خبراء يرسمون لـ «الشرق الأوسط» ملامح ما بعد محاكمة القرن

طرفا الدعوى يطعنان على الحكم.. وجدل قانوني بشأنه

TT

«ماذا بعد الحكم؟».. سؤال توارد على أذهان المصريين أمس عقب حكم المؤبد على الرئيس السابق حسني مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وبراءة باقي المتهمين في المحاكمة التي أطلق عليها إعلاميا «محاكمة القرن». وبينما أكدت هيئة الدفاع عن مبارك أنه سيتم الطعن على الحكم، مطالبين ببراءته وهو الموقف نفسه الذي اتخذه محامو المدعين بالحق المدني (شهداء ثورة 25 يناير) بأنهم سيطعنون على الحكم للمطالبة بإعدام مبارك والعادلي وباقي المتهمين.

يأتي ذلك في وقت اختلف فيه القانونيون والحقوقيون حول الحكم. وفي وقت قال فيه البعض إنه «سيتم إلغاء الحكم بمجرد الاستئناف»، أشاد آخرون بمعاقبة مبارك ووزيره معتبرين الحكم «متوازنا حسب الأدلة التي قدمت لهيئة المحكمة».

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد أصدرت حكمها في قضية قتل متظاهري ثورة 25 يناير 2011، قاضيةً بالسجن المؤبد لمبارك، والعادلي، وإلزامهما بالمصاريف الجنائية، والبراءة لمساعدي العادلي «أحمد رمزي، وعدلي فايد، وحسن عبد الرحمن، وإسماعيل الشاعر، وأسامة المراسي، وعمر الفرماوي»، كما قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية ضد كل من جمال وعلاء مبارك، وحسين سالم لانقضاء الأمد القانوني لقضية الفساد المالي المتهمين فيها.

وكشف المستشار عادل السعيد، النائب العام المساعد، أن النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود، قرر نقل مبارك إلى مستشفى سجن مزرعة طرة (القريبة من القاهرة) لتطبيق عقوبة الحبس عليه مرتديا بدله المساجين الزرقاء، وأشار في تصريحات أمس، إلى أن نجلي مبارك، علاء وجمال، سيبقيان في السجن على ذمة قضية جنائية أخرى تمت إحالتها الأسبوع الماضي لمحكمة الجنايات ضدهما مع 7 رجال أعمال آخرين بتهمة التلاعب في البورصة.

وأوضح السعيد أن «إدارة السجن ستتلقى الحكم لاتخاذ الإجراءات الخاصة بالإفراج عن باقي المتهمين في القضية والذين تمت تبرئتهم منها».

من جانبه، أكد يسري عبد الرازق، عضو هيئة الدفاع عن مبارك، أنه «سيتم الطعن بالنقض على الحكم»، وقال عبد الرازق لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكم مستأنف من الدرجة الأولى ويشوبه العوار وغير قانوني بالمرة»، لافتا إلى أن مبارك تمت التضحية به.

وقال أمير سالم، رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتنمية البشرية، محامي المدعين بالحق المدني (الشهداء)، إنه «سيتم نقض الحكم، لأنه دمر حقوق المدعين بالحق المدني»، واصفا الحكم بـ«السياسي». وأضاف سالم لـ«الشرق الأوسط»: «ضمنيا الحكم منح المتهمين (مبارك والعادلي) أسباب البراءة، التي سوف يستندان عليها أمام محكمة النقض، كما أن إحالة القاضي طلبات أهالي الشهداء أمام محكمة مدنية لصرف التعويضات سوف تأخذ وقتا».

وحول بقاء علاء وجمال في السجن من عدمه، قال سالم: «هما حصلا على البراءة، لكن سيبقيان في الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا أخرى».

من جهته، كشف الخبير الجنائي محمود عز الدين لـ«الشرق الأوسط» عن أن مبارك والعادلي قد يحصلان على أحكام مخففة في المستقبل، أما المحكوم عليهم بالبراءة فربما يحصلون على إدانات في درجات التقاضي التالية، أو البراءة.

في السياق نفسه، اختلف عدد من القانونيين والحقوقيين حول حكم المؤبد لمبارك والعادلي وبراءة باقي المتهمين، وقال الدكتور محمود ميرغني، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس، إن «الحكم سيتم إلغاؤه بمجرد الاستئناف، نظرا لعدم التوصل للفاعل الحقيقي في قضية قتل المتظاهرين»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «براءة علاء وجمال مبارك جاءت لعدم ثبوت الأدلة ضدهما، أو لعدم وجود أدلة كافية».

بينما قال المستشار حسن منصور، نائب رئيس محكمة النقض، إن «الحكم جاء متوازنا حسب الأدلة التي قدمت لهيئة المحكمة، حيث حكم على مبارك والعادلي بالأشغال الشاقة لمسؤوليتهما عن الضحايا إبان الثورة بحكم مناصبهما، وفي الوقت نفسه وجد القاضي صعوبة في إثبات تهم القتل على القادة الميدانيين وهذا ما يبرر براءتهم».

وأضاف منصور لـ«الشرق الأوسط»: أن «النيابة سوف تطعن على الحكم في الغالب خاصة فيما يتعلق ببراءة مساعدي العادلي»، مشيرا إلى أن الشعب هو من طالب بمحاكمة المتهمين أمام قاضيهم الطبيعي، لذا فعليه الرضا بالحكم الذي صدر بحقهم. وطالب بـ«عدم التظاهر والخروج للميادين انتظارا لما ستسفر عنه نتيجة الاستئناف».