«الإخوان» يستثمرون «حكم القرن» لصالح مرشحهم الرئاسي

دعوا للعودة إلى الميادين.. ومرسي يتعهد بإعادة التحقيقات حال فوزه

مواطنة مصرية من «أنصار مبارك» تعتدي على مصور فوتوغرافي عقب صدور النطق بالحكم في قضية القرن أمس (رويترز)
TT

دعت جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى اجتماع عاجل للقوى السياسية أمس عقب ساعة واحدة من النطق بالحكم في القضية المعروفة إعلاميا بقضية القرن التي أدين فيها الرئيس السابق حسني مبارك بتهمة قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير. وقالت الجماعة التي ينافس مرشحها الدكتور محمد مرسي في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك إن الاجتماع يهدف لـ«الاتفاق على ما يجب اتخاذه تجاه هذا الحدث الخطير».

وقال مراقبون إن الإخوان يعملون على استثمار الآثار السلبية للحكم على القوى السياسية والشارع المصري لضمان دعم مرشحهم في الاقتراع المقرر إجراؤه منتصف الشهر الحالي.

وعلق سياسيون على الحكم الذي صدر أمس بالسجن المؤبد على مبارك ووزير داخليته قائلين إنه أول الطريق إلى البراءة. وتنامى شعور لدى قيادات سياسية بارزة بأن الحكم خطوة في اتجاه احتواء الثورة التي أطاحت بمبارك مطلع العام الماضي، وفور النطق بالحكم أعلن أيمن نور زعيم حزب غد الثورة تأييده لمرشح الإخوان.

وأدار نور الذي كان وصيف مبارك في انتخابات عام 2005، مفاوضات خلال الأسبوع الماضي لإصدار وثيقتين تلزمان مرشحي الإعادة بضمانات بشأن مدنية الدولة وعدم العفو عن مبارك. وعلق مراقبون على تغيير موقف نور بقولهم إنه أول الغيث الذي ستستفيد منه الجماعة، مرجحين أن تتجه الأحزاب والقوى السياسية إلى دعم مرسي في مواجهة الجنرال شفيق المحسوب على نظام مبارك.

من جانبه، قال الدكتور حسن نافعة المنسق العام السابق للجمعية الوطنية للتغيير لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكم الصادر له طعم سياسي واضح.. ويبدو أنه تمت صياغته في أعلى دوائر صنع القرار في الدولة.. وتأثيره سلبي على المرشح شفيق».

وسعى الفريق شفيق قبيل إعلان النتائج النهائية للجولة الأولى التأكيد أنه لن يكون امتدادا للنظام السابق، وركز في خطابه السياسي على أنه لا عودة لما مضى، وأنه لا نية لإحياء عهد قديم، في محاولة لطمأنة مخاوف قوى ليبرالية ويسارية لا تزال تخشى من خلفيته العسكرية.

وأضاف نافعة الذي شارك في الاجتماعات الأخيرة بين القوى السياسية وجماعة الإخوان أن المجلس العسكري لا يزال يعمل على احتواء الثورة والخروج بأقل الخسائر الممكنة، لافتا إلى أن الاتجاه العام ما لم يكن لميدان التحرير (في إشارة للمظاهرات الاحتجاجية) رأي آخر سيكون دعم مرشح الإخوان المسلمين.

وواجهت جماعة الإخوان المسلمين انتقادات عنيفة من قبل أنصار الثورة وائتلافات الشباب، بعد تراجعهم عن المشاركة في احتجاجات ضد استمرار حكم المجلس العسكري الذي تسلم السلطة عقب رحيل مبارك، لكن الجماعة كانت تأمل في أن منافستهم لجنرال محسوب على نظام مبارك سيكون في صالح مرشحهم، وهو ما كذبته الوقائع على الأرض مع دعوة قوى سياسية وائتلافات شبابية لمقاطعة جولة الإعادة، أو الدعوة لإبطال الأصوات.

وأصدر مرشح الإخوان بيانا أمس أكد فيه التزامه بالقصاص لأرواح «شهدائنا الأبرار ومصابينا الأبطال»، مطالبا الشعب المصري باستمرار ثورته حتى تحقيق كامل أهدافها.

وقال مرسي في بيانه إن «الشهداء الذين كانوا وبحق زخم ووقود هذه الثورة، وكانت أرواحهم الطاهرة ودماؤهم الذكية ثمنا لحرية هذا الشعب ومقابلا لاسترداد كرامته، دفعه الشهداء والمصابون وأسرهم التي تجرعت نار الحزن والأسى، وكان عزاؤهم الوحيد أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وقد انتظر الشعب بكامله على مدار سنة ونصف الحكم الذي يقيم شرع الله ويعيد الحقوق إلى أصحابها ويعاقب الجناة الحقيقيين ويردع كل مَن تسول له نفسه المساس بأرواح أو دماء هذا الشعب، الذي أعاهده أنني سأكون مسؤولا أمام الله عن القصاص لهم من القتلة الحقيقيين».

وتابع البيان: «من أجل كل ذلك أؤكد ما يلي.. أتعهد فور تحملي المسؤولية حال تكليفي بها بالأمر بتشكيل أكفأ فريق عمل من رجال البحث الجنائي والأدلة الجنائية ورجال النيابة العامة والخبراء من كل المجالات، للبدء من جديد باتخاذ إجراءات الاتهام ثم التحقيقات في كل الجرائم التي ارتكبت ضد الثوار في كل محافظات مصر، وكذلك الجرائم التي ارتكبها رموز النظام السابق ضد الشعب المصري على مدار عقود ولا تسقط بالتقادم».

من جهته، قال الدكتور عصام العريان النائب الأول لرئيس حزب الحرية والعدالة لـ«الشرق الأوسط» إنه لا نية لدى الحزب أو الجماعة لطرح مطلب تسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني، وهو الطرح الذي بدأ يتردد عقب صدور الحكم على الرئيس السابق، وأكد أن «السبيل الوحيدة لنجاح الثورة هو الالتفاف حول مرشح الإخوان وبناء مؤسسة رئاسية قوية لمواجهة مخطط الثورة المضادة».

وأصدرت جماعة الإخوان بيانا أمس، عقب ساعة واحدة من صدور الحكم على مبارك، قالت فيه إن «هذا الحكم له دلالاته وتداعياته على واقع مصر ومستقبلها السياسي، وعلى الشعب المصري أن يشعر بالخطر العظيم الذي يهدد ثورته وآماله ويهدر دماء شهدائه وتضحيات أبنائه»، وتابعت: «إننا ندعو كافة القوى الوطنية والثورية للاجتماع العاجل للاتفاق على ما يجب اتخاذه تجاه هذا الحدث الخطير».

وأضاف بيان الإخوان أن الحكم في قضية قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير جاء صادما لأهالي الشهداء والشعب المصري كله، وعاد ليطرح من جديد السؤال: من قتل الشهداء ما دام قادة الشرطة أبرياء؟

وتساءل الإخوان في بيانهم: «إذا كانت الأدلة أمام القضاء غير كافية، فلا بد أن تتم محاكمة الأجهزة التي أخفت عنهم الأدلة وتخلصت منها، ورفضت أن تمد النيابة العامة بها رغم مطالبة النيابة لها بها، وهو ما ذكرته النيابة في مرافعتها».

ودعت جماعة الإخوان أمس أنصارها إلى العودة إلى ميادين مصر للاحتجاج على الأحكام الصادرة بحق المتهمين، والتي جاءت معظمها بالبراءة لقيادات الشرطة المتهمين في القضية.

وركزت الآلة الإعلامية للإخوان على قضية يعتقد أن لها صلة بالأحكام المخففة وأحكام البراءة التي صدرت أمس، وهي القضية المعروفة باسم «قضية إتلاف وثائق هامة تتعلق بوقائع قضية مبارك ومساعديه»، أثناء تولي الفريق شفيق رئاسة الوزراء، وهو ما اعتبره مراقبون اتجاها لتحميل شفيق جانبا من مسؤولية الأحكام التي أثارت غضب الشارع المصري، لصالح مرشح الإخوان.

وقال مراقبون إن جماعة الإخوان تسعى إلى تجييش القوى الثورية في مواجهة شفيق، وتصوير المعركة الانتخابية المقبلة كصراع بين الثورة ونظام مبارك.