الحذر والقلق يخيمان على طرابلس رغم الانتشار الكثيف للجيش والقوى الأمنية

الاحتقان المذهبي يبلغ ذروته ويترجم بإحراق محلات تجارية للعلويين

لبنانيون يتفقدون آثار الاشتباكات في حي باب التبانة بينما تقف مدرعة للجيش اللبناني في طرابلس أمس (رويترز)
TT

على الرغم من مضي 48 ساعة على وقف إطلاق النار في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، والانتشار الكثيف للجيش والقوى الأمنية، فإن الحذر بقي مخيما على منطقتي باب التبانة وجبل محسن اللتين كانتا مسرحا للاشتباكات المسلحة على مدى ثلاثة أيام. وترجم هذا الحذر باستمرار الإقفال شبه التام للأسواق والمحلات التجارية والأفران ومحطات المحروقات، ما جعل حركة السير وتجول المشاة شبه معدومة في مناطق التوتر.

وأفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» بأن «الشلل لا يزال يعم المناطق الساخنة، لا سيما في شارع سوريا وبعل الدراويش وأحياء منطقة القبة، الواقعة على تماس مع جبل محسن»، مشيرة إلى أن «العائلات التي نزحت من مناطق الاشتباكات لم تعد إلى منازلها بعد، بسبب الخوف من تجدد المعارك في أي لحظة وعدم التوصل إلى حل سياسي، على الرغم من الانتشار الكثيف لوحدات الجيش وقوى الأمن الداخلي».

وأكدت المصادر أن «الاشتباكات الأخيرة مبنية على تراكمات سابقة، وهو ما يزيد من حالة الاحتقان المذهبي بين الطائفتين العلوية والسنية في طرابلس، والدليل على ذلك إحراق بعض المحلات التجارية لأشخاص علويين موجودة في المناطق السنية، في شارع عزمي وباب التبانة والملولة والقبة، وهو ما يبقي النار تحت الرماد، لأن المعالجة لم تتناول جذور المشكلة».

إلى ذلك، أعلن مصدر أمني أن «الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي أنهوا انتشارهم في المواقع التي كانت مسرحا للأحداث»، معتبرا أن «الخطة الأمنية نفذت بنجاح، وهي تأخذ طريقها نحو تثبيت الأمن والاستقرار وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه». وحدد المصدر لـ«الشرق الأوسط» المواقع التي انتشر فيها الجيش، فأوضح أن «فوج مغاوير البحر موجود في شارع سوريا في منطقة باب التبانة، أما فوج التدخل فهو منتشر في أحياء الريف، البقار طلعة الرفاعية والأميركان، في حين تتمركز آليات مصفحة وعناصر من اللواءين الخامس والعاشر عند مداخل جبل محسن وبعل الدراويش ومنطقة الملولة»، موضحا أن «دوريات لقوى الأمن الداخلي تجوب هذه المناطق من دون توقف». وردا على سؤال عن تأخر عودة الحركة إلى طبيعتها حتى الآن، رأى المصدر أنه «من الطبيعي بعد الذي حصل، وبعد هذا الكم من الضحايا (14 قتيلا وأكثر من 50 جريحا)، أن يلعب العامل النفسي دوره في نفوس الناس، لكن من المؤكد أن الناس ستعود إلى منازلها وأعمالها، إن لم يكن اليوم فغدا أو بعد غد، ويبقى المهم أن وقف النار ثابت والقوى الأمنية لن تتهاون من الآن وصاعدا مع أي خرق أيا يكن مصدره».

أما على الصعيد السياسي، فأعرب رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن ارتياحه لعودة الهدوء في منطقة طرابلس، مثنيا على «التدابير التي اتخذها الجيش والقوى الأمنية لضبط الوضع وإعادة الاستقرار الأمني»، ودعا «الأفرقاء المعنيين إلى الاتعاظ وأخذ العبر من التوتير الأمني والاقتتال»، مشددا على «أهمية الجلوس إلى طاولة الحوار وطرح كل الهواجس بكل انفتاح ونية طيبة، وتحت هدف حماية لبنان وصون السلم الأهلي وإبقائه في منأى عن تداعيات وارتدادات ما يحصل من تطورات»، ورأى سليمان أنه «لا حل حقيقيا إلا بالحوار بين الأفرقاء اللبنانيين حول كل القضايا المطروحة».

إلى ذلك، بحث قائد الجيش العماد جان قهوجي مع عضوي كتلة المستقبل النائبين خالد زهرمان ونضال طعمة وفاعليات مدينة طرابلس، التطورات الأخيرة في منطقة الشمال ودور الجيش في حماية المواطنين والتصدي للعابثين بالأمن. وعبر الوفد عن «كامل ثقته بالمؤسسة العسكرية ودعمه للإجراءات التي اتخذها الجيش لإعادة فرض الأمن والاستقرار في المدينة». في حين أكد وزير الدفاع الوطني، فايز غصن، أن «الجيش يقوم بدوره في مختلف المناطق، لا سيما في الشمال على أكمل وجه، وأن المطلوب من السياسيين تسهيل قيامه بمهامه وإزالة العوائق التي تحول دون إتمام عمله».