نتنياهو يكسر تمرد وزرائه

حي «أولبانا» الاستيطاني قد يهدم الشهر الحالي

TT

تمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من كسر تمرد وزرائه ونوابه في موضوع إخلاء حي استيطاني قرب رام الله، وذلك بعد أن خوفهم بخطر مواجهة المحكمة الدولية لجرائم الحرب. فاقتنع غالبيتهم بضرورة إسقاط مشروع القانون الذي سيبحث اليوم في الكنيست. وإذا تم فعلا إسقاط المشروع، فإن إخلاء الحي المذكور سيتحقق في الأيام القريبة المقبلة، أي قبيل انتهاء المدة التي حددتها المحكمة (نهاية الشهر الجاري).

وكانت المحكمة قد أوضحت أن الأرض التي أقيم عليها الحي المذكور في مستوطنة بيت إيل، قد بيعت بأوراق مزيفة، حيث إن صاحب الأرض المسجلة كان في السابعة من عمره عندما بيعت الأرض سنة 2000، وإن هناك عددا من المواطنين الفلسطينيين من عائلة فرح هم أصحاب الأرض الحقيقيون، ويرفضون التنازل عن أرضهم أو بيعها بأي ثمن كان.

وشرح نتنياهو لوزرائه ونوابه الأخطار التي ستتعرض لها إسرائيل سياسيا وقضائيا إذا تم سن القانون المذكور. فقال إن قرار محكمة العدل العليا واضح وقاطع، وإن على حكومة إسرائيل أن تحترمه وتطبقه: «لقد حاولنا بكل الطرق الممكنة تغيير القرار، ولم نستطع. والحل أمامنا لا يكون في سن قانون يجهض قرار المحكمة، خصوصا أنه يتعلق بقضية يهتم بها العالم أجمع». وأضاف نتنياهو: «أقول إن العالم كله مهتم بها، بما في ذلك محكمة لاهاي. وأرجو أن لا تستخفوا بمحكمة لاهاي».

وأفزع نتنياهو غالبية الوزراء والنواب من حزب الليكود، الذين كانوا قد وعدوا المستوطنين بأن يمنعوا إخلاء وهدم بيوتهم وأطلقوا تصريحات يؤكدون فيها أنهم سيتمردون على نتنياهو ويصوتون في الكنيست مع القانون الذي يبقي على الحي المذكور في المستوطنة، وبدا لافتا أن أبرز صقور حزب الليكود، نائب رئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، كان أول من تراجع عن موقفه. فأعلن عن معارضته القانون المذكور وتأييده لنتنياهو، ثم تلاه وزير المعارف، غدعون ساعر، الذي كان قد ناصر المستوطنين بحماس، وقال إن هدم حي أولبانا سيترك آثارا كارثية على أهم منجزات الحركة الصهيونية، ثم تراجع عن هذا الموقف وأعلن أنه سيصوت ضد القانون ومع نتنياهو.

ولكن رئيس الكنيست روبي رفلين، ورئيس الائتلاف الحكومي زئيف ألكين، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الداخلية إيلي يشاي، أعلنوا أنهم سيصوتون مع القانون، دعما للمستوطنين. واعتبر مصدر مقرب من نتنياهو هذا التصرف «مزايدة على رئيس الحكومة، ونفاقا للمتطرفين وانتهازية رخيصة، بعد أن أصبح واضحا أن القانون لن يحظى بأكثرية». وأكدت تقديرات مكتب نتنياهو أن القانون سيسقط خلال البحث اليوم في الكنيست، وذلك لأن نواب أحزاب المعارضة اليسارية والنواب العرب ونواب «كاديما» وغالبية نواب الليكود، وفي مقدمتهم نتنياهو نفسه وأربعة نوابه في رئاسة الحكومة، سيصوتون ضده. وفي هذه الحالة، سيتم إخلاء البيوت في حي «أولبانا» بالقوة بواسطة الشرطة المحمية بالجيش. وسيتم قص البيوت بمنشار كهربائي عملاق ونقلها كما هي إلى موقع آخر في المستوطنة نفسها، يدعون أنه قائم على أراضي الدولة. وبالمقابل، كان نتنياهو قد وعد المستوطنين بتعويضهم ليس بالمال فحسب، بل ببناء 10 بيوت عن كل بيت يخلى. يذكر أن المستوطنين يواصلون حملتهم الاحتجاجية ضد إخلاء الحي. وقد بلغ عدد المضربين عن الطعام احتجاجا، 20 مضربا. وما زالت مستمرة مسيرة المستوطنين، التي ستستقر مقابل مقر الكنيست اليوم. وقال قادة المستوطنين، الذين تعززت قوتهم جدا في الانتخابات الأخيرة لمؤسسات الليكود، إنهم أجروا «استطلاع ولاء» هاتفيا لفحص كيفية رد منتسبي الليكود على موقف الوزراء بالنسبة للقانون المذكور، فوجدوا أن 73 في المائة من أصل 83 ألف منتسب لليكود شاركوا في الاستطلاع، أعلنوا أن الوزير الذي يصوت ضد القانون «سيفقد النقاط» عند ترشيحه لينتخب لقائمة الليكود المقبلة في الكنيست.

وتواجه حملتهم رد فعل غاضبا في الصحافة الإسرائيلية، التي امتدحت نتنياهو على قراره، وقالت إن معارضيه يفقدون البوصلة ولا يكترثون لمصالح إسرائيل في الخارج. وكتب عكيفا الدار في «هآرتس» أن من العار أن الصراع القائم اليوم داخل الائتلاف الحكومي هو على عملية سرقة أرض فلسطينية وعملية احتيال على القانون وفساد مالي، إذ إن الجميع يعرفون أن هذا الحي أقيم بالسلبطة والتزوير.