المفاوضات بين الخرطوم وجوبا لم تسجل أي تقدم بشأن تحديد منطقة منزوعة السلاح

أوكامبو في تقريره لمجلس الأمن حول دارفور: المتهمون الأربعة طلقاء مما يعتبر تحديا مباشرا للمجتمع الدولي

TT

لم تسجل مفاوضات السلام بين السودان وجنوب السودان أمس في أديس أبابا أي تقدم، لعدم توصل الطرفين إلى اتفاق على النقطة الأولى الواجب تسويتها وهي تحديد منطقة حدودية منزوعة السلاح. وصرح نيال دينق نيال، وزير خارجية جنوب السودان، للصحافيين بأن «مواقف الطرفين ما زالت متباعدة حول هذه المسألة، وما زلنا غير قادرين على التفاهم على ترسيم خط للمنطقة المنزوعة السلاح».

ويجتمع وفدا جوبا والخرطوم منذ أسبوع في العاصمة الإثيوبية، حيث يوجد مقر الاتحاد الأفريقي الوسيط في الأزمة السودانية. وقد استأنفا محادثات السلام التي توقفت في مطلع أبريل (نيسان) الماضي بسبب نشوب معارك بين السودان وجنوب السودان اعتبرت الأعنف منذ إعلان الجنوب انفصاله في يوليو (تموز) 2011. وتهدف المفاوضات التي تجري تحت رعاية الاتحاد الأفريقي إلى تسوية الخلافات العالقة بين الدولتين بعد مرور أحد عشر شهرا على تقسيم السودان.

وفي أديس أبابا، يدخل موضوع إقامة منطقة حدودية منزوعة السلاح في صلب المحادثات. وقد التقى الاثنين وزيرا دفاع البلدين في العاصمة الإثيوبية لمناقشة هذه المسألة. وعقد اجتماعهما على خلفية اتهامات جديدة من قبل جنوب السودان للشمال بالقيام بعمليات قصف جوي، ونفي الخرطوم لهذه الاتهامات.

وعلى الرغم من تقسيم السودان في يوليو الماضي، فإنه لم يتم ترسيم خمس الحدود المشتركة بين البلدين. وتتنازع جوبا والخرطوم على مناطق بأكملها، مثل منطقة أبيي التي تضاهي مساحتها مساحة لبنان، ويؤكد الشمال انسحابه منها بعد سنة من الاحتلال. وفضلا عن مسألة الحدود، لم يتوصل الشمال والجنوب إلى تفاهم بشأن تقاسم موارد السودان النفطية قبل التقسيم. فقد ورثت جوبا ثلاثة أرباع احتياطي النفط الخام، لكنها تبقى مرتهنة لتصديره بالبنى التحتية الواقعة في الشمال. ويتبادل الجانبان أيضا الاتهامات بتحريض المتمردين على أراضي كل منهما.

إلى ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم اللجنة السياسية والأمنية المشتركة في المفاوضات بين السودان وجنوب السودان تواصل المباحثات وفقا للقرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي وخارطة الطريق التي وضعها الاتحاد الأفريقي، وذلك لليوم الثاني على التوالي، والتي أكدت على أهمية إيلاء الأولوية للمسائل الأمنية من ناحية وقف العدائيات وإيقاف دعم الحركات المتمردة.

وقال السفير عمر دهب، المتحدث الرسمي باسم الجانب السوداني في اللجنة، إنه رغم أن وفد حكومة جنوب السودان قد أقحم مسائل مثل وضع حالة الطوارئ في المناطق الحدودية وتبادل السفراء، والتي وصفها السفير بأنها سوف تحيد بالمفاوضات عن مسارها، فإن التفاوض سوف يتواصل وفقا للجدول الموضوع والذي ناقش حتى الآن ثلاث مسائل من بين ست، وهي وقف العدائيات والانسحاب داخل حدود كل دولة ووقف دعم ومساندة الحركات المتمردة. وأشار دهب في تصريحات صحافية إلى أن السودان يتمسك بالاعتماد على الخرائط التي لها مرجعية، ومن بينها الخرائط التي اعتمدت حين اعترف السودان بدولة جنوب السودان عقب الانفصال، والخرائط التي تستخدمها الأمم المتحدة الآن في دولة جنوب السودان بعثة «اليوناميس»، وتلك التي تستخدمها بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (اليوناميد).

