المستشار الغرياني رئيس مجلس القضاء: هناك قوى تحاول إغراق مصر في الفوضى

المستشار مكي لـ«الشرق الأوسط»: الأزمة في السلطة وتعمدها طمس الأدلة في محاكمة مبارك

TT

رفض المستشار حسام الغرياني، رئيس مجلس القضاء الأعلى في مصر، الاتهامات الموجهة إلى القضاء بالتواطؤ، بعد الحكم بتبرئة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه وعدد من مساعديه في قضايا فساد مالي وقتل المتظاهرين السبت الماضي، وأكد الغرياني أمس أن «هناك قوى تحاول إغراق مصر في الفوضى وتهدم السلطة القضائية»، وتابع قائلا: «اتقوا الله في مصر».

لكن المستشار أحمد مكي، عضو مجلس القضاء الأعلى السابق، رفض اعتبار انتقاد الحكم تدخلا في أعمال القضاء واستقلاله، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن حالة الغضب الموجودة الآن هي تعبير عن حالة يأس من قدرة القضاء بإجراءاته العادية في ظل طمس الأدلة وعدم رغبة السلطة السياسية، في إجراء محاكمات عادلة لبقايا النظام السابق».

وعقد المستشار حسام الغرياني، رئيس مجلس القضاء الأعلى، أمس، مؤتمرا صحافيا، للرد على الاتهامات الموجهة إلى القضاء، ورفض الغرياني، الذي بدا منفعلا جدا، الحديث عن محاكمة الرئيس السابق والحكم الصادر فيها، مؤكدا أنه «لن يتحدث في هذا الموضوع مطلقا لأنه تدخل في المحاكمة».

وشدد الغرياني على أن هناك قوى تحاول إغراق مصر في الفوضى وتهدم السلطة القضائية، مشيرا إلى أن ما جرى من حديث في البرلمان وفي وسائل الإعلام تعليقا على الحكم الصادر في قضية مبارك وآخرين، إنما صدر ممن لم يطلعوا على الحكم، ولم يتبينوا أوجه الصواب من الخطأ فيه، موضحا أن «الألسنة انفلتت بعبارات مهينة للقضاء والقضاة، ولم يخفت هذا الصخب رغم مبادرة النائب العام إلى الطعن على الحكم بكامل أجزائه وصار أمره إلى محكمة النقض».

وقال الغرياني إن هذه الأحداث بالشكل والحجم الذي جرت به، لا بد أن تكون صادرة عن راغب في استكمال عناصر الفوضى في مصر الثورة وهدم السلطة القضائية التي بقيت متماسكة عند الانهيار الكامل للسلطتين التنفيذية والتشريعية، رغم علم الجميع بمساهمتها بالدور الأكبر في إعادة بناء السلطة التشريعية على أسس من الديمقراطية والشفافية والنزاهة عبر انتخابات نزيهة.

ودعا الغرياني الجميع أن يكفوا عن التعرض لإجراءات قضائية وأحكام مطعون عليها أمام محكمة النقض التي تمثل قمة هرم السلطة القضائية لتقول فيها حكم القانون بقول فصل، وأن يرتفع نواب الشعب إلى مستوى المسؤولية التي علقها الشعب في رقابهم لصيانة بنيان الوطن ومؤسساته الدستورية.

وأكد الغرياني ضرورة أن يحيط الشعب والنواب والحكومة السلطة القضائية بما استحقته في أدائها لواجبها الوطني من مهابة واحترام، وأن تكون الرقابة على الأحكام وفقا لطرق الطعن التي رسمها القانون، مؤكدا حرص قضاة مصر على مواصلة أدائهم لرسالتهم السامية على النحو الأكمل والأمثل، مشيرا إلى أن مجلس القضاء الأعلى انتهى من إعداد مشروع قانون للسلطة القضائية تمهيدا لعرضه على البرلمان، من شأنه أن يكرس استقلال السلطة القضائية عن سلطات الدولة الأخرى. وأنهى الغرياني المؤتمر قائلا «اتقوا مصر.. اتقوا مصر.. اتقوا مصر».

من جهته، اعتبر المستشار أحمد مكي، عضو مجلس القضاء الأعلى السابق، أن «حالة الغضب الموجودة حاليا ليست تدخلا في أعمال القضاء المصري، لكنها تعبير عن حالة اليأس الموجودة عند الناس من قدرة القضاء بإجراءاته العادية على توضيح الحقيقة، في ظل طمس الأدلة وعدم رغبة السلطة السياسية، في محاسبة المسؤولين السابقين، وضرورة التنبيه بجدية المحاكمات فقط»، مشددا على أن «الاحتجاج ليس على القضاة وإنما على محاولات طمس الأدلة وعدم تقديم الشهود فقط».

وحول دعوات بعض المتظاهرين إلى تشكيل محاكم ثورية للقصاص من الجناة، قال مكي إن «الأزمة ليست في تشكيل المحكمة وإنما في جدية المحاكمة نفسها، فلا حقيقة دون تقديم أدلة من قبل السلطة القائمة، ولو كانت المحكمة عادية وقدمت الأدلة الدالة على تورط المتهمين في القتل والفساد لكانت المحكمة حكمت بحكم يرضي المواطنين»، موضحا أن «الأزمة في السلطة التي لا تريد إجراء محاكمات عادلة، والقضاء ثوريا كان أو عاديا هو جزء من السلطة المهيمنة».