجودة فإنها سوف تظهر لأن الظروف الداخلية تستدعي ذلك»، معتبرا أن «التطرف حتما سيولد تطرفا وهذا ما يعمل عليه النظام السوري، ما يدعو للتشاؤم في النموذج السوري بخلاف باقي التجارب هو تمزق المعارضة وصراعاتها الجانبية بمعنى أن الخطر القادم هو من الفراغ».