باريس قلقة من تمدد الأزمة السورية إلى لبنان

وزير الخارجية الفرنسي يناشد السياسيين اللبنانيين التحلي بـ«حس المسؤولية»

TT

ندد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأحداث طرابلس في بيان وزعته الوزارة أمس كما أنه تناول الملف السوري وأبعاده اللبنانية في لقائه نظيره الألماني غيدو فسترفيلي في برلين ظهر أمس قبل توجه الأخير إلى تركيا، المحطة الأولى في جولته في المنطقة التي تشمل لبنان وقطر والإمارات العربية المتحدة والتي ستتركز على الأزمة السورية والمخارج الممكنة لها.

وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع فسترفيلي في برلين، نبه فابيوس مجددا من المخاطر المترتبة على خروج الأزمة في سوريا من نطاقها الداخلي ووصولها إلى لبنان، وقال: إن فرنسا «حريصة على لبنان وتتمنى بشدة تفادي وضع يعاني فيه الشعب اللبناني مجددا مما يحدث في سوريا». وجاء في بيانه تأكيده على «تمسك فرنسا بسلامة واستقرار لبنان».

وحتى وقت قريب، كان المسؤولون الفرنسيون يعبرون عن «إعجابهم» بالطبقة السياسية اللبنانية التي نجحت، رغم اختلافاتها العميقة بخصوص الأزمة السورية، في «النأي» بلبنان عن تأثيراتها. غير أن الأحداث الأخيرة ضاعفت مخاوف المسؤولين الفرنسيين الذين يخشون أن تسعى دمشق إلى «تصدير» أزمتها إلى لبنان.

وتعمل الدبلوماسية الفرنسية على أكثر من صعيد، على توفير «شبكة حماية» للبنان. لكنها ترغب في أن يقوم الجانب اللبناني بما عليه في هذا السياق. لذا، فإن الوزير فابيوس أكد مجددا على «أهمية أن يستمر السياسيون اللبنانيون في التحلي بحس المسؤولية». وفي السياق عينه، رحبت باريس بدعوة الرئيس اللبناني ميشال سليمان الزعماء السياسيين إلى جلسة حوار وطني في 11 الجاري، وشجعت اللبنانيين على إعادة وصل خيوط الحوار الذي وصفته بأنه «السبيل الوحيد» من أجل تهدئة التوترات الحالية. وعبر فابيوس مجددا عن دعم فرنسا للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية التي يجب أن تكون، وفق قوله، «الجهة الوحيدة المخولة بحمل السلاح في لبنان».

وما زالت باريس تسعى لدفع روسيا من أجل تغيير موقفها من النظام السوري رغم أن الرئيس بوتين صم أذنيه عن الدعوات التي وجهت إليه بهذا المعنى حتى الآن، ومن أعلى الجهات. وبدا التشدد الروسي خلال زيارة بوتين السريعة يوم الجمعة إلى برلين وباريس وبمناسبة المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس فرنسوا هولاند، حيث رفض فرض عقوبات دولية على النظام السوري، ورفض قبول ترحيله.. كما أن موسكو كررت مرات كثيرة معارضتها لأي تدخل عسكري في سوريا. واعتبر فابيوس أمس أن النظام في دمشق «سينهار» تحت ثقل الأزمة التي تضرب سوريا منذ 15 شهرا.

غير أن زيارة فابيوس إلى برلين كانت لهدف آخر هو السعي لتوحيد المواقف بين فرنسا وألمانيا، التي تفترق في أكثر من موضوع، ومنها تقويم الدور الروسي. وتعارض برلين بشدة أي تدخل عسكري في سوريا بينما قال هولاند إنه «لا يستبعده» شريطة أن يتم بقرار من مجلس الأمن.

وبدا اختلاف الرؤية مجددا في حديث للوزير غيدو فسترفيلي لصحيفة ألمانية أمس، حيث اعتبر أنه «نظرا لخطورة وتعقد الوضع في سوريا، لا ينبغي أن نثير توقعات غير مناسبة بادعاء القدرة على إيجاد تسوية سريعة من خلال تدخل عسكري» في هذا البلد. كذلك، يبدو البلدان مختلفين في تقويم العمل الدبلوماسي الروسي، خصوصا في مجلس الأمن وطريقة تعاطي كل من هولاند والمستشارة ميركل مع الرئيس بوتين. وفي حين بدا الرئيس الفرنسي «صداميا» في تأكيد مواقفه من غير مواربة، فإن ميركل كانت أكثر «دبلوماسية» بالتركيز على نقاط الالتقاء، وأولها البحث عن «حل سياسي»، ما يعني استبعاد التفكير بالتدخل العسكري.