ونوه دهب بأن الاتجاه العام في المفاوضات لليوم الثاني على التوالي هو أن يتم إكمال المفاوضات حول المسائل الأمنية، وهو أمر يفرضه المنطق والحاجة الملحة، ثم يعقب ذلك الحديث حول المسائل الأخرى. ومن جانبه، قال عاطف كير، المتحدث باسم وفد جنوب السودان في المفاوضات، لـ«الشرق الأوسط»، إن وفده قدم خريطة الدولة الجديدة أمس وتضم مناطق متنازعا عليها مع السودان تطالب بها جوبا. وأضاف «في جلسة اليوم (أمس) قدم وفدنا خريطة رسمية تحتوي على جميع المناطق المتنازع عليها وتطالب بها جوبا بما فيها هجليج»، مشيرا إلى أن وفده طالب بأن تصبح المنطقة المنزوعة السلاح والتي حددت بعشرة أميال شمالا وجنوبا خالية من القوات من الجانبين إلى حين الوصول إلى اتفاق نهائي بشأنها. وقال إن وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين رفض خريطة جنوب السودان لأنها تحتوي على المناطق المتنازع عليها، وطالب بتأجيل الجلسة لمنح وفده مزيدا من الوقت لدراسة الخريطة الجديدة، معتبرا أن الوفد السوداني يعمل على كسب الزمن وأنه غير جاد في التوصل إلى اتفاق مع بلاده.

وقال إن الوفد السوداني طلب رفع الجلسة إلى حين إجراء مشاورات في ما بين أعضائه، والاتصال بالخرطوم ومن ثم الجلوس مع الوساطة في اجتماع منفصل معها، ومن ثم يتم تحديد موعد جديد لاجتماع مشترك للوفدين.

من جهة أخرى، وخلال تقريره الذي بدأه باستعراض الأنشطة القضائية خلال الفترة الماضية، قال لويس أوكامبو، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في تقريره الخامس عشر إلى مجلس الأمن الدولي حول ملف دارفور، إن «الإخفاق في إلقاء القبض على المطلوبين الأربعة أحمد هارون، وعلي كوشيب، وعبد الرحيم حسين، والرئيس البشير، وتسليمهم، يعتبر تحديا مباشرا لسلطة المجلس. فقد توصلت المحكمة فعلا إلى نتائج قضائية تفيد بعدم امتثال حكومة السودان في ما يتعلق بالتزاماتها الناجمة عن القرار 1593 لعام 2005، ومن الواضح أنه يتعين على المجلس أن يحدد الاستخدام الصحيح والمناسب للتدابير لضمان امتثال حكومة السودان». وحسب تقرير أوكامبو فقد «فشلت حكومة السودان في مسؤوليتها عن التعاون مع المحكمة وإلقاء القبض وتسليم أولئك الأفراد الذين تريد المحكمة الجنائية الدولية تسليمهم. وبالتالي يقع الالتزام بضمان الامتثال الآن على الأسرة الجماعية للدول. وعلى مجلس الأمن أن ينظر ما هي التدابير التي يمكن اتخاذها لضمان تنفيذ أوامر إلقاء القبض من دون تدخل عسكري». وأضاف أن «تنفيذ أوامر إلقاء القبض داخل الأراضي السودانية هو المسؤولية الأولى لحكومة السودان. ويمكن للمجلس تقييم إمكانيات جديدة تتعلق بالقانون والعمليات لتنفيذ قراراته الصادرة بموجب الفصل السابع في قضية السودان.