اليمن: أصوات الرصاص تتصاعد ودعوات الحوار تستمر

توقعات بموافقة ناصر والعطاس.. ورفض البيض من الجنوبيين لحضور مؤتمر الحوار الوطني

طفل يمني يعاني من نقص التغذية على آلة وزن في مستشفى السبئيين في صنعاء، أمس (رويترز)
TT

يحاول الجيش اليمني استعادة مدينة شقرة من المقاتلين المرتبطين بـ«القاعدة» في إطار حملة عسكرية تساندها الولايات المتحدة. وشقرة بلدة ساحلية تقع على خليج عدن وتتحدث تقارير عن أن مقاتلي «القاعدة» من خارج اليمن، وعلى الأخص من الصومال، يدخلون البلاد عبرها، بعد أن يتسللوا على مراكب صغيرة.

وتشعر الولايات المتحدة ودول الخليج العربية بالقلق بشأن تدهور الوضع الأمني في اليمن، حيث رسخ المتشددون المرتبطون بـ«القاعدة» وجودهم خلال الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وبينما كان صالح مشغولا بالتصدي للاحتجاجات التي أطاحت به في آخر الأمر كثف المتشددون أنشطتهم في محافظة أبين في الجنوب فقتلوا مسؤولين بالرصاص ونهبوا مستودعات للذخيرة وسيطروا على مناطق للمرة الأولى في التاريخ.

وتدعم الولايات المتحدة التي ساعدت على التوصل إلى اتفاق أدى إلى تنحي صالح وتسليم السلطة لنائبه في فبراير (شباط)، الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش اليمني في الجنوب، وكثفت الغارات التي تشنها باستخدام طائرات من دون طيار على من تعتقد أنهم من أعضاء تنظيم القاعدة الذين تقول إنهم يتآمرون لشن هجمات انطلاقا من اليمن.

وأرسلت أيضا عشرات المدربين العسكريين وزادت المساعدات لليمن، حيث تريد أن يعيد الرئيس عبد ربه منصور هادي توحيد الجيش ويركز جهوده على مكافحة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

ودخلت القوات اليمنية وسط مدينة زنجبار الجنوبية، عاصمة محافظة أبين، حيث حاربت مقاتلي التنظيم يوم الأحد. واشتبكت مع إسلاميين قرب بلدة جعار على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الشمال.

ومن ناحية أخرى قالت وزارة الدفاع في رسالة نصية إن انتحاريين استهدفا نقطة تفتيش تابعة للجيش في لودر، وهي بلدة أخرى في أبين، فقتلا 4 أشخاص وأصابا خامسا. وقتل أيضا الانتحاريان اللذان كان أحدهما متخفيا في زي امرأة.

واستهدف انتحاري آخر المكان نفسه في وقت لاحق وفجر نفسه عندما طالبه مقاتلون متطوعون مؤيدون للحكومة بالاستسلام.

وانسحب المتشددون الشهر الماضي من لودر بعدما واجهوا مقاومة شرسة من المقاتلين الذين نظموا أنفسهم في لجان شعبية للدفاع عن أرضهم.

وقال أبو سعدة، وهو أحد رجال القبائل الذين يحاربون إلى جانب الجيش في محافظة أبين: «التخلص من هؤلاء يتطلب وقتا. إنهم مثل الوباء»، مشيرا إلى مقاتلي «القاعدة».

وبينما يستعر القتال في الجنوب قتل 34 شخصا على الأقل في اشتباكات ليلة أول من أمس، الاثنين، بين سلفيين والمتمردين الحوثيين في شمال اليمن.

واستغل الحوثيون الانتفاضة في اليمن ليقيموا لأنفسهم دولة داخل الدولة في محافظة صعدة الجبلية بشمال البلاد على الحدود مع السعودية.

وقال السفير الأميركي لدى اليمن في وقت سابق هذا العام إن هناك علامات على أن إيران أصبحت أكثر نشاطا في اليمن وتمثل خطرا على أمنه واستقراره. وتنفي إيران التدخل هناك. وقال متحدث باسم السلفيين إن المقاتلين الحوثيين هاجموهم ليل أول من أمس، الاثنين، في منطقة كتاف بمحافظة صعدة. وقال متحدث لـ«رويترز» أول من أمس: «استعدنا السيطرة على موقع جبلي في منطقة الدماج بعد اشتباكات عنيفة مع الحوثيين قتل خلالها 18 من المهاجمين إلى جانب 16 من مقاتلينا». وأضاف أن عشرات أصيبوا خلال الاشتباكات.

وتواجه لجنة الاتصال التي شكلها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي صعوبة في إقناع الأطراف المختلفة لحضور مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده حسب مقررات المبادرة الخليجية، فعلى الرغم من أن الحوثيين وافقوا على حضور مؤتمر الحوار، فإنهم لا يزالون يؤكدون رفضهم للمبادرة الخليجية وما تمخض عنها من حلول سياسية، وهو الأمر الذي جعل خصومهم يتهمونهم بالموافقة على الحوار من أجل تجنب الظهور بمظهر من يعرف الحل السياسي في البلاد، الأمر الذي من الممكن أن يعرض صاحبه للعقوبات الدولية، ثم إن الحوثيين لا يخشون أن تتم تسوية سياسية معينة من دونهم إذا ما غابوا عن طاولة الحوار.

وتشكل موافقة قادة الحراك الجنوبي على حضور مؤتمر الحوار الوطني عقبة كبيرة أمام لجنة الحوار المشكلة، وذلك لإصرار بعض قياداته على عدم الحضور، ويأتي في مقدمة الذين من المحتمل أن يقاطعوا الحوار علي سالم البيض الذي يتزعم فصيلا حراكيا يطالب بانفصال الجنوب عن الشمال. غير أن كلا من حيدر أبو بكر العطاس وعلي ناصر محمد، وهما من قيادات الجنوبيين في الخارج، من المحتمل أن يوافقوا على الحوار. وقال مسؤول يمني في لجنة الاتصال إن وفدا من الحكومة اليمنية سيلتقي الأسبوع المقبل بالرئيس السابق لجنوب اليمن، علي ناصر محمد، لكن علي سالم البيض، وهو انفصالي بارز آخر، تولى رئاسة الجنوب أيضا لن يشارك على الأرجح في المحادثات.

وبين السعي الحثيث لعقد مؤتمر الحوار والتداعيات الأمنية في الجنوب والشمال يظل مستقبل البلاد أقرب إلى الغموض، مع تشبث كثير من الأطراف بمواقفها، وتباطؤ عملية التحول السياسي في البلاد التي ترزح تحت وطأة الفقر والفساد والانقسام السياسي والاضطراب الأمني.