خطاب الأسد يستغل فشل «أحلام الربيع العربي» ويعلن «الخيار شمشون»

خبراء: يخاطب «المترددين» وأصحاب المصالح

TT

في خطاب مطول، وفي ظل إدانات دولية واضحة لنظامه، هدد الرئيس السوري بشار الأسد أمام الجلسة الأولى لمجلس الشعب الجديد أول من أمس بالاستمرار في مكافحة ما سماه «الإرهاب مهما كان الثمن»، كما شكك في وطنية معارضيه قائلا إنهم مرتزقة ويتم الدفع لهم مقابل التظاهر ضده. ويقول خبراء سياسيون لـ«الشرق الأوسط» إن الأسد حاول مغازلة شريحة من الشعب السوري من المترددين أو أصحاب المصالح، كما أنه سعى لتوجيه رسالة استباقية لسيناريو عنيف سيسلكه في المرحلة المقبلة، معتمدا على عدم استعداد العالم للدخول في مواجهات في الفترة الحالية، إضافة إلى فشل أحلام الربيع العربي في عيون الكثير من المواطنين السوريين.

وأشارت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن الأسد كان يوجه خطابه إلى شرائح مهمة بالداخل وأخرى بالخارج، وأن هذا الخطاب كان يحمل رسائل مختلفة. وأضافت بكر لـ«الشرق الأوسط» أن «بشار - إضافة إلى محاولة بث الطمأنينة في فئة المنتفعين - سعى لاستمالة الفئة المترددة بالداخل التي تفضل التوجه نحو الاستقرار عن المغامرة بغض النظر عن الخسائر السابقة، مستندا في ذلك إلى أن هؤلاء لم يروا نهاية صورة ناجحة للدول التي خاضت الربيع العربي، حيث إن أغلب هذه الدول ما زالت تعاني من صراعات داخلية بعد التخلص من حكامها». وتتابع أن الجزء الآخر من الرسالة موجه للعالم الخارجي، «وهو الجزء الذي يرسخ فيه لوجود الإرهاب بديلا عنه في حال تخليه عن موقعه في سوريا، تاركا الخيار المفتوح أمام العالم: أنا أو الإرهاب».

وتوضح بكر أن الأسد يستغل يقينه بأن العالم غير مستعد لخوض مواجهات جديدة للمضي قدما في طريقه، حيث إن أميركا منشغلة حاليا بانتخاباتها الرئاسية المقبلة، وأوروبا منغمسة في البحث عن حلول لأزمتها المالية العالقة في الأفق التي أكد محللون أنها تشبه الأزمة المالية لعام 2008، إلى جانب التوازنات الموجودة بتأييد روسيا والصين له.. وهي أمور تطمئن الأسد إلى أن العالم لن يغامر وغير مستعد لمواجهة سريعة.

من جهته، يشير الخبير السياسي، الدكتور محمد عبد العزيز إلى أن الأسد أعلن في خطابه صراحة أنه منطلق في «الخيار شمشون»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمور في سوريا وصلت إلى مرحلة لن تجدي معها الحلول السياسية.. فالأسد متيقن أن تركه للسلطة الآن -وتحت أي اسم - معناه نهاية حياته، حيث وصلت حدة الأزمة إلى مرحلة الثأر، ولذلك فهو يواصل قتاله لأنه لا يوجد ما يخسره، بل إنه قد يلجأ إلى مرحلة استخدام الأسلحة المحظورة أو الكيماوية إذا أيقن أنه صار محاصرا وأشرفت نهايته».

أما الخبير النفسي الدكتور إيهاب حسن، فيرى أن «الرئيس السوري بشار الأسد وصل إلى أخطر مراحل الديكتاتور.. فهو محاصر خارجيا وداخليا، وبطانته تحاول إقناعه أنه على صواب طمعا في استمرار مصالحها، إلى جانب أنه تعدى مرحلة الشعور بعقدة الذنب أو الإنسانية تجاه ضحاياه»، مضيفا أن ذلك يعني «أن الأسد بلغ مرحلة النهاية على المستوى النفسي، وأقرب مثال يمكن مقاربته به هو نيرون».