فؤاد السنيورة: المؤلم أن الدم السوري أصبح مادة للمساومة

رئيس كتلة المستقبل لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة الحاضرة أدت إلى تردي الأوضاع على كل الأصعدة وقد آن الأوان لمعالجة ما ارتكبته من أخطاء

فؤاد السنيورة (أ.ف.ب)
TT

اعتبر رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأسبق ورئيس كتلة المستقبل النيابية، فؤاد السنيورة, أن الموقف الروسي تجاه القضية السورية يعود لعدد من القضايا غير المحلولة بعد, وهي ما زالت قائمة وشائكة بحد ذاتها تتحدد بعلاقة الاتحاد الروسي مع الغرب عموما وتتعلق بالدرع الصاروخية, قضية جورجيا, الشيشان, وقضايا عديدة في المنطقة لا علاقة لها بسوريا، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الأشياء التي يتألم لها الإنسان أن الدم السوري أصبح مادة للمساومة بين أعضاء هم في مجلس الأمن، وهم حريصون على السلم العالمي».

كما أبدى السنيورة اعتراضه على موقف الحكومة اللبنانية مما يحدث في سوريا لأنها «لجأت لاستعمال سياسة النأي بالنفس وكأنها وصفة سحرية». وأضاف: «هذه القضايا تستدعي موقفا واضحا من الحكومة اللبنانية من أجل القيام بمسؤولياتها».

وبين أن النظام السوري «يحاول أن يحصل على تأييد من العالم إذا صدقوه في موقفه بأنه يحارب قوى التطرف», مضيفا أنه «يحاول أن يصور شمال لبنان وكأنه أصبح مرتعا للإرهاب وللإرهابيين.. وهي صورة ملفقة عن الواقع».

وقال السنيورة إن حزب الله فقد تأييده وسط شريحة كبيرة من اللبنانيين «عندما حول البندقية التي كانت موجهة نحو إسرائيل إلى الداخل اللبناني، وبالتالي أصبح هذا السلاح يلعب لعبة التوازنات الداخلية، مما أفقده شرعيته التي قبله بها اللبنانيون».

وأضاف: «كنا نتمنى على حزب الله أن يقف حائلا دون الظلم الذي يمارسه النظام السوري على مواطنيه وعلى اللبنانيين، ونعتقد أن هذا الموقف الذي اتخذه حزب الله بالوقوف إلى جانب النظام السوري خطأ».

وحول علاقة بلاده بإيران قال رئيس الوزراء الأسبق إنه على الرغم من مساعيهم «بقيت إيران تتدخل بالشؤون اللبنانية والشؤون العربية، وتحاول أن تثير القلاقل، وأن تستعمل المكونات المختلفة للشعوب العربية من أجل إدخال البلاد العربية في مرحلة من التنازع فيما بينها, وأتمنى أن يعود المسؤولون الإيرانيون إلى رشدهم وإلى النظر إلى أن هناك الكثير مما يجمع الدول العربية مع الشعب الإيراني, ونحن نريد صداقة ولا نقبل أن يستعمل النظام الإيراني موارده من أجل أن يفرق بين الشعوب العربية ومكوناتها». «الشرق الأوسط» التقت رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأسبق ورئيس كتلة المستقبل النيابية، فؤاد السنيورة، في لندن، وكان لها معه حوار هذا نصه:

* ما موقفكم من موقف الحكومة اللبنانية مما يحدث في سوريا؟

نحن كعرب ومجاورين لسوريا, نستنكر ما تقوم به سوريا من مواقف متعسفة ومناهضة لمطلب جماهيري يعبر عنه السوريون في المطالبة بالحرية والكرامة، وفي التداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان, وكلها مطالب محقة ونحن لا نستطيع إلا أن نكون إلى جانبها, كما أننا في أكثر من مناسبة عبرنا عن موقفنا بأننا ضد أي عمل يؤدي إلى التدخل في شؤون سوريا الداخلية, ونحن ضد تهريب السلاح إلى سوريا، وهو أمر لم يحصل من قبل لبنان. وهذه مسؤولية الحكومة اللبنانية ومسؤولية الحكومة السورية, وأيضا تهريب المقاتلين، ونرفض مثل هذا الأسلوب, ولكن هذا لا يعني أننا غير معنيين بما يجري في سوريا، وأننا لا نعبر عن رأينا الحر بوضوح وصراحة في هذا الشأن.

والحكومة اللبنانية في بعض الأمور أخذت موقفا هو في النأي بالنفس عما يحدث من أمور, ولكننا نعترض على موقف الحكومة اللبنانية لأنها لجأت إلى استعمال هذه الوصفة وكأنها وصفة سحرية لاستعمالها في كل أمر، على الرغم من أن أعمالا تجري على الأرض اللبنانية من خطف أو قتل لبعض اللبنانيين من قبل السلطات السورية، أو من قبل الأمن السوري، التابعة للنظام، وهذا لا يحتمل على الإطلاق مواقف النأي بالنفس.. هذه القضايا تستدعي موقفا واضحا من الحكومة اللبنانية من أجل القيام بمسؤولياتها بحماية اللبنانيين, كما أن هناك موقفا ملتبسا اتخذه رئيس الحكومة فيما يتعلق بالرسالة التي أرسلها مندوب سوريا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، السفير الجعفري، التي يتهم فيها دولا عربية, ويتهم لبنان ويوحي بأنه أصبح مرتعا للإرهابيين ومرتعا لـ«القاعدة»، وهذا أمر مرفوض ومستنكر, ناهيك عن أنه أمر غير صحيح، مما استدعى من فخامة رئيس الجمهورية أن يتدخل ويعتذر عن هذا. هذه المواقف الملتبسة أنا ضدها، أما أن هناك قضايا تتعلق بالنأي بالنفس عن بعض الأمور فنعم نحن نوافق الحكومة اللبنانية على هذا المسعى, ولكننا في أماكن أخرى نرفض استعمال هذا الأسلوب لما يسمى وصفة سحرية لكل الأمور.

* حذر مسؤولون غربيون في عدة مناسبات من احتمالات تأثر لبنان بالأزمة السورية, فهل أثر الوضع السوري على الوضع في الداخل وخاصة السياسي والاقتصادي؟

- لا شك في أن النظام السوري يحاول أن يصور للعالم أن ما يقوم به هو موقف ضد قوى التطرف، وأنه هو الذي يؤمن الاستقرار ويؤمن الحماية للسوريين, بينما هو في الواقع لا يؤمن أبسط الحقوق الأساسية فيما يتعلق بالكرامة والحريات واحترام حقوق الإنسان وغيرها من المبادئ, لكن يحاول أن يحصل على تأييد من العالم إذا صدقوه في موقفه بأنه يحارب قوى التطرف، ولا سيما قوى «القاعدة»، وكذلك قوى التطرف الإسلامي التي يقول عنها إنها قوى إرهابية، وهذا المسعى يحاول أن يماثله بالقول إن هناك في لبنان قوى «القاعدة» والتطرف والإرهاب والتطرف الإسلامي وما شابه, ويحاول أن يخترع عددا من الأحداث لكي يعطي هذا الانطباع وهذه الصورة, وهذا أمر مرفوض، ونحن نعتقد أن هذه الأساليب لن تنجح؛ لأنها لا تعبر عن الواقع. كما أنه يحاول أن يصور شمال لبنان كأنه أصبح مرتعا للإرهاب وللإرهابيين, وإلباس تلك المنطقة هذا الطابع لا يتعلق بها على الإطلاق, وهي ترفضه كليا، وهي صورة ملفقة عن الواقع.

أما اقتصاديا فلا شك أن لتداعيات الوضع السوري آثارا على الوضع في لبنان, ولكن أيضا الحكومة الحالية في لبنان منذ أن تسلمت المسؤولية أسهمت بشكل أو بآخر من خلال تصرفاتها وتصرفات أعضائها وممارساتهم وسياساتهم، إلى حد بعيد، في حالة من الركود الاقتصادي الذي يعتبر غير مسبوق, فبعد أن كان لبنان ينعم خلال السنوات الأربع الماضية من 2007 إلى 2010 بطفرة من النمو غير المسبوق، حيث وصلت معدلات النمو الاقتصادي في لبنان إلى 8.5 في المائة في السنوات 2007 2010. والآن بسبب أداء الحكومة وممارسات أعضائها وتوجهاتهم ومجموعة الأحقاد التي تحرك بعضهم, نمو الاقتصاد هذه السنة لم يتعدَّ 1.5 في المائة. أدخلت هذه الحكومة البلاد في حالة ركود غير مسبوقة، ناهيك عن المؤشرات الاقتصادية الأخرى غير المتعلقة بموضوع النمو الاقتصادي في ميزان المدفوعات أو في العجز الأولي في الموازنة, أو التحويلات.

كما كان للموقف غير الواضح من الحكومة اللبنانية فيما يتعلق برسالة الجعفري أنها أرسلت رسالة خاطئة للعالم بأن هناك دولا عربية تسهم في تهريب السلاح وما شابه، إلى سوريا؛ لتمويل الإرهاب، وهذا خطأ كليا، مما أدى بهذه الدول العربية إلى أن قامت باتخاذ خطوات بالطلب من رعاياها عدم المجيء للبنان ومن فيه إلى المغادرة، وهذا له تأثير سلبي على الاقتصاد اللبناني والوضع بشكل عام. ونحن نتأذى والخطأ فيه يعود للحكومة اللبنانية.

* وهل أدت هذه الأحداث إلى توترات بين مختلف الكتل السياسية والأحزاب في لبنان؟

- أداء الحكومة دفع بالبلاد إلى حالة من التوتر, وأعتقد أنها هي التي أسهمت بأدائها وخلافات أعضائها التي يكيلوها بعضهم لبعض، في زيادة منسوب التوتر في لبنان, وانعكس هذا التشنج سلبا على علاقة اللبنانيين ببعضهم وعلى الأوضاع الاقتصادية والوضع الأمني.

* هل مواقف حزب الله من الوضع في سوريا أثرت على علاقته بمختلف الأحزاب والكتل السياسية بلبنان؟

- لا شك أن حزب الله أخذ موقفا واضحا وملتزما بموقف النظام السوري, وهناك حديث لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا يا رسول الله لقد فهمنا أن ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال أن تمنعه من الظلم». وكنا نتمنى على حزب الله أن يقف حائلا دون الظلم الذي يمارسه النظام السوري على مواطنيه وعلى مواطنيه اللبنانيين، ونعتقد أن هذا الموقف الذي اتخذه بالوقوف إلى جانب النظام السوري على الرغم من كل ما يفعله من ممارسات خاطئة فيها جرائم ضد الإنسانية, خطأ يرتكبه حزب الله في علاقته مع أشقائه اللبنانيين, وكنا نتمنى أن يتنبه إلى هذه الممارسات ويبتعد عنها ويسهم في المواقف التي تؤدي إلى أن يتوقف النظام السوري عن ارتكاب هذه الأخطاء المميتة.

* هل مواقف الحزب مبررة؟ وهل أثرت على شعبية نصر الله؟

- الوضع يتطلب موقفا حاسما, أما أن يستمر حزب الله في الوقوف إلى جانب النظام السوري على الرغم من الأخطاء المميتة التي يرتكبها فهذا خطأ كبير.. غير مبرر.

لا شك أن الممارسات التي يقوم بها حزب الله أدت إلى خسارة كبيرة, ولكن لا نشك في أنه ما زال يتمتع بشعبية لدى مجموعة من اللبنانيين.. لا نستطيع إنكار ذلك, لكن لشريحة كبيرة من اللبنانيين فهو قد فقد تأييدهم عندما حول البندقية التي كانت موجهة نحو إسرائيل إلى الداخل اللبناني، وبالتالي أصبح هذا السلاح يلعب لعبة التوازنات الداخلية، مما أفقده شرعيته التي قبله بها اللبنانيون عندما كانت موجهة ضد العدو الإسرائيلي، أما بعد أن انسحب العدو الإسرائيلي فقد آن الأوان لأن يتحول هذا السلاح ليصبح بيد الدولة اللبنانية التي لها الحق الوحيد والحصري في أن تحتفظ بالسلاح وتحتفظ بالحق في استعماله.

* تعالت الأصوات في اليومين الأخيرين وخاصة بعد مجزرة الحولة منادية بتدخل عسكري وتحدثت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، حتى عن احتمال تدخل خارج دائرة مجلس الأمن, فما موقفكم من هذه الدعوات؟

- أي إنسان عاقل يرفض أن يرى مشاهد هذه المذابح وهذا القتل المتعمد وهذا القتل الذي لا يفرق بين صغير وكبير وبين شيخ ورجل وامرأة, ولا يستطيع المجتمع الدولي أن يقف ساكتا إزاء ما يجري, ومطلوب منه أن يأخذ موقفا حاسما وحازما ضد استمرار هذا النظام في ارتكاب هذه المذابح, وبالتالي أن يوقف هذا الحال من اللاقرار والتردد والخلاف بين مكونات مجلس الأمن، وبالتالي ينبغي أن يبادر المجتمع الدولي وينبغي على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أن يتخذوا موقفا واضحا من النظام السوري حتى ينهي هذا العمل, ولست في موقع أن أبدي رأيي في مسألة التدخل العسكري.

* هل ترون أن خطة المبعوث الدولي كوفي أنان قد فشلت بالفعل؟ وما البديل حسب رأيكم؟

- الحقيقة أنها المبادرة الوحيدة الموجودة على الطاولة الآن, وهناك بعض المؤشرات التي توحي بأن النظام السوري يستعمل هذه المبادرة للتهرب من التجاوب مع طلبات أنان, ومن أجل كسب الوقت، فبالتالي ربما إذا لم يأت بجديد عما قريب فهذا الأمر سيتحول إلى مادة يستعملها النظام من أجل كسب مزيد من الوقت لكي يحاول أن يستمر في لعبة السلاح والقوة أملا في أن يغير الوضع إلى صالحه.

* ارتفعت الأصوات من السياسيين في الغرب والمتابعين للوضع السوري محذرة من إمكانية نشوب حرب أهلية في سوريا, وأكد البعض أنها على وشك أن تبدأ, فكيف تنظرون إلى هذه الاحتمالات؟

- النظام يستعمل هذه الحجة (الحرب الأهلية) كوسيلة للابتزاز وللتهديد بها من أجل ثني المنتفضين في المجتمع السوري والمطالبين بحقوقهم وبحريتهم, وللتأثير على الشعوب الصديقة للشعب السوري بأنه إذا لم تنصع هذه القوى لما يطلبه النظام فإنه سيهدد بالفتنة الداخلية والحرب الأهلية, والحقيقة أن ما يقوم به النظام السوري هو الذي يؤدي إلى هذه الفتنة التي يسعى لها، ويقوم كل يوم بخطوات من أجل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من النفور بين مكونات الشعب. وأنا على ثقة بأن السوريين واعون لما يخطط له النظام في سوريا, ولكن هذا يقتضي موقفا حازما وحاسما من طرف الدول الصديقة والشقيقة للشعب السوري من أجل منع النظام من الاستمرار في لعبة استعمال القوة والإرهاب والسلاح من أجل الوصول إلى مآربه في هذا الصدد.

* صدرت بعض التقارير مؤخرا متحدثة عن أن إيران تبحث في لبنان عن البديل لسوريا بعد سقوط نظام الأسد, وأنها تعرض خدماتها ومشاريعها الاستثمارية على لبنان وتتحرك في اتجاه التقرب من اللبنانيين؟

- طالما كنا ننادي بإنشاء علاقات سوية مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون وعلى احترام العلاقة العربية - الإيرانية، وأن تتوقف إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والشؤون اللبنانية, لكن مسعانا هذا لم يتحقق وبقيت إيران تتدخل بالشؤون اللبنانية والشؤون العربية، وتحاول أن تثير القلاقل وأن تستعمل المكونات المختلفة للشعوب العربية من أجل إدخال البلاد العربية في مرحلة من التنازع فيما بينها, وأتمنى أن يعود المسؤولون الإيرانيون إلى رشدهم وإلى النظر في أن هناك الكثير مما يجمع الدول العربية مع الشعب الإيراني, ونحن نريد صداقة ولا نقبل أن يستعمل النظام الإيراني موارده من أجل أن يفرق بين الشعوب العربية ومكوناتها، وأن يتدخل في الشؤون الداخلية العربية والشؤون الداخلية اللبنانية. ونرفض أي تدخل يؤدي إلى مزيد من الشروخ داخل المجتمعات العربية لمصلحة النظام الإيراني.

* يتردد في الأوساط السياسية أن وقوف روسيا إلى جانب النظام السوري ليس إيمانا منها بأن ما يفعله صحيح وإنما هي تبحث عن ثمن للتخلي عنه ولم تحصل عليه بعد, فهل هذا صحيح؟

- روسيا دولة طالما كانت صديقة للعرب وتقف إلى جانب الشعوب العربية ضد الأنظمة, وأستغرب أنها تقف الآن موقفا معاديا للشعب السوري والشعوب العربية، بينما تقف فعليا إلى جانب النظام السوري, ونحن حريصون على صداقتنا معها، لكن آن الأوان لأن ترى نتيجة المواقف التي تأخذها والتي تؤدي إلى تمادي النظام السوري في غيه وعدوانه, وأساليبه المؤدية إلى إلحاق الضرر بمصلحة الشعب السوري والشعوب العربية بالمذابح واستعمال القوة, وموقف روسيا يؤدي إلى مزيد من العنف، وبالمحصلة ليس للاعتدال بل العودة للتطرف, بعكس ما تقول الدولة الروسية عن عدم حصول فتنة, هي بعملها تساعد النظام السوري على المزيد من التطرف والعنف، مما يؤدي إلى إضعاف الاعتدال في سوريا وفي العالم العربي ككل. وليس من مصلحة لروسيا بأن يعتمد هذا الأسلوب.

ولا شك أن هناك قضايا أخرى ليست مقتصرة على موضوع سوريا، هناك قضايا أخرى عديدة غير محلولة بعد وهي ما زالت قائمة وشائكة بحد ذاتها تتحدد بعلاقة الاتحاد الروسي مع الغرب عموما، تتعلق بـالدرع الصاروخية, قضية جورجيا, الشيشان, وقضايا عديدة في المنطقة لا علاقة لها بسوريا، ولكن من الأشياء التي يتألم لها الإنسان أن الدم السوري أصبح مادة للمساومة بين أعضاء هم في مجلس الأمن وهم حريصون على السلم العالمي.

* هل لبنان ملتزم بالعقوبات المفروضة على سوريا؟ وهل تحصل تجاوزات؟

- نحن بلدان متجاوران, لكن لبنان حريص على أن يكون متقيدا بالعقوبات التي أقرت في مجلس الأمن, ونحن ملتزمون بذلك, وقد تكون هناك بعض التجاوزات من هنا وهناك قد حصلت لكن الدولة لا تتجاوزها.

* قضية المختطفين اللبنانيين.. ما حقيقة ما يحدث؟ وما موقفكم من القضية؟

- كان موقفنا واضحا وصريحا منذ البداية, باستنكار وإدانة هذا العمل، ونطلب من الحكومة اللبنانية أن تضع هذا الأمر كقضية أساسية يجب أن تنقلها إلى الحكومة السورية من أجل الإفراج عنهم, وأن يتوقف النظام السوري عن الاعتداءات التي يمارسها على الأرض اللبنانية وعلى المواطنين اللبنانيين، وعن الممارسات التي أدت إلى مقتل واستشهاد عدد من اللبنانيين بنيرانه.

* ما موقف قوى «14 آذار» من دعوة الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان للحوار الذي تمنى على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في اللقاء الذي جمعهما أول من أمس في المملكة أن يتوسط لدى فريق 14 آذار لحثه على المشاركة في الحوار؟

- العودة للتحاور من حق فخامة الرئيس أن يطالب بها، ولكن من حق الفرقاء المعنيين، ولا سيما فريق 14 آذار، أن يتساءل وبكل إخلاص عمن أوقف عملية تحقيق ما اتفق عليه في جلسات الحوار، ومن عطل مفاعيل ما اتفق عليه في الدوحة، وله أن يسأل إذا ما كان الفرقاء ما زالوا ملتزمين بما اتفق عليه في جلسات الحوار الماضية, هي أسئلة مشروعة ونريد إجابة صريحة عن هذا الأمر، تشاور بين فرقاء 14 آذار ونحن سنتعامل مع هذا الموضوع بكل ما يحتاجه من عناية.

* هل صحيح أن نواب وقياديي «التيار الأزرق» يتعاطون اليوم بليونة مع طرح ترؤس رئيس الحكومة الحالية، نجيب ميقاتي، لحكومة انتقالية تشرف على الانتخابات النيابية المقبلة؟

- عندما نصل إلى الجسر نفكر كيف نقطعه, هذه الحكومة تسبب أداؤها والأخطاء المتكررة التي يرتكبها أعضاؤها في أكثر من مجال في تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية في البلاد, ونحن نقول إنه من الضروري أن نسارع إلى استقالة هذه الحكومة والإتيان بحكومة جديدة تستطيع أن تخفض منسوب التوتر وتؤدي إلى معالجة الأمور التي ارتكبتها هذه الحكومة، وتمهد لأن تجري الانتخابات بشكل معقول في لبنان.

* ما أهم التحديات الداخلية التي تواجهكم حاليا؟

- نحن شديدو الحرص على أن تعود الدولة إلى ممارسة دورها في أنها هي الوحيدة التي يجب أن تكون حافظة للأمن والاستقرار في لبنان، وأن لا يكون هناك من سلاح على الأرض اللبنانية غير سلاح الدولة, وأن يكون كل سلاح آخر هو بإمرة الدولة, وحريصون على السلم الأهلي والاستقرار وعلى الأمن وعلى أن يبقى لبنان متمسكا بالقيم الأساسية التي قام عليها، وعلى أن يعود الأمن والاقتصاد والتنمية إلى ما يحتاجه اللبنانيون, الحكومة الحاضرة بأدائها أدت إلى تردي الأوضاع على كل الأصعدة، وقد آن الأوان لمعالجة ما ارتكبته هذه الحكومة من أخطاء.