بانيتا في الهند وسط اهتمام أميركي متزايد بآسيا

واشنطن تبدل موقفها وتريد من نيودلهي «لعب دور أكبر» في أفغانستان

سينغ (الثاني يمينا) أثناء اجتماعه مع بانيتا في نيودلهي أمس (أ.ب)
TT

بدأ وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أمس زيارة إلى الهند، يجري خلالها محادثات تتمحور حول نقل واشنطن أولوية استراتيجيتها نحو آسيا حيث يرى المسؤولون الأميركيون في نيودلهي شريكا محوريا محتملا.

وقد تعززت العلاقات الأمنية مع الهند في السنوات الأخيرة لكن ما زال يتعين على المسؤولين الأميركيين تحديد دور الصين والهند في إطار استراتيجيتهم الجديدة في المنطقة كما يرى محللون. ويبحث بانيتا في زيارته التي تستغرق يومين في إطار جولة تستمر تسعة أيام قادته حتى الآن إلى فيتنام وسنغافورة، في تعزيز علاقات الدفاع وجهود الحلف الأطلسي الحربية في أفغانستان ونفوذ الصين الاقتصادي والعسكري المتزايد في آسيا، بحسب مسؤولين أميركيين.

والتقي بانيتا بعد ظهر أمس رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ ومستشار الأمن القومي شيف شانكار مينون ومسؤولين آخرين قبل أن يلقي خطابا اليوم الأربعاء. وكانت الهند البلد الوحيد المذكور بالاسم كشريك حيوي في خطة الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي كشفها في يناير (كانون الثاني) الماضي الرئيس باراك أوباما. ويقول مسؤولون أميركيون إن البلدين يتشاركان التقاليد الديمقراطية والمخاوف حول موقع الصين وتهديد المتشددين الإسلاميين في جنوب آسيا. وقال مسؤول دفاعي كبير رفض الكشف عن اسمه «استراتيجيا نرى الهند كشريك مع الكثير من المصالح المشتركة».

لكن البلدين خاب أملهما بسبب عدم إحراز تقدم في المبادلات التجارية وفي قطاع الأسلحة خصوصا. فعلى الرغم من ارتفاع مبيعات الأسلحة الأميركية إلى نيودلهي إلى حد كبير في العقد الفائت، رفضت الهند في أبريل (نيسان) الماضي عروضا من شركات أميركية على عقد بقيمة 12 مليار دولار لتزويد الجيش الهندي بطائرات مقاتلة. وباتت شركة داسو الفرنسية تجري مفاوضات حصرية مع نيودلهي حول هذه الصفقة. وأعربت الهند من جهتها عن الاستياء حيال قيود التصدير الأميركية التي تحول دون حصولها على أسلحة أميركية فائقة التطور.

وفيما يتعلق بأفغانستان، قال مسؤولون أميركيون إن بانيتا سيشجع خلال زيارته، الهند على الاضطلاع «بدور أكبر» في أفغانستان. وكانت واشنطن أعربت في السابق عن قلقها من العداء بين الهند وباكستان الذي يمكن أن يؤدي إلى توتر في المنطقة، وفضلت الولايات المتحدة أن تضطلع نيودلهي بدور متواضع في أفغانستان يقتصر على تدريب القوات وتطوير البنى التحتية. لكن مسؤولين تحدثوا للصحافيين طالبين عدم الكشف عن هوياتهم لدى وصول بانيتا ذكروا أن السياسة الأميركية قد تغيرت في إطار انسحاب قوات الحلف الأطلسي المبرمج بحلول نهاية 2014. وقال مسؤول في الدفاع طالبا عدم الكشف عن هويته «في السنوات العشر الأخيرة، ولأسباب لا تحصى، لم تضطلع الهند بدور نشط في أفغانستان. إننا نشجع الهند على الاضطلاع بدور أكبر في أفغانستان، دور سياسي واقتصادي أكبر». وتأمل الولايات المتحدة في أن تطور الهند تدريب قوات الأمن الأفغانية، كما ذكر المصدر في وزارة الدفاع.

وعلى الرغم من تفضيل الهند تحسين العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة، فإنها اختارت وضع قيود على المسألة بما يفسح أمامها هامش مناورة، بحسب محللين. وقال كبير مستشاري مركز الأمن الأميركي الجديد للأبحاث الذي يتخذ في واشنطن مقرا باتريك كرونين إن «الهند ترفض الالتزام بالأهداف الأميركية بالكامل وهي حاليا غارقة في جمود سياسي وتباطؤ اقتصادي». وأثمرت العلاقة الأمنية بين الهند والولايات المتحدة عن تعزيز التعاون بين سلاحي بحرية البلدين وتحسين التبادل الاستخباري. وقال كرونين إن «التعاون البحري (مع الولايات المتحدة) هو إحدى الفوائد الملموسة الرئيسية ولا يزال عدد المناورات الثنائية والثلاثية مع الهند على مستوى قياسي».

وتأتي زيارة الهند في إطار جولة من تسعة أيام في آسيا شملت فيتنام وسنغافورة حيث أعلن بانيتا عن خطط أميركية لتعزيز وجود البحرية الأميركية بمواجهة توسع نفوذ الصين. وفي فيتنام، كان بانيتا وزير الدفاع الأميركي الأول الذي يزور خليج «كام ران باي» الذي كان يشمل مرفأ ومطارا مهمين للقوات الأميركية خلال حرب فيتنام. ومن على متن سفينة تموين تابعة للبحرية الأميركية تخضع للصيانة في «كام ران»، اعتبر بانيتا أن هذه الميناء مهم استراتيجيا وقد تدعم إعادة التوزيع العسكرية الأميركية باتجاه المحيط الهادي